محمود الهاشمي ||
كيف لنا ان نفسر هذا (الاشكال ) الذي ربما لو حدث في دولة اخرى ،لكان له تداعيات (خطيرة) ،فوزير خارجية ايران محمد جواد ظريف اثناء جولته في زيارة العراق وقطر وعمان ،تصاعدت وتيرة الاعلام وتبادل (التهم) بشأن (الشريط المسرب) والذي يظهر فيه السيد ظريف وكأنه في خلاف مع الشهيد الحاج قاسم سليماني وحرس الثورة !
المهمة التي يقودها وزير الشؤون الخارجية السيد ظريف الى العراق وقطر وعمان ليست سهلة كونها جاءات بعد سلسلة تداعيات ونتائج صراع في منطقة الشرق الاوسط ،حيث سبق زيارة العراق اجتماعات في بغداد بين مسؤولين امنيين ايرانيين ونظرائهم السعوديين وبحضور رئيس وزراء العراق الكاظمي ،وكذلك مناقشة ملفات خطيرة تناقش التواجد الاميركي بالعراق والمنطقة والاهم امن المنطقة والعلاقات بين دولها ،في وقت تكون ايران قد سجلت نجاحات كبيرة في الميدان التفاوضي (الاتفاق النووي) والميدان الامني ومواجهة العقوبات الاميركية ،والانتصارات التي تسجلها المقاومة كل يوم لمحاصرة الاستكبار وقوى الظلم والضلالة .
قصة (الشريط المسرب) ان واحدة من اليات رئاسة الجمهورية في ايران الاحتفاظ بوجهات نظر المسؤولين الحكوميين من خلال اجراء حوارات مطولة معهم يتحدثون بها عن عملهم والعقبات التي واجهتهم ،عن طريق التسجيل الصوتي المباشر ليتم الاحتفاظ بها في ارشيف الرئاسة ،ويبدو ان شخصا سرب (الشريط الصوتي )للسيد ظريف والذي تحدث به في شهر ايار الماضي ،واوصله الى جهات خارجية ليتم تقطيعه ومنتجته بالشكل الذي يبدو فيه على خلاف مع الشهيد سليماني والحرس الثوري ،ويبدو ان تسريبه تم ضمن مخطط استهداف الجمهورية الاسلامية في مثل هذا الوقت .
هذا (الشريط ) صنع تداعيات داخل الساحة الايرانية ،كون شخصية مثل الشهيد سليماني لها عمق كبير في نفوس الشعب الايراني والخلاف معه يعني (مشكلة ) ،في ذات الوقت فان (المعارضين ) سواء بالداخل او الخارج وجدوها فرصة للحديث عن هيمنة (الحرس الثوري على (القرار الحكومي ).
السيد ظريف وهو في خضم الزيارة وصعوبة المهمة التي يقوم بها والتي تسمى (مهمة جني ثمار الصبر الايراني ) يتعرض الى هذه (الهجمة)
فاضطر اكثر من مرة ان (يغرد ) وان يؤكد (انه مدين لحكمة وشجاعة القائد سليماني ) معتبرا ان الشهيد سليماني كإن سببا في احلال السلام في افغانستان والعراق وفي هزيمة داعش ،مثلما تحدث (عند وصولي الى بغدادحضرت مرة اخرى الى مكان استشهاد صديقي الفخر اللواء الحاج قاسم سليماني والشهيد ابو مهدي المهندس ) ثم استطرد في علاقته مع الشهيد سليماني التي امتدت لاكثر من عقدين .
المعلوم ان (الحدث) وقع في وقت تشهد فيه الدبلوماسية الايرانية قمة عملها ،سواء في الميادين الدولية،او في المنطقة ،فوكلاء وزارة الخارجية والمستشارين يدخلون معترك الحوار في (فينا) مع ممثلي (4+1) بشأن (الاتفاق النووي ) ووزير الخارجية في جولة بالشرق الاوسط ،وافغانستان تشهد انسحابا للجيوش الاجنبية والارض المحتلة في احتجاجات واسعة ضد الاحتلال وصواريخ انصار الله وحماس تدك معاقل الاجرام ،وسوريا تضرب ديمونا . والمقاومة بالعراق تواصل تدميرها لقواعد التواجد الاجنبي وقوافل الدعم اللوجستي التابعة له.
ايران لم تستدعي وزير خارجيتها كما اعتدنا لدى الدول الاخرى ،بمجرد حدوث اشكال او غيره ،بل تركت وزير خارجيتها يقوم بمهمته وفق ماهو مخطط لها ،فيما يواصل ظريف الزيارات واللقاءات بمسؤولي الدول التي زارها ،دون ادنى تأثير على عمله ،ولاشك ان ظريف اختصر كل هذه الاشكالات بشأن (الشريط المسرب ) بجملة واحدة نهاية التغريدة (حماية مصالح البلاد وشعب ايران المقاوم والصبور والشجاع هو عهد سألتزم به حتى اللحظة الاخيرة ،ولا أخشى من مكر الماكرين ولوم اللائمين ) .
لاشك ان السيد ظريف الذي ينتمي لاسرة غنية ومثقفة والذي ترك البلاد وهو في عمر (17) عاما ليكمل دراسته في الولايات المتحدة حتى حصوله على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي ،يدرك خطورة الخلافات واثرها على الشارع الايراني والعالمي بشكل عام ،ويدرك ان اي خلل في منظومة العمل ستؤثر على مستقبل البلاد التي انفق الكثير من ايام عمره في خدمته ،من ممثل دائم لايران بالامم المتحدة الى العمل الاستشاري في الخارجية الى الوكيل ثم وزيرا للخارجية .
ويدرك ان (الخلاف ) و(الصراع ) على السلطة بين (الاصلاحيين )و(المحافظين ) قائم في كل دول العالم ،ويعلم جيدا انه لولا الانجاز العسكري الذي حققته ايران سواء في تطوير منظومتها الامنية الداخلية او عمقها الاستراتيجي لما استطاعت الدبلوماسية ان تحقق شيأ ،ونسأل ؛-لولا ضربات انصار الله هل سنرى محمد بن سلمان يقول امس (نريد ان نرى ايران مزدهرة )!
محمد جواد ظريف اكد في تغريداته اهمية قائد الثورة السيد الخامنئي في فض اي خلاف ،وبذا فهذا هو الاهم ان تكون للامة قيادة موضع احترام الجميع ،ويستظل بها الشعب والمسؤولون ،ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون .
ــــــ
https://telegram.me/buratha