محمد فخري المولى ||
التاريخ سجل يحتوي بطياته احداث كبيرة وصغيرة ، طبعا مع او ضد ، محب مبغض تفاصيل طبيعية نتيجة الارث التاريخي المحفور بالذاكرة للشخوص او ناقلي الاحداث .
لكن اليوم بعد مرور مئة عامٍ على تنصيب الملك فيصل إبن الشريف حسين تجد من يقارن بين أنظمة الحكم امر يتقبل
اكاديميا لكن مجتمعيا وأفراد الامر بحاجة إلى تدقيق .
أنظمة الحكم لها قوانين وقواعد ثابتة عالميا ، اما في العراق الشخوص هي التي تصوغ أنظمة الحكم وتأثيرها ،
النظام الملكي واحد وراثة الأبناء ، لكن مثلا انموذج الملك فيصل الأول بالحكم يختلف عن انموذج الملك غازي ويختلف تماما عن فترة الوصي عبد الاله ، طبعا فيصل الثاني لم يعطى الفسحة الكافية ليكون وضوح بصفات لفترة حكمه .
الحكومات التي تشكلت بظل الحكم الملكي كانت هناك نتيجة واضحة صراع على السلطة في المسرح السياسي العراقي ، نتيجة الشخوص العسكرية والتاصيل العسكري للعراق ابان العهد العثماني ،
وما زال الصراع مستمر برغم التحول للنظام الجمهوري وامتد للنظام النيابي .
هنا لابد من العودة لبداية تأسيس الدولة العراقية بغض النظر عن نظام الحكم .
انتج العهد العثماني منظومة إدارية وقسم العراق الحالي
ولايات منها البصرة وبغداد والموصل طبعا كانت هناك أجزاء أصغر لكن نحن نبحث بموضع اخر .
لم يكن تفصيل اسمه العراق بل كانت ولايات متفرقة ، الانتقال من حكم الإمبراطورية العثمانية الى الاحتلال البريطاني لم يغير سوى آليات السلطة من الصدر الأعظم او ما رافقها من مسميات الى بعض الشخوص التي اعتقد البريطانين أنهم فاعلين بدون ضوابط حقيقة فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير ، مخاطبات بين العشائر وبين المرجعية انذاك ووصل الامتعاض الى انطلاق شرارة ثورة العشرين الخالدة ، التي نستطيع أن نردد بثقة هي نواة العراق الحالي .
ثورة العشرين اتسع شضاها ليشمل كل أجزاء العراق الحالي ، هذا الامر ارغم البريطانين للتفكير بجدية مستثمرين اطلاعهم الواسع على العراق وأهله وطبيعتهم الاجتماعية ، تزامنت هذه الأحداث مع احداث سوريا وتنحية ملك فيصل الأول عن الحكم ، هذا الامر هيء الأرضية ليطلب طيف من سادة و وجهاء نواة العراق الجديد قدوم الملك الهاشمي للحكم بمباركة البريطانيين .
تم الامر بتتويج الملك فيصل الأول ملكا للمملكة العراقية
23 / 8 / 1921
وتم الامر امميا بدخول العراق دولة رقم 57 بتاريخ
10 / 3 / 1932
هنا لابد أن نشير الى مواقف اجتماعية برسائل وطنية أرست اركان العراق الجديد بوجود الموصل جزء منه ، برغم ان الكثيرين ومنهم تركيا وهي ما تبقى من الإمبراطورية العثمانية أن العراق سيزول وستعود الموصل إليهم وظهر ذلك جليا بوضع ليرة أعمار الموصل .
الحكم الملكي استطاع ان يمتص كثير من الخلافات بمختلف الانواع ، لأنها ببساطة فصلت بين المواطن والحكومة والسياسة والسياسين والمواطن .
فسار المركب وبقى العراق ،
ذكرى المائة على إعلان فيصل الأول ملكا على العراق ومن بعده ولده غازي الذي أغتيل عام 1939 ليخلفه عبدالإله وصيا على العرش حتى 2 مايو 1953 اليوم الذي توج فيه فيصل الثاني ملكا حيث لم يمهله القتلة سوى بضع سنين ، وأردوه صريعا هو وأسرته التي تتكون من النساء والأطفال في حديقة القصر الملكي ، بفعل شخص اقحم نفسه على المشهد اقحاما .
هذا الحدث هو امتداد لعسكرة المجتمع .
خلال هذه الفترة بدأت معالم دولة تتجه الى العصرية والتمدن والعمران ، وبعض التطور الذي صاحبه شكل سياسي وإعلامي وتمثيل برلماني مع مارافق تلك المرحلة من وجود الإقطاع ، وغياب المثالية في الحكم .
لكن مر العراق بتجربة رائدة من بين بلدان الشرق الاوسط والبلدان العربية التي كانت ضمن مستعمرات بدائية ، غير إن تطورات الأحداث أرغمت البريطانيين على الخضوع للإرادة الشعبية ، ومحاكاة الوجدان الوطني العراقي ، والقيام بإصلاحات جوهرية أدت الى قيام حكم وطني متوازن وضع أسس الدولة الحديثة التي صمدت حتى تموز عام 1958 .
إنقلاب تموز الذي فكك الدولة العراقية فتح باب لم يغلق الى 2003 النزعة الانقلابية العسكرية والقوة الصلبة .
اذن الفترة الممتدة بين ( 1958 _ 2003 ) وضعت الدولة العراقية نهبا للعسكر والقتلة والأحزاب والنزعات الفكرية المختلة والآيدلوجيات ، ودفع العراقيون ثمن ذلك من خلال تعرض دولتهم الى التفكك والإنهيار ، وسيطرة من رهنوا العراق بسلسلة من الحروب والمجاعات والتبعية والإصطفاف .
بتنويه مهم نحن لا نبخس حق إنجازات مهمة خلال تلك الحقبة لكن بمجملها ضاعت بما بعدها من احداث .
لذا بمجمل الاحداث نتسائل ،
ماالذي يمكن للعراقيين أن يفرحو به بعد كل هذه السنين التي مرت على تأسيس اول نظام ملكي دستوري مدعم بديمقراطية ليست مثالية ، لكنها لبت طموح فئات إجتماعية تبحث عن نهضة الأمة وعلوها ، فالإنقلاب على النظام الملكي بمجموعة من الضباط مثل مرحلة تفكيك الدولة وضياعها وتحولها الى دولة إجتهادات وإملاءات وزعامات تفكر فقط في كيفية البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة ، دون الإهتمام بالشعب ، بل بمراحل كثيرة كان الشعب هو الوقود لديمومة القرارات الطائشة والفردية ، ولعل كل مانتج من مشاريع ومحاولات تحديث وإعمار كان في العهد الملكي، وليس نتاج الحقب السياسية التي أعقبت الإنقلاب على ذلك النظام ، والتي تمارس تدمير العراق حتى اليوم عند قصد او عدم دراية وربما ستستمر الى مراحل قاسية مقبلة عبر محطات الزمان القادمة .
الملك مدركاً طبيعة التركيبة السكانية المتنوعة قومياً وطائفياً أدار الامر من خلال النظام اللامركزي في الادارة والنهوض بسلطة البلديات المحلية لتقليل الاحتقان والتضاد بل التقاطع أحيانا ، لقد كان فيصل حالماً كبيراً مؤمناً بعراقٍ يضمن حقوق الجميع .
المملكة الفتية بدأت مع وفاة مؤسسها ونلمح ذلك من خلال ازدياد حدة الصراع السياسي بين الاحزاب وبداية التدخل السافر لقادة الجيش في الشأن السياسي مما هيء الأرضية الخصبة للتوجه إلى نظام الإنقلابات المتعاقبة التي بدأت بإنقلاب بكر صدقي في عهد غازي خليفة فيصل وصولاَ إلى إنقلاب 14 تموز 1958 وماتبع ذلك من صراع وتنافس للاستحواذ على السلطة بشتى الطرق والأساليب وخاصة في فترة المد القومي ومااعقب ذلك من صراع ادخل البلد في توتر وازمة لازلنا ندفع ثمن تبعاتها الى الان وخاصة بعد ان ظهر شخص طموح ومهووس بالتأريخ ولم يقراءه جيدا ، فقاد العراق واهله بتهور وجنون من محرقة إلى أخرى حتى أجبر الغرب إلى أنهاء هذا الصداع العالمي( اسلحة الدمار الشامل ) عام 2003 بتدخل عسكري مباشر ليدخل العراق في نفقٍ مظلم بسبب الإنشقاقات السياسية التي غذاها الموروث والنزاع الطائفي الذي احال حياة العراقيين الى اتجاه اخر وبوصلة اخرى مختلفة تماما عن ما سبق .
هذه هي الخلاصة
النظام الملكي أرسى بناء إداري صحيح مدروس بيد المختصين والاهم كانت الصراعات والتقاطعات السياسية بعيدة نسبيا عن المواطن ، حقبة الزعيم كل التطوير مستمر لانه سار بطريق اكمال منجزات الحقبة الملكية لكنه اقترب من المواطن البسيط وكان وقود الحرس القومي واستمر الامر الى فترة الثمانينات والتسعينات فكان المواطن وقود محارق الحروب ، لذا من يردد انه زمن جميل فهو للمختزن من الذاكرة لتلك الحقبة وهكذا الذاكرة الجمعية فتجد من يترحم على زمن لم يعشه وينظره .
https://telegram.me/buratha