التقارير

لماذا التآمر على الاردن ؟!


 

د . جواد الهنداوي * ||

     

       لم يكْ الحدث مُجرّد محاولة انقلاب عسكري لتغيير 

صاحب العرش الملكي ،جلالة الملك عبد الله ، كما لم يكْ حدثاً محلياً و ذو ابعاد سياسيّة او سلطويّة .

       الحدث هو ابعد بكثير من محاولة انقلاب عسكري ،

هو محاولة لانقلاب استراتيجي ليس في الاردن فحسب ،و انما في المنطقة ، هو مؤامرة اردنية ، اماراتية و دحلانيّة ( نسبة الى دحلان ) ، اسرائيلية ( نتنياهو ) ، أمريكية ( ترامب و كوشنير ) .

   قبل ان استرسل في بعض تفصيلات و استنتاجات الحدث ، يلّحُ للصدارة في الذكر استفهام ؟ معنوّن الى اولئك الذين يتباكون على " أمن و استقرار المنطقة " ،

والذين عبثوا في سوريا شّراً و دماراً ، بحجة الديمقراطية

و الحرية وبناء الدولة ، والذين ادعّوا  و يدّعون بأنَّ التدخل الايراني هو سبب حرمان المنطقة من الامن و الاستقرار  .

  المؤامرة الاسرائيلية الامريكية الاماراتية الخليجية ضّد الاردن ( وليس ضّدْ جلالة الملك ) دليل قاطع على الخطط الصهيونية ( الشرق الاوسط الكبير ،صفقة القرن ، اسرائيل الكبرى ) ،والتي تستهدف دول المنطقة ، وشعوبها ،  و مبتغى هذه الخطط هو انجاز الهيمنة الاسرائلية على المنطقة . و الذي يقف اليوم حائلاً و مانعاً لعربدة اسرائيل و تسلطّها و هيمنتها هو دول و حركات محور المقاومة ، وفي مقدمة هذه الدول ايران وسوريا واليمن ، وفي مقدمة حركات المقاومة حزب الله والحشد الشعبي و انصار الله ( الحوثييين ) .

    لماذا استهداف الاردن ؟

أوليسَ المملكة صديقاً لامريكا و لاسرائيل و للاشقاء العرب و الخليجيين ؟

أولمْ تكن غرفة عمليات مشتركة امريكية اسرائيلية تُدار من المملكة لمراقبة الحدود السوريّة الاردنية و لادارة التدخل الدولي في سوريا ؟ وكانت المملكة حينها حذرة من التمادي في التدخل في الشأن السوري ،من اراضي المملكة .

أولمْ يعرض مجلس التعاون الخليجي قبل عقد من الزمن الى المملكة والى المغرب الانضمام الى المجلس  ؟

   لماذاً إذاً استهداف الاردن ؟

لانه رفضَ الانبطاح لاسرائيل و للرئيس السابق ترامب ولصهره كوشنير ، لانه رفض صفقة القرن ، لانه رفض عنجهية نتنياهو و تهوره وتآمره على الحقوق الهاشمية في رعاية وحماية القدس .

لم يستوعب محور نتنياهو و المطبّعين برداء الخضوع والخنوع أنْ يجهر الاردن بقول " لا " للخطط الاسرائلية التي تستهدف وحدة و كرامة الاردن و القضية الفلسطينية .

حسناً فعلَ الاردن في تعامله مع الازمة الخليجية  التركية الامريكية في سوريا ،كان حذراً جداً ،لم يستسلم لرغبات الدول الداعمة للارهاب لاحتضان و دعم عمليات ارهابية ضّدَ سوريا ، حافظَ على التواصل الامني والسياسي مع القيادة السورية من اجل الحفاظ على امن المملكة والمدن السورية الحدودية .

  ليس سوريا وليس حزب الله وليس ايران مَنْ تآمروا على المملكة ! الذي تآمر على المملكة هم ذاتهم مَنْ رعوا الارهاب بالمال و السلاح ! هدفهم في سوريا كان و لايزال ليس فقط تغيير نظام الحكم ، وانما احتلال سوريا و تدمير الدولة . كذلك هدفهم في الاردن ليس فقط تغيير العرش الملكي و الاتيان بعميل لهم ، وانما تغيير البنية الاجتماعية والسياسية للمملكة و تمرير مشروع صفقة القرن .

 المؤمراة الفاشلة على الاردن ملكاً وشعباً هي درس سياسي مُفيد للدول العربية الاخرى كالعراق ولبنان و المملكة العربية السعودية ،مفاده الحذر ثّم الحذر من جبهة  الغدر والتآمر و بوابتها اسرائيل و الرجعية .

  لم تُحبكْ المؤامرة في الامس ، كان قادتها بمثابة خلايا نائمة في الاردن وفي دول تُظهِرْ انيابها للاردن ،مُبتسمة في العلن و متوعّدة في السّرْ . ربما يعود الفضل في كشف المؤامرة الى اجهزة الاستخبارات العسكرية الاردنية والبريطانية او بالتعاون مع رئيس جهاز CIA الجديد ،السفير ويليم بيرنز ،والذي عارضَ بشدة سياسة ترامب في المنطقة ،القائمة على تغيير الانظمة ورعاية المصالح الاسرائيلية وليس الامريكية .

ولكن لماذا تّمَ افشاء امر المؤامرة اليوم ؟ ولماذا الآن تّمَ تمكين  الاستخبارات الاردنية من مراقبة ومتابعة افرادها ثّمَ الانقضاض عليهم؟

ليس رحيل الرئيس السابق ترامب و صهره هو السبب الوحيد ، يضاف لهذا السبب التخلي عن صفقة القرن والتخلي عن نتنياهو ،  وعودة الادارة الامريكية الجديدة الى السياسة الامريكية الكلاسيكية في المنطقة ،القائمة على الدبلوماسية و العقلانية و احترام القانون الدولي و العلاقات الدولية والاصدقاء والشركاء .

الادارة الامريكية بقيادة الرئيس بايدن تطرق ابواب العقلاء من الحكام في المنطقة سواء كانوا خصوماً او اصدقاء ، وتفاوض الآن مع بعض الخصوم ( ايران ) علناً وبشكل غير مباشر ، ومع خصوم أُخر ( سوريا ) سّراً وبشكل غير مباشر ايضاً .

رُبَّ ضارة نافعة ،سيكون الاردن بعد هذه الضّارة ،اقوى من قبل و سيستخلص عِبرْ و دروس ، ويترجمها عملياً في سياسته الخارجية وعلاقاته العربية والاقليمية . سيكون متحرراً  ، بالقدر الذي يراه ،من قيود الاخوّة العربية .

المؤامرة كانت منازلة ،انتصر فيها الاردن على اسرائيل و عملائها .

*سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي

      للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل .

               في ٢٠٢١/٤/٥ .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك