بهاء الخزعلي||
شهدت أوربا الغربية وخصوصا الدول التي أصبح فيها تيارات وأحزاب شيوعية في فترة الحرب الباردة تصاعد في العمليات الإرهابية، وفي كل مرة يوجه أصبع الاتهام إلى الألوية الحمراء، وكانت أشهر تلك العمليات هي عملية مدينة غوريزيا التي راح ضحيتها العديد من رجال الأمن والمدنيين، وخلفت تلك العملية رفضا جماهيريا في أوربا الغربية لتلك الأحزاب والتيارات الشيوعية.
حتى وقع ملف هذه العملية بعد أحد عشر عام بيد قاضي إيطالي شاب يدعى (فيليس كاسون)، الذي وجد أن التحقيق مع الشهود كان بشكل متقطع ولاحظ اختفاء بعض الأدلة وكذلك تحليل المتفجرات في التحقيقات السابقة كان يؤكد أن العملية نفذت بنفس نوعية المتفجرات التي تستخدمها الألوية الحمراء لكن نسبة الدمار بتلك العملية كانت تدل على استخدام نوع آخر من المتفجرات أكثر قوة، وكانت هذه المتفجرات الأقوى هي ملك الجيش الإيطالي فقط، فقرر تتبع أحد المتهمين الذين حكموا غيابيا ويدعى ذلك المتهم (ونتشغيرا)، ووجد القاضي أن المتهم لم يهرب لكن سمح له بالهروب إلى أسبانيا، وفي عام ١٩٨٤ ألقي القبض على المتهم واعترف أنه تدرب بالجيش الإيطالي وقام بالعملية بتنسيق مع الحكومة الإيطالية، وفي عام ١٩٩٠ أعترف رئيس الوزراء الإيطالي (جوليو أندريوتي) بوجود تنظيم سري في الناتو كان اسمه (الغلاديو) ويعني السيف في اللغة الإيطالية، ويدير ذلك التنظيم المخابرات الأميركية(CIA) والبريطانية(MI6)، وكان ذلك خير دليل لمعرفة لماذا لم تشهد بريطانيا مثل تلك العملية في تلك الفترة.
ولا يستبعد ذلك الأحتمال أن اسقطناه على العراق، حيث أن قبل العراق أسقطه صلاح الدين دميرتاش رئيس حزب الشعوب الديموقراطي في تركيا، واتهم منظمة (الغلاديو) بحادثة التفجير في مدينة (سروج)، لذلك لو أننا أسقطنا تلك الأحداث على العراق في الفترة الحالية لوجدنا تشابه بالسيناريوهات بشكل كبير، حيث قتل وخطف المتظاهرين من جهات مجهولة ونسب العمليات للأحزاب الشيعية، وضرب السفارات والبعثات الدبلوماسية ونسب العمليات لفصائل المقاومة، لخلق رأي عام جماهيري ضد الحشد الشعبي المقدس وفصائل المقاومة، وقد نشهد تصعيد في العمليات الإرهابية في الفترة الحالية في المناطق شيعية، ضمن مخطط يدعى بإستراتيجية التوتر لخلق سخط جماهيري على الأحزاب الشيعية، وإقناع الجماهير بعدم استحقاق هذه الأحزاب للتصويت لها، لتخلوا مراكز الاقتراع للحزب الذي يراد له أن يكون رئيس الوزراء منه، وبذلك تضمن الولايات المتحدة ولاء من يمثل منصب رئيس الوزراء لها كي لا يتجه نحو الصين وإيران.
أما عن ذلك التنظيم السري في العراق فهو تحت إدارة كل من جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) وجهاز المخابرات الأمريكي (CIA)، وبذلك نفهم سبب نقل جيش الكيان الصهيوني لإدارة القوة المركزية الوسطى للولايات المتحدة، ويساعد ذلك التنظيم بمخططاته جهاز أمني في الإقليم وبعض الشخصيات السياسية الكردية والسنية والشيعية، ويمتلك ذلك التنظيم جناح اعلامي متمثل بالقنوات الصفراء، وجناح عسكري هو المسؤول عن عمليات إستهداف السفارات والبعثات الدبلوماسية، لكن يبقى السؤال هل سيظهر شخص سياسي وطني شريف يكشف هؤلاء المتعاونين مع تلك المنظمة بالأسماء كما فعل رئيس الوزراء الإيطالي؟.
https://telegram.me/buratha