بهاء الخزعلي||
تسعى الولايات المتحدة الأميركية دائما للحفاظ على الهيمنة العالمية، من خلال سيطرتها على طرق الملاحة والتجارة العالمية، وكذلك سياسة البترودولار حيث يباع النفط في الأسواق العالمية بالدولار، مما يعطي قوة للعملة الأميركية عالميا، وذلك يسهل على الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية على خصومها، لكن الولايات المتحدة أخطأت التقدير في هذه المرة، حيث تناست أن العقوبات على الدول الصاعدة قد يدفعها إلى التحالف فيما بينها، والتعاضد للوقوف بوجه الهيمنة الأميركية، حيث يشهد العالم الآن تحالف ثلاثي بين روسيا والصين وإيران، ويعتبر ذلك التحالف بمثابة الكابوس للولايات المتحدة.
● المعطيات التي دفعت تلك الدول لإقامة ذلك التحالف الثلاثي:
* عملية التطويق المستمر وفرض العقوبات على الصين على الرغم من أن الولايات المتحدة هي أكبر مستورد للبضائع الصينية.
* فرض العقوبات على إيران وعدم عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي.
* دعم الولايات المتحدة الدول الأوروبية لمحاصرة روسيا دبلوماسيا.
* رغبة الصين في التوسع، ورغبة روسيا للعودة لمكانتها العالمية، والرغبة الإيرانية في الانتعاش الاقتصادي، ورغبة الدول الثلاثة للخلاص من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
●أسباب الحلف الثلاثي
*حفظ الأمن القومي:
حيث تريد الصين السيطرة على جنوب بحر الصين وكذلك حفظ أمنها في وسط آسيا، وروسيا توجه أنظارها نحو البلطيق وأوربا الشرقية وشرق المتوسط وتحفظ أمنها في وسط آسيا، وإيران تريد توجه أنظارها نحو شرق المتوسط ومنطقة البحر الأحمر وتحفظ أمنها في وسط آسيا، وهذه الشراكة الكاملة الحاصلة الآن، تؤدي إلى تكامل إستراتيجي بين الحلفاء الثلاثة.
* التعاون الاقتصادي:
تسعى روسيا لتطوير اقتصادها من خلال التعاون مع الصين للعودة إلى العالمية من جديد، أما الصين تريد الخلاص من الحصار الذي تفرضه أميركا عليها، والمضي قدما بخارطة الحزام والطريق مستفيدة من الموقع الجغرافي لإيران، حيث تعتبر إيران عقدة مواصلات أساسية في منطقة أوراسيا، أما إيران تريد أن تكون شريك أساسي لأكبر اقتصاد في العالم وهو الاقتصاد الصيني، ويكون اقتصادها مدعوم بشكل كبير ويكون التعاون التجاري بين البلدان الثلاث بالعملة المحلية، مما يقوض نفوذ الدولار في تعاملاتهم التجارية، وقد تستغني إيران عن السوق العالمي إذا ما صدرت كل نفطها إلى الصين إذا شاءت، وذلك التعاون الاقتصادي سيؤدي إلى انتعاش اقتصادي لتلك الدول، مما يفقد العقوبات الأمريكية تأثيرها على البلدان الثلاث، وقد نشهد دخول إيران في منظمة شنغهاي مع روسيا والصين، خصوصا وأن إيران لديها اتفاقية إستراتيجية مع روسيا والصين، والصين لديها اتفاقية مع روسيا وإيران، وكذلك روسيا مع البلدين الحليفين.
* التعاون الجيوسياسي:
تريد الصين وإيران غلق طرق التغلغل الأميركي في منطقة أوراسيا، رفع سقف التحدي أمام الولايات المتحدة في قضية الهيمنة العالمية، حيث يعتبر هذا التحالف الثلاثي تحالف عسكري سياسي اقتصادي، ضد السياسة الخارجية الأميركية التي أثبتت فشلها في الآونة الأخيرة في عدت ملفات، حيث خسرت الولايات المتحدة في حسم ملف سوريا لصالح روسيا، وكذلك ملف اليمن لصالح إيران، وملف ليبيا لصالح تركيا، مما يؤكد تراجع الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة على صعيد السياسات الخارجية، وذلك مما لا شك فيه سيؤثر على مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، إذا ما تم مد سكك حديد من ميناء (بندر عباس وشاه بهار) إلى فنلندا، حيث تنتقل البضائع من الصين إلى إيران وإيصالها إلى شمال أوربا عبر روسيا، مما يؤدي لخلق طرق جديدة بعيدة عن السيطرة الأمريكية على تلك الطرق، كذلك تطوير المواني الإيرانية وربطها بطرق ملاحتها مثل ميناء كوادر الباكستاني، مع شبكة المواني التي طورتها الصين في بعض البلدان الأوروبية كاليونان، وبالتالي تستقر تجارتها عن الهيمنة الأميركية.
●العوائق التي قد تسعى أليها أمريكا للأضرار بالاتفاق الإيراني الصيني والضغط على روسيا:
* دعم الولايات المتحدة لخلق أزمة في (شنجيانغ) باعتباره أحد الطرق للتجارة الصينية.
* دعم الولايات المتحدة للهند لإعادة إثارة قضية منطقة كشمير باعتبار أن الطريق سيمر من شينجيانغ مرورا بكشمير.
* دعم الولايات المتحدة لخلق أزمة بمينمار للتأثير على استقرار مقاطعة يونان في جنوب شرق الصين.
* حث الولايات المتحدة إسرائيل لدعم إذربيجان لخلق أزمة في كرباخ كما حدث في العام الماضي لقطع الطريق بوجه الربط السككي بين إيران وأوربا.
* دعم جماعات في روسيا للقيام بتظاهرات ضد بوتن لخلق أزمة داخلية في روسيا وتفعيل أزمة القرم في أوكرانيا من جديد.
* التصعيد اتجاه بنما بسبب علاقة الصين بنيكاراغوا وحفر القناة موازية لقناة بنما في نيكاراغوا.
كل هذا في إطار تطويق الصين لمنعها من تحويل هذه القوة الاقتصادية لقوة إستراتيجية لكي تبقى كما قال بريجينيسكي عملاق اقتصادي مطوقا بالأزمات
● ختاما
إذا ما نجحت الدول الثلاثة في تخطي العقبات الأمريكية، والذهاب بالتعاون التجاري بالعملة المحلية، والحد من سيطرة الدولار على العالم، قد نشهد انضمام دول أخرى لذلك التحالف مثل كوبا وفنزويلا وكوريا الشمالية، وقد يؤثر ذلك بشكل أو بآخر على الريادة العالمية للولايات المتحدة، وقد نشهد مشهدا جديدا غير سيطرة القطب الواحد (الولايات المتحدة) على العالم.
https://telegram.me/buratha