التقارير

ماذا نحنُ فاعلون  بعد تخلي امريكا عن المنطقة ؟! 


  د.جواد الهنداوي *||                     مصطلح " تخلي امريكا " عن المنطقة اكثر ملائمةً و أنسبْ مِنْ مصطلح " الانسحاب الامريكي "،نسبةً لما اريدُ كتابتهُ . المنطقة بدولها العربية ،وكيانها العبري المحتل ، وبحزامها الاقليمي الايراني والتركي ستكون ،و اقصد المنطقة ، في حالة ومرحلة اختبار .               رفعتْ امريكا يدها عن المنطقة ، و ابتدأت برحلة تخليها عن المنطقة ، اي ستتعاطى  مع ملفاتها و دولها و شعوبها بقواعد و بآليات السياسة والعلاقات الدولية ، و ليس بمنطق الهيمنة و الاملاءات والتهديد والحروب . وسيكون التعاطي متباين نسبياً من ملف لآخر ،ومن دولة لأخرى .ستتعاطى امريكا مع ملفات ايران الخصم ليس بذات التعاطي مع ملفات تركيا ،الحليف في الناتو ، وستتعاطى امريكا مع مصلحة اسرائيل ليس بذات التعاطي مع مصلحة لبنان ؛ لن تتمادى في التضحية من اجل اسرائيل ، و لنْ تغرق في الوحل والمهانة للوقوف ضّدْ مصلحة لبنان ، و باخرة حزب الله وغاز مصر وكهرباء الاردن ، ومرور الجميع الى لبنان ، عِبرْ سوريا المحاصرة بقانون قيصر ،خير شاهد .         ستتميّز رحلة تخلّي امريكا عن المنطقة بالعمل في المنطقة و مع دولها ،  من اجل المصلحة الامريكية وليس من اجل المصلحة الاسرائيلية و التوسّع الاسرائيلي . سيظلُ امن اسرائيل و امن دول الخليج جزءاً من الامن القومي الامريكي ، ولكن ليس على حساب مصلحة ومكانة و قيم امريكا .        أدركتْ امريكا بانها غير قادرة ،لا هي ، و لا اسرائيل و لا حلفائها على القضاء او على تحييد حركات و فصائل المقاومة ضدّ اسرائيل و ضّدّ التواجد العسكري الامريكي في المنطقة ، فلا حيلة و لا حول لها غير التعامل مع   الامر الواقع ، كما هو ، و التوقفْ عن ممارسة الضغط و الاكراه مع الدول التي تحتضن هذه الحركات والفصائل كلبنان والعراق واليمن وسوريا ، لاسيما بعد ان تفاهمت و اتفقت امريكا ،هي ذاتها ،مع حركة طالبان .         مثلما استسلمت امريكا لقدرها في افغانستان ( الهزيمة و الانسحاب ) ،ادركت  بأنَّ مصلحتها الاستراتيجية تقتضي التخلي عن المنطقة ، دورها في حماية و دعم اسرائيل و تقليص دور ونفوذ ايران لم يعُدْ مؤثراً و فاعلاً ،  بل و أصبحَ  مُكلفاً ،  ليس بالمال ، وانما بالمكانة و بالمصالح و الاعتبار . كما ان اهمية النفط الخليجي لم تعُدْ ، هي الاخرى ، عامل الفصل والحسم للاستراتيجية الامريكية .       تفاعلت دول المنطقة ، وحتى حركات و فصائل المقاومة في المنطقة ، مع نوايا و خطوات امريكا بالتخلي عن المنطقة : لنبدأ بايران ، وبالرغم من القيادة الايرانية ،الموصوفة بالمحافظة ، لم تختفْ الرسائل غير السلبيّة  بين ايران و امريكا سواء من خلال التصريحات او من خلال الوسطاء ، والبلدان ماضيان على ما يبدوا نحو ابرام اتفاق ثنائي بخصوص الملف النووي وبخصوص علاقتهما البينيّة ،دون المساس بالاتفاق النووي الاساسي و النافذ المفعول بين ايران واوربا وباقي دول العالم .كما انَّ امريكا ماضيّة و بفاعلية بسياسة لجمْ اسرائيل و منعها من التهّور سواء تجاه ايران او تجاه حزب الله في لبنان ، و ماضّية ايضاً بالانسحاب من العراق ، وكذلك من بعض قواعدها في سوريا .         لننتقل الى حلفاء ايران ، وفي مقدمتهم كدولة سوريا ، نشهدُ تزاحم لمقابلة الرئيس الاسد ، ومن قبل احزاب و حركات ووجهاء و وزراء من لبنان ، بعضّهم توقّع و تمّنى سقوط النظام ، كيف لا، و امريكا قد مهّدت الطريق بموافقتها تزويد لبنان بما يحتاجه من وقود و كهرباء عبر سوريا . لمْ تتاخر سوريا بأغتنام هذا الانفراج لتستعيد سيطرتها على مدينة درعا وبالتعاون مع روسيا . ونشهدُ قريباً استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية . كذلك فعلَ الحوثيون في السيطرة على قرى و مواقع في مأرب .        مبادرة حزب الله في جلب الوقود عزّزَ موقفهِ و دوره  وكانت ،على مايبدوا، فاتحة فرج لازمة الحكومة في لبنان ، ولأزمة  سوريا في الحصار ، وسبباً في تقارب اقتصادي سوري -اردني -مصري .        مَنْ كان يتوقّع قبل شهور زيارة رئيس البرلمان الاردني السيد العودات للشيخ قيس الخزعلي ، الامين العام لعصائب اهل الحق ، و للسيد هادي العامري ؟ لم تتمْ  الزيارة دون موافقات و مشاورات سياسية مع البلاط الملكي .        ما تقدّم ذكره هي ،في الحقيقة ، مؤشرات و دلالات على التغيير والدخول في مرحلة جديدة متحررة من الاملاءات الامريكية .      ستدخل اسرائيل في فصل سُبات وسيكون همّها الحفاظ على أمنها  ، وستعيش تحدي وجودها ، وخسرت المنافسة مع ايران في سباق الدور والنفوذ في المنطقة . لذلك ،جاء تصريح الرئيس بايدن ،في خطابه الاخير ، وهو يقول " لا امن و لا استقرار  في المنطقة دون ان يكون لاسرائيل دولة يهوديّة " . التصريح يعكس القلق الذي تعيشه القيادة الاسرائيلية والصهيونية على امن وعلى مستقبل اسرائيل في المنطقة .     لم تنتفع اسرائيل سياسياً من حملة التطبيع ، والتي قادها الرئيس الامريكي السابق ،ترامب ، لمْ تشفعْ حملة التطبيع لنتنياهو للبقاء في منصبهِ ، كما انها سببّت بهزيمة حزب العدالة والتنمية المغربي ، و بسقوط رئيس الوزراء العثماني ، والذي وقّعَ على اتفاق التطبيع مع اسرائيل وسوّق الحجج لتبريره . تراقب اسرائيل والدوائر الصهيونية هذه المشاهد ، وتستخلص العِبرْ والنتائج .       ستكون المنطقة أذاً في حالة و مرحلة اختبار ،       لماذا ؟      هي فرصة امام دولنا العربية و الاقليمية التي تحيطنا و تجاوُرنا ، وكأنَّ لسان امريكا يخاطبنا ويقول :سأدعكم وشوؤنكم فماذا انتم فاعلون !         هل سيمضي البلدان الممكلة وايران قدماً في تفاوضهما من اجل التفاهم والتعاون والحفاظ على مصالحهما و مصالح شعوب و دول المنطقة؟       نتمنى ذلك ، ونتمنى ان يكون أمر العلاقات الايرانية السعودية في جدول اعمال زيارة السيد الكاظمي الى ايران ، والمزمع اجراءها غداً ،الاحد ، في ٢٠٢١/٩/١٢ . هل نشهد نهاية الحرب في اليمن و ولادة حكومة وطنية في اليمن و بمشاركة الجميع ؟  هل نشهد عودة العلاقات السورية العربية الرسمية ؟  كثيرة هي الاستحقاقات العربية وكثيرة هي المآسي ، والمنسوبة الى امريكا ! الآن تراجعت امريكا او رفعت يدها عنّا ، فماذا نحنُ فاعلون ؟     *سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي                     للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل                      في ٢٠٢١/٩/١١. 
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك