التقارير

السياسة الامريكية واحزابنا السياسية والديمقراطية


 

د . جواد الهنداوي *  ||

 

ما يشهدهُ العراق و ما تشهدهُ المنطقة ، ومنذُ ثلاثة عقود ، على الاقل ، تجربة سياسيّة أرستها ونفذّتها الامبريالية الامريكية و ادواتها و أحزابنا السياسية .

و لبعض الاحزاب مساهمة مُدركة و واعية و متعمّدة في التجربة ، مدفوعة لمصالحها الحزبية و الشخصية ، وللبعض الآخر مساهمة بالاكراه او عن جهل و سذاجة و أستدراج .

                و كلاهما ( سياسة امريكا  و ادواتها و احزابنا السياسية )، استعانوا و استخدموا ، لتمرير و ارساء التجربة ،حجّة الديمقراطية .

               العنوان الكبير لهذه التجربة المتعثّرة  في العراق وفي المنطقة كان " الديمقراطية " و توابعها ( الحريات و حقوق الانسان والحكم الرشيد ، و الشرعية ،  والتظاهرات ، الى آخره ...

              تّمَ احتلال العراق بأسم  الديمقراطية، و تأسست الاحزاب و مارست عملها باسم الديمقراطية ومن اجل بناء الدولة و الحكم الرشيد ، وبعد مضي ،ما يقارب عقديّن من زمن التجربة ،لا الامبريالية ( امريكا ) و لا الاحزاب السياسية أفلحا في بناء دولة او في ارساء حكماً عادلاً و رشييداً .

         لا تزال امريكا في العراق وفي المنطقة تحارب الارهاب ، والذي دخلَ و ترعرع في العراق بدخول القوات الامريكية ، ولا تزال احزابنا السياسية تحارب الفساد ،والذي استفحل و سادَ عند ولادتها ، ومثلما يقول الشاعر احمد مطر " كان الفساد صغيراً في بلادي ف ساد " .

      المواطن و الدولة هما ضحايا هذا الثنائي ( الامبريالية و الاحزاب السياسية ) و بواسطة الجرعات المسكّنة من الديمقراطية و توابعها .

   والغريب في معادلة الديمقراطية و الاحزاب السياسية و العراق هو كُلّما امعّنا في الممارسات الديمقراطية ، أبتعدنا عن الديمقراطية و اهدافها ، و ازددنا فقراً في التنمية ، و في دخل المواطن ، وفي أمنه ، و في ضمان مستقبله !

     نأخذ على سبيل المثال التظاهرات  التشرينيّة عام ٢٠١٩ ، والتي طالبت بتغير النظام السياسي وبحقوق اقتصادية وامنية وغيرها ، لنتساءل : ماذا تحقّقَ بعد هذه الممارسة الموصوفة ( ديمقراطية و شعبيّة و اصلاحية )  ؟

هل ازداد دخل المواطن ؟ هل تحسّن الوضع الاقتصادي ؟ هل تحسّنت الخدمات ؟ هل تغيّر النظام السياسي ؟ هل تحقق العدل و المساواة في توزيع الثروات ؟ هل قضينا على الفساد و العمولات والمزادات ؟ كثير من الاستفهامات مؤهلة للطرح ولكن دون اجابات مقنعة و مرضّية و تتناسب مع الديمقراطية . الامر الذي يدّلُ على انَّ هذه التظاهرات انطلقت كممارسة ديمقراطية و بأسم الديمقراطية ،ولكن باهداف نفعيّة و مُسيسّة ، ولا علاقة لها  ببناء الدولة او بخدمة المواطن او باصلاح  النظام و الحال !

   لمْ تترددْ الادارات الامريكية المتعاقبة ، ومنذ عهد الرئيس اوباما ،بالكشف عن مرتكزات سياستها في العراق و في المنطقة وهي : القيادة من الخلف ،ويعني عملياً توظيفها الميداني للجماعات المسلحّة و الارهابية ، و المرتكز الآخر هو استخدام القوى الناعمة ، ويعني الجماعات المدنية المؤدلجة والعملاء والذباب الالكتروني ، وكذلك ادوات الضغط الاقتصادي كالحصار وقانون قيصر والعقوبات والدولار والتجويع .

 و كلاهما ( القيادة من الخلف و استخدام القوى الناعمة )، وتتم ممارستهما بأسم الديمقراطية وحقوق الانسان ، وهما في تناقض تام مع الديمقراطية ومع حقوق الانسان .

  الانسحاب العسكري الامريكي المزمع أتمامه من العراق  ، والذي سيتحقق ، لن يكْ كافياً لاستقلال العراق سياسياً و اقتصادياً ، وبناء سليم الدولة ، سيعقب الانسحاب العسكري الامريكي تدخل سياسي امريكي و بالادوات الناعمة و المؤثرة و بالضغوطات الاقتصادية و التهديد ،إنْ اقتضت الحاجة الاسرائلية ،بتنفيذ طلعات جوّية ،على غرار المشهد السوري .

 الانسحاب العسكري الامريكي المتوقع هو ،في الحقيقة سيكون اعادة انتشار ،على الحدود العراقية السورية وفي شرق الفرات ،ولن يكْ بعيداً عن العراق ،وعلى الاقل للسنوات الثلاث القادمة .

لاستقلال العراق وبناء الدولة ينبغي ايضاً ترشيد الاحزاب السياسية نحو البوصلة الوطنية .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك