حازم أحمد فضالة ||
دُخْتُ في اختيار عنوان يناسب محتوى المقال، لأنّي أردتُ الحديث عن هذه الاتفاقية العملاقة، فرأيت الذي نسجها هو فنان قادم من مصانع الكاشان، حيث يتخرج فيها (حائك السَّجّاد)؛ ولأجل ذلك نسجتُ لها العنوان شطرًا من البحر البسيط.
والفكرة هي أنّ الاتفاقية هذه ناقشت فعلًا الاستثمار حتى في مجال (دودة القَزّ) بين الجمهورية الإسلامية والصين، وتظل مواد وبنود الاتفاق تتموسق وصولًا إلى الشراكة والتطوير في مجال الأقمار الصناعية، فكانت اتفاقيةً مِنَ الحشرة إلى القمر!.
نشرنا مقالًا بتاريخ: 18-آذار-2021، بعنوان:
مفتاحُ البوَّابة الدولية وليس كُوَّةَ كُوخ
(شيعة العراق)
وذكرنا به هذه الفقرة المتعلقة بساسة الشيعة في العراق: (تنظيم لجنة تنبثق من الإطار التنسيقي للتواصل مع دولتَي روسيا والصين).
أما المطلوب فيما يتعلق بالصين فقد ذكرناه في هذه الفقرة:
(أولًا: الصين وطريق الحرير الذي يمر خلال العراق، والاتفاقية الصينية مع العراق والجمهورية الإسلامية، التي يمكن تفعيلها وربط الاتفاقيتين بمشاريع إستراتيجية مشتركة).
اليوم بعد قراءتنا مضمون الاتفاقية الذي نُشِرَ بعنوان: (برنامج الاتفاق الشامل بين جمهورية الصين الشعبية والجمهورية الإسلامية الإيرانية)؛ وجدنا العراق يتمتَّع بمساحة واسعة في هذا البرنامج، وعلى وفق الآتي:
ذُكِرَ في البرنامج:
١- المادة السابعة: التعاون في دولة ثالثة.
نَصَّت المادة على:
(بالنظر إلى المصالح المشتركة في مبادرة الحزام والطريق؛ يشجع الطرفان التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف من خلال البرنامج المشترك في الدول المجاورة أو في الدول الأخرى).
وهنا لنا أن نعلم بأنَّ ذِكر تعبير (الدول المجاورة) يشمل العراق بالضرورة، هذا بسبب الخارطة المرسومة لمبادرة الحزام والطريق، لكن من خلال متابعتنا لمواد البرنامج نجد أنَّ المتمسك بالعراق بقوة هي الجمهورية الإسلامية، وليس العراق متمسكًا بنفسه!.
٢- الملحق الرقم (2)
أهم العناوين لبرنامج الشراكة الشاملة لمدة (25) عاما.
المشاركة الفعالة في الحزام والطريق.
الممرات الإقليمية والدولية:
ذُكِرَ في الفقرة الأخيرة من العنوان في أعلاه:
(التباحث حول تطوير بناء ممر السكة الحديدية، لزيارة المقامات عن طريق باكستان، إيران، العراق، سورية والمشاريع ذات الصلة).
٣- الملحق نفسه في أعلاه، أي: الرقم (2)، ذُكِرَت بعض المواد تحت عنوان: التعاون الإقليمي.
نذكر المواد التي تخص العراق، وهي:
أولًا: تصميم وتنفيذ برنامج مشترك لتطوير ونقل موارد الطاقة في العراق.
ثانيًا: مشاركة الصين في الإنتاج ونقل الكهرباء بين إيران والدول المجاورة.
ثالثًا: الاستثمار المشترك لبناء محطات الكهرباء وخطوط النقل في باكستان وأفغانستان والعراق وسورية، وإمكانية التعاون المشترك لصادرات الكهرباء في إطار مبادرة (الحزام والطريق) إلى باكستان وأفغانستان، وتبادل الكهرباء بإنشاء الممر الشرقي الغربي في إيران.
رابعًا: التعاون المشترك في توريد وتبادل الكهرباء بين الدول الواقعة على طريق الحرير في إطار مبادرة (الطريق والحزام).
انتهى
· لا غنى للعراق عن الصين
لا يمكن أن نسمح للإحباط أن يتوغَّل إلى أنفسنا نتيجة ضغوط الظرف السياسي؛ فيصنع قرارًا بعنوان (لا حاجة لنا بالصين)! منطلقين من سبب حركتها البطيئة في الوقوف مع حلفائها الاقتصاديين بوجه المعسكر الغربي.
الحركة الذكية لتفعيل التعاون الصيني مع العراق بهذا الحجم؛ هو من خلال فتح آفاق التعاون مع الجمهورية الإسلامية، وهو ما أشرنا إليه سابقًا (تشبيك المصالح)، عند فرض ربط المصالح في الساحة المحلية (العراق)، ونقله للساحة الإقليمية (إيران)، ومِنْ ثَمَّ تكون عملية نقله واقعًا لا مفرَّ منه للساحة الدولية (الصين)؛ بذلك تظهر وحدة المصالح، وتفرض الضغوط نفسها لتحقيق الاتفاقية مع العراق.
أما مسألة أن نترك الصين ونعتمد على أنفسنا؛ فهذا وهْم فقط.
· آفاق النظام المالي العالمي الجديد
أعلنت الجمهورية الإسلامية في هذه الاتفاقية أنّ التعامل يكون بالعملات الوطنية للبلدين، وشجعت بأنّ النظام المالي العالمي سينطلق من الصين، وأنّ الجمهورية الإسلامية أصبحت على وفق هذا البرنامج الشامل تتمتع (بالعضوية الكاملة في منظمة شنغهاي التعاونية).
كذلك تُنشَأ المصارف المحلية والدولية للتعامل بين الدولتين، والدول التي تنضم للاتفاقية فيما يتعلق بمبادرة (الطريق الحزام).
مِنْ هنا بدأ النظام المالي العالمي الحالي بالانهيار بصورة متسارعة أكثر، هذا النظام الأميركي يتجه الآن إلى المذبح الصيني - الإيراني ليقدم كلماته الأخيرة ويرحل.
اليوان الصيني المغطى بالذهب، وبعضه ذهبيٌ أصلًا وتجاوزت التعاملات به عشرين مليارًا، والاحتياطي الصيني من العملة الصعبة يتجاوز ثلاثة تريليون دولار، أما أميركا في الجهة الأخرى فهي باختصار على هذا الحال في أدناه:
أ- الدولار الأميركي غير مغطىً بالذهب، وهو مرتبط بالنفط لا غير.
ب- الديون الداخلية المترتبة على أميركا تجاوزت ثلاثة وسبعين تريليون دولارًا.
ج- الديون الخارجية المترتبة على أميركا تجاوزت ثلاثة وعشرين تريليون دولارًا.
د- سجلت الموازنة الفيدرالية في أميركا عجزًا قياسيًا بلغ (3.1) تريليون دولار في نهاية العام المالي: 2020.
ختامًا نقول لعناصر القوة في العراق: إنها بحاجة إلى إعادة العمل بالاتفاقية الصينية، والاتفاقية مرتبطة أصلًا بصورة إستراتيجية مع الجمهورية الإسلامية، ولا يوجد أي أمل باتفاقات بديلة، لا اتفاق أميركي، ولا عربي من جماعة خط أنابيب نفط (سوميد) أو (كركوك - حيفا) ولا غيره، الاتفاق يكون عن طريق الجمهورية الإسلامية نحو الصين، لأنَّ الاتفاق مشترك، تأكدوا أنَّ أميركا ليست مستعدة أن تبني لنا كوخًا من قصب، لكن الجمهورية الإسلامية اتفقت مع الصين على التعاون والتطوير بدءًا من دودة القَزِّ حتى الوصول للأقمار الصناعية.
والحمد لله ربِّ العالمين
https://telegram.me/buratha