محمد مكي آل عيسى ||
لسنا معصومين . . أي منّا قد يخطئ يوماً . . قد يخطئ العالم وقد يخطئ الثقة ويخطئ من نتخذه قدوة ولا نستطيع أن نصدّق بأن فلاناً أخطأ , لعلمه العالي ولتقواه ولورعه و . .و. . الخ
ولا نتوقع منه الخطأ فكيف نتصرّف حيال ذلك ؟؟
ورد عن الإمام علي ع "إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله" . .
يعني أننا إذا أردنا الحق فالحق لا يَتبَعُ فلاناً وفلاناً من عامّة الناس . . فالحق يُعرَف بنفسه . . . بمعنى آخر لا نستطيع أن نقول أن الحق دائماً مع فلان وكل ما يفعله فلان هذا هو الحق , مادام فلان هذا غير معصوم
لو كان معصوماً , نعم سنأخذ الحق من قوله وفعله وإقراره , فمثلاً نحن نأخذ عن عليٍّ ع كل ما يأتينا به ع لأن الرواية عن رسول الله ص تقول "علي مع الحق والحق مع علي"
لكننا لا نستطيع أن نطبّقها على غير المعصوم . . فإذا أخطأ العالم أو الثقة علينا أن نتعامل مع الأمر بوعي وخلق عالٍ كما أمرنا أهل البيت ع . . فنَعيَ أن الصالح والورع والثقة كلهم بشر يجوز عليهم الخطأ وكلنا نخطئ والأمر طبيعي وعلينا أن لا ننصدم ونفقد توازننا لو أخطأ فلان أو فلان ممن لا نتوقع منهم الخطأ.
وهنا لابد أن نعترف بخطأ هذا الصالح الورع ولا نوافقه على خطئه بسبب كونه صالحا عالما ورعا
بنفس الوقت علينا أن لا نسقّطه ونشهّر به وننتهزها فرصة للإيقاع به وكأنه الوحيد المخطئ في هذا العالم
بل يوصينا أمير الفصاحة والبلاغة والبيان فيقول "أقيلوا ذوي المروءات عثراتهم، فما يعثر عاثر إلا ويدُ الله بيده ترفعه"
فإذا كانت يد الله بيده ترفعه هل يجوز لنا نحن أن نقف بالضد منه ؟!
علينا ان نتفهّم هذه العثرة وهذا الخطأ ونتجاوز عنه ونفهم أن هذا الخطأ لا يعني فقدان العالم مكانته ولا الصالح صلوحه ولا الثقة وثاقته .
ولا بأس باللجوء الى العلماء والصالحين -لا عامة الناس- لينبهوا المخطئ ويأخذوا بيده مرّة أخرى لجادّة الحق .
وليس من الصواب أن نضلل الناس بأن نزيّن لهم عثرة المخطئ ونكسوها بهالة من الأنوار الزائفة لنضيع خطأه عليهم ونظهر الباطل وكأنه حق لأنه صدر من فلان . . فالحق أكبر من أن يطمس والباطل أوهن من أن يعلو . .
أمّا إذا أصر على خطئه ولم يستجب لدعوة الحق وأصرّ على باطله فهنا يتصدى للأمر العلماء ويتبنون هم الموقف -لا عامة الناس- من ردع المسيء بما يناسب
نحن نتعامل مع الصالحين والعلماء والثقاة كما نتعامل مع المعصوم وهذا خطأنا فرؤيتنا مغلوطة غير صائبة . . نعتبر أن صدور الخطأ من فلان مستحيلاً وهو أمرٌ ممكنٌ عاديٌ
إذا استوعبنا هذا الأمر وتمكنّا من تفعيله بالشكل الصحيح لتمكنّا من تكميل بعضنا البعض فبدلاً من أن أقوم بترقيع خطأ فلان لأني لا أتصور منه الخطأ أقوم باستيعاب الأمر وأكون له ناصحاً عطوفاً مقيلاً لعثرته محبّاً له راغباً له بالخير.
أمّا إذا رأينا أخطاء فلان محاسن ورأينا عثراته حسنات لأنه فلان الذي لا يخطئ بنظرنا فقد ظلمناه وخدعناه وأبقيناه على باطله ولم نسمح له من أن يصحح خطأه بل شجّعناه على التمادي في غيِّه وباطله
مشكلتنا أننا نتعامل مع الأمر بعاطفتنا لا بعقلنا وحبّنا وتقديرنا لفلان يجعلنا نرى كل قبيح منه جميلا وبغضنا لفلان يجعلنا نرى كل جميل منه قبيحا تتحكم فينا الأهواء تارة والمصالح تارة أخرى ويغيب دور العقل في تقييم المواقف والأشخاص.
ولنا في سيرة أئمة الهدى ومصابيح الدجى خير أسوة . . فهل هناك أعظم وأقبح ذنباً من الجعجعة بقافلة ريحانة رسول الله وحرائر بيت النبوة وأقمار آل محمد ؟! عاد الحُرُّ بن يزيد الرياحي تائباً بعد ذنب شنيع وخطأ فضيع . . فما هو موقف الحسين (ع) منه ؟
هل حاول الحسين ع أن يرقّع موقف الحرِّ ليتحول موقفه من خطأ إلى صواب ؟ كلّا فالحق حق والباطل باطل
هل انتهزها فرصة للانتقام منه ؟ . . للتسقيط ؟ . . للتشفي ؟ . .
هل ردّه بجفاء ونحّاه عن طريقه ؟
كلّا وليس هذا خلق آل البيت ع
بل فتح له باباً لرفقته في الجنة . . رفعه من حضيض اللعن إلى رقي الترضّي
فهلّا أخذنا بيد بعضنا وسرنا سوية في طريق يفتح بعضنا للبعض أبواباً في الجنّة ؟
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha