ادريس هاني ||
- لنقرأ خطاب الإعلام هذه الأيام حول طالبان، ونقيسه بالخطاب حول الحوثي، والحشد الشعبي، والمقاومة في لبنان، والحراك الشعبي في البحرين، لقد عودنا الإعلام نفسه على التشكيك في وطنيتهم وانتمائهم حتى كادوا يسحبون منهم الجنسية، لكن، كل الحديث اليوم حول طالبان يدور حول أنهم جزء من الشعب الأفغاني، هذا في حين أنّ المشكلة ليست أنهم من الشعب، بل لأنهم أسوأ من في الشعب.
- إن كان لا يوجد منافس لطالبان اليوم، فهذا وضع لا يطول، وستعجل أساليب طالبان للهيمنة على أفغانستان بإعادة تسليح قوى مناهضة. إن طالبان تستغل تجريد الشعب الأفغاني من سلاحه، لأنه خرج توا من الاحتلال خاوي الوفاض، وهذا أمر مقصود.
- كيف يمكن لمتطرف أن يبني دولة؟ إنّ أكبر قياداتهم لا يمتلكون فقها حقيقيا وهم يعتبرون ترديد إنشاء بالعربية يكفي لجعلهم فقهاء دولة، إنّ طالبان تسعى لرهن أفغانستان لمجتمع اللاّدولة.
- وجود خمسة مسؤولين من تنظيم طالبان في حكومة تصريف الأعمال من معتقلي غوانتانامو، تأكيد على أنّ هناك انقلاب في كليشهات الإرهاب الدولي، هذا يعني أنّ طالبان لم تعد العدو الأكبر للولايات المتحدة، لا سيما وهي تتطلع إلى علاقات متطورة معها، كما أنّ السمعة السيئة لغوانتانامو غيرتها شهادات حسن السلوك برسم العهد الجديد.
- هناك مأزق فقهي يضعنا أمام مفارقة فائقة، لقد تقدمت التنظيمات المنشقة عن القاعدة ببيانات تبارك فيها لانتصار طالبان. وفي عنق القاعدة ليس فقط ولاء طبيعي بحكم الاشتراك في النظرة إلى العالم والشريعة، بل هناك التزام تفرضه شريعة البيعة. وهنا، يبدو أنّنا لأول مرّة أمام وضعية جماعة تبايع طالبان، وطالبان تتبرّأ منها، هل ستفرض طالبان على القاعدة الدخول في دورة المجاملة والمراجعة؟
- لا زالت الحرب قائمة في بنجشير، لقد أُعطيت تعليمات للإعلام بأن لا ينقل تفاصيل هذه المعركة، لا شيء يجب أن يشوش على طالبان، وجب أن ننتظر النتيجة لكي يُقال بأن طالبان استُقبلت بالورود من قبل الأهالي، لكن المقاومة في وادي بنجشير مستمرة، تعلن جبهة المقاومة الوطنية بأنها استرجعت حتى الآن ثلاث مناطق. هذه معركة حامية الوطيس، لكنها غير منقولة في وسائل إعلام عوّدتنا على تهويل النزاع في سوريا والعراق وغيرها من مناطق التوتّر.
- تتضمن حكومة تصريف أعمال وزارة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المجتمع الأفغاني قلق، هل تغيرت رؤية طالبان للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ هل يوجد منكر أكبر من فرض الهيمنة الآحادية على الشعب الأفغاني؟
- وجود صمت مطبق حول سلوك طالبان لا يعني غياب التدمّر، ربما أحيانا وجدنا بعضا من تعبيراته كالذي رأيناه في تصريح سعيد خطيب زادة الناطق باسم الخارجية الإيرانية، حيث أشار إلى وجود تدخّل خارجي، وهو ما يعني بطريقة ما الإشارة إلى دور باكستان في الهجوم على بنجشير، وإشارة أيضا إلى الطائرات المسيرة في القصف، ناهيك عن سياسة تجويع الطاجيك.
- بين قوى الطاجيك وطالبان ثأر لا يمكن أن يتم تجاهله. فمفهوم الدولة ليس جدّيا لدى طالبان، لأنها تنظر إليها كإمارة. لقد قتلت القاعدة حليفة طالبان والد أحمد شاه مسعود، وهو يواصل مهمة أبيه الذي قاوم طالبان مقاومة شرسة. إنّ بنجشير هي فصل المقال ما بين طالبان والطاجيك، وعلى هذه المعركة يتوقف مصير أفغانستان.
ادريس هاني:11/9/2021