فهد الجبوري ||
بدأت تظهر الكثير من الأخبار والروايات حول طبيعة التطورات الحاصلة في الأردن ، بعد الإعلان رسميا من قبل الحكومة عن وجود مؤامرة انقلابية في البلاد ، أحد أبرز المتورطين فيها ولي العهد السابق ، الأخ غير الشقيق للملك عبدالله الثاني الأمير حمزة بن الحسين ، وبالرغم من أن الرواية الرسمية قد أشارت الى علاقة المتآمرين بجهة خارجية ، الا أنها توقفت عن ذكر تلك الجهة ، لكن بعض التسريبات تشير الى دور السعودية في هذه القضية .
معهد بروكينغ Brookings نشر اليوم ٥ نيسان ٢٠٢١ مقالة حول التطورات في الأردن للباحث بروس ريديل فيما يلي ترجمة لأهم ما جاء فيها :
الأردن في وسط ما يمكن وصفه بأنه أسوأ أزمة سياسية خطيرة خلال الخمسين سنة الأخيرة . الملك يبدو في أمان ، الا أن البلاد تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية جوهرية وقد فاقمت من حدتها جائحة الكورونا .
وقد جرى اعتقال أكثر من ١٢ شخصا في نهاية الأسبوع ، وإن ولي العهد السابق قد وضع حسب الظاهر تحت الإقامة الجبرية في قصره . وهذا يمثل اضطرابا غير مسبوق في العائلة المالكة ، وهناك مزاعم ذات مصداقية عن تدخل أجنبي .
إن شائعات مؤامرة لإقصاء الملك كانت متداولة في الأردن منذ عدة أشهر ، ومنها مزاعم بوجود دعم سعودي للمتآمرين ، وهناك نقد علني للحكومة على نطاق واسع ، خاصة في بعض المناطق العشائرية .
ويوم السبت ، تحرك الجيش وجهاز المخابرات بسرعة ، وفي خطوة استباقية لمحاصرة واعتقال الأشخاص المشكوك بتورطهم في الانقلاب .
ولا تتوفر تقارير عن حالات انشقاق في الجيش أو قوات الأمن .
ومن بين الذين جرى اعتقالهم هو الشريف حسن بن زيد ، المبعوث السابق الى السعودية ، وأخ ضابط أردني كبير في جهاز المخابرات ، والذي تم قتله في العام ٢٠٠٩ من قبل عميل مزدوج للقاعدة في أفغانستان ، وأدى الهجوم الانتحاري كذلك الى مقتل خمسة من ضباط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية .
والشخصية الأخرى البارزة ضمن المعتقلين هو العضو السابق في الحكومة باسم عوض الله ، الذي كان داعما للإصلاحات السياسية ، وهو أيضا كان قريبا من الحكومة السعودية ، كما جرى اعتقال مدير مكتب الامير حمزة .
هذا الانشقاق في العائلة المالكة يعتبر أمرا غير مسبوق في تاريخ البلاد ، وقد جرت تغييرات سابقة في خط الخلافة بشكل طبيعي كما هو الحال عندما أزاح الملك عبدالله ولي العهد السابق الامير حمزة من ولاية العهد ومنحها لابنه الحسين في العام ٢٠٠٤ .
الامير حمزة يحظى بشعبية عند المؤسسة العشائرية ، وقد عرف عنه حضوره التجمعات التي يتم فيها توجيه النقد للملك . ولم يتضح بعد ما اذا كان المنشقون فعلا متورطين في مؤامرة لإقصاء الملك . الامير حمزة نفى وجود مثل هكذا مؤامرة ، كما أنه رفض مزاعم الاتصالات بجهات خارجية .
الحكومة توحي بتورط يد خارجية ، ويشير معظم ذلك الى ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان . السعودية ليس لديها شعبية عند أغلب الأردنيين ، وإن الامير محمد بن سلمان على وجه الخصوص مذموم بسبب دوره في حرب اليمن ، ومغازلته مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو .
إن مؤامرة انقلابية يكون فيها الامير محمد بن سلمان متورطا سوف تواجه معارضة قوية من الجيش وعامة الشعب .
ويواجه الأردن مشاكل بنيوية خطيرة ، ولديه نقص في الموارد الطبيعية ، ندرة المياه ، ونمو سكاني كبير حيث وصل عدد السكان الى أكثر من ١٠ ملايين ، والبطالة مرتفعة ، خاصة بين أوساط النساء ، و موجات من المهاجرين وصلوا الى البلاد من العراق وسوريا ، وقد فاقم وباء الكورونا من الصعوبات الموجودة ، والسياحة التي هي مورد رئيسي للاقتصاد قد توقفت ، والفساد هو وباء .
ويبدو أنه من المبكر جدا الحكم على تأثيرات هذه الاعتقالات في الأردن ، ولا يزال هناك الكثير الذي لايعرف عن هؤلاء المعتقلين وعن خططهم .
إن ولي العهد السابق الامير حمزة هو لغز خاص . هل كانت هناك فعلا مؤامرة حقيقية لزعزعة البلاد ؟ أو أنها فقط شكوى من الحالة المزرية للاقتصاد وللحكومة .؟
https://telegram.me/buratha