حازم أحمد فضاله ||
اليوم بألم بالغ نسمع ونقرأ تسويغات غريبة من قائمتنا (الفتح) بشأن التصويت على موازنة 2021، وهي تسويغات لغة الضعيف، المتراجع، الذي يتحرك في مِساحة حرجة دون أي ورقة ضغط يمتلكها، وهذا لا يناسب مكانة وحجم قائمة أو كتلة الفتح، فكيف وصلت هذه الكتلة القوية إلى هذه المِساحة الضيقة؟
في انتخابات 2018 نحن نعلم أنه تبلور في مجلس النواب تحالفان: البناء، الإصلاح والإعمار.
كان من أبرز قوائم تحالف البناء هي: الفتح، القانون، وتكاملت مع العطاء، تحالف القوى العراقية، المحور الوطني...
أما تحالف الإصلاح والإعمار فكانت أبرز قوائمه هي: سائرون، النصر، الحكمة، الوطنية، القرار، الجبهة التركمانية...
وهكذا كان تحالف البناء يمثل (الكتلة الأكثر عددًا) حسب تعبير الدستور، لكن الذي حدث هو اتفاق الفتح مع تحالف الإصلاح واختيار السيد عادل عبد المهدي رئيسًا لمجلس الوزراء، وهذه الحركة من قائمة الفتح أفرزت مشكلتين:
١- كسر نصاب تحالف البناء، والخروج على الاتفاق مع الكتل المنضوية تحته.
٢- خرق الدستور من خلال ضياع مفهوم وقيمة ومحورية (الكتلة الأكثر عددًا) التي ترشح رئيس الوزراء وتنظم الحكومة.
إنَّ الخرق الدستوري له تبعات ليس من السهل أن تهضمها القوى السياسية، ولن تمر على الدولة بسلام، بعد مدة قليلة انسحب السيد عمار الحكيم من تحالف الإصلاح والإعمار، وقرر بأنّ تياره يمثل معارضةً لحكومة عبد المهدي!.
بدأت التظاهرات بتاريخ: 1-تشرين الأول-2019، وتنصَّل تحالف الإصلاح عن الحكومة التي أسسها مع قائمة الفتح!، وأُسقِطَت حكومة عبد المهدي (الشيعية)، السيد عادل حمَّل المسؤولية للسيد مقتدى والسيد العامري كونهما من جاء به رئيسًا للحكومة.
طُرِحَت بعض الأسماء لشغل المنصب، نحو: توفيق علاوي، أسعد العيداني، محمد شياع السوداني... لكن قائمة الفتح بدأت تفقد بريقها في نظر (سائرون) وصارت سائرون تتشاور مع رئيس الجمهورية تاركةً الفتح خلف ظهرها!.
حتى نيسان 2020 اجتمعوا على ترشيح الكاظمي (بما فيهم قائمة الفتح) ولم يقاطع عملية ترشيح الكاظمي غير دولة القانون بقيادة المالكي.
الفتح التي ساهمت بتكليف عبد المهدي، وإسقاطه، وتكليف الكاظمي، ربما لم تكن تعلم أيّ زلزال افتعلت وعليها انتظار ارتداد ضربته (تسونامي) الموجَّهة ضدها وضد الدولة العراقية!.
الفتح واقعًا هي التي حاصرت نفسها، واختارت النزول من ذلك البناء، إلى هذا الركام، الفتح تخلَّت عمليًا بنفسها عن كونها (الكتلة الأكثر عددًا) وقررت السّير في ظلال (سائرون)؛ ولأجل ذلك نعم، تحولت لهجة الفتح إلى سلسلة من التسويغات الضعيفة التي لا تناسب (المنتصر على الإرهاب السلفي 2017، حامل لواء الحشد الشعبي، الحاضنة السياسية للمقاومة)، طبعًا في التصويت على الموازنة تقول الفتح: إن لم ندخل سوف يمررونها! نعم، لأنكم أيها الفتح أنتم من أوصلتم القائمة إلى هذه النتيجة، أنتم تريدون منا قراءة لحظة التصويت في مقطعها الزمني، وهذا لا يمكن!، لأننا نسألكم أنْ كيف وصلتم إلى هذا المستوى من الضعف وصرتم خلف النصاب!
قراراتكم في الموازنة لا تناسب (الدولة، الشيعة) بل هي تناسب (ميزانيات أحزاب)! لأن سعر الصرف والضرايب والقروض وغيرها هذه تضرب الدولة في أعماقها وتعصف بها.
من الموجع نسمع من الفتح كلامًا حول الحاجة الفعلية في نسبة ما للقروض الخارجية لأجل وزارة الكهرباء، ولا نسمع منهم السبب الذي أدّى إلى هذه الحاجة!
السبب أيها السادة هو عندما يتخلى العراق عن اتفاقية الصين فإنه يصل إلى هذا الحال من البؤس، وعندما تقدم له الجمهورية الإسلامية عرضًا لبناء ثلاث محطات للطاقة الكهربائية في العراق لحل المشكلة كلها؛ والعراق يرفض كذلك فإنه يصل إلى حالة استجداء القروض ذات الفوائد العالية من الدول، نحو: أميركا، بريطانيا، فرنسا، اليابان، السعودية... الخطأ يعالَج من الجذر ونقطة التحول يا سادة وليس من أطرافه ومنعطفاته!
· ماذا يفعل الفتح؟
لا يمكن أن نتخلى عن قائمتَي دولة القانون والفتح، لكن دعونا نصارحكم بصفتنا مراقبين ومتابعين بمسؤولية، الجمهور لن يقبل تسويغاتكم، والوضع الاقتصادي نحو التدهور بسبب ارتدادات الضرايب وسعر الصرف المتصاعد، وهذا ما يعمل عليه الأميركي حتى يربط العراق مع المحور العربي التافه، ولأجل ذلك نقترح:
١- التحالف الصريح مع دولة القانون، ومع قوائم شيعية أخرى.
٢- ربما يكون من الأفضل عدم الحديث باسم قائمة الفتح، واستعمال شعار آخر؛ بسبب موجة الرفض الحالية والاستياء القادم بسبب الوضع المالي والاقتصادي.
٣- فرض الرقابة الاقتصادية على السوق لمنع ارتفاع أسعار المواد الغذائية فوق الحد الذي يتطلبه ارتفاع سعر الصرف.
٤- فرض الرقابة على محطات الوقود، لأنّ عملية ارتفاع السعر بسبب ضريبة (15%) سوف تكون مزاجية.
٥- لا يوجد ضمان لإجراء الانتخابات في تشرين الأول، لكن بغضّ الطرف عن ذلك، تمسكوا بمشروع اقتصادي إستراتيجي للعراق، نحو: ميناء الفاو الكبير، إعادة إحياء اتفاقية الصين، لأنّ من قرأ مواد وفقرات الاتفاقية الصينية الإيرانية فإنه سيجد اسم العراق حاضرًا فيها صراحةً وضمنًا، لذلك أمامكم هذه الفرصة لاستعادة الدولة والجمهور، اصنعوا من هذه الاتفاقية ثابتًا لا يتغير ولا يدخل ضمن الصفقات والمساومات.
٦- كلما ابتعدت الفتح عن دائرة التشريع النيابية وأقحمت نفسها في المناصب الحكومية تكون أضعفَت قوتها أكثر، وحسنًا فعلت دولة القانون التي انسحبت من مناكفات الترشيح السابقة، والموازنة، وهذا جمهورها يتكاثف ويتصاعد وهي حقيقة على الأرض لا يمكن تقليل شأنها.
٧- قائمة الفتح بحاجة إلى قراءة ما تكتبه أقلام المقاومة وتجالسهم، أقلام المثقفين، ولا تعتمد فقط على التدوين والتغريدات أو لقاءات فضائية لعرض الخصومة، الثقافة هي المدُّ الصاعد العتيّ الذي يغذي التدوين والفضائيات، الفتح بحاجة إلى إنشاء مركز دراسات يتخصص بهذا الشأن.
والحمد لله ربِّ العالمين
https://telegram.me/buratha