نعيم الهاشمي الخفاجي ||
أنا شخصيا عاصرت التسابق مابين المعسكر السوفياتي وارسو ومابين حلف الشمال الأطلسي الناتو، في حقبة سبعينيات القرن الماضي كان الهاجس الأول والأخير معرفة كل معسكر أسلحة ونوعية المعسكر الثاني، زود السوفيت العرب صواريخ سام تستهدف الطيران الحربي وقد ابدعت هذه الصواريخ في صناعة نصر للعرب في حرب تشرين عام ١٩٧٣ حيث تم تحييد سلاح الجو الصهيوني، لكن أنور السادات قام في إعطاء الناتو قاعدة صواريخ سام على اثرها تم صناعة صواريخ للناتو ضد طيران الميغ الروسي.
بلا شك الخلاف مابين فرنسا والحلف الثلاثي عامل مفرح الى المعسكر الروسي الصيني الإيراني الكوري الشمالي، وشيء طبيعي المارشال فلاديمير بوتين يشعرَ بالارتياح في كلُّ تصدُّعٍ وخلاف في الحلف الذي تقوده أميركا.
فرنسا عبرت عن استيائها من التحالف الأمني الثلاثي الذي أفقدها ما كانت تعتبره صفقة العصر مع أستراليا، للكسب المالي الكبير في اتفاقية بيع الغواصات الفرنسية الى استراليا والتي ذهبت بين ليلة وعشية الى شركات تصنيع الغواصات الحربية الامريكية بصفقة تبلغ ٦٦ مليار دولار، أصيبت فرنسا بالاحباط لانها كانت تعتقد أنَّ عهد جو بايدن ليس مثل عهد الملياردير ترمب ولايمكن ارتكاب مثل هذا النوع من المفاجآت الذي كانت تتخوف منها في عهد سلفه الحلاب ترمب.
هناك حقيقة الدول الكبرى الذي يهمها بيع السلاح لكسب المال لانهم متفقين في استحالة وقوع حرب نووية ما بين الدول الكبرى لذلك تحدثت باريس عن الخيانة والطعن في الظهر والأنانية والانتهازية، مبررة استدعاء سفيريها لدى الولايات المتحدة وأستراليا للتشاور.
ايضا فرنسا اتهمت كانبيرا بالإخلال بصفقة الغواصات، فإنَّها تعتبر أنَّ العرض الأميركي هو الذي شجّعها على الخيانة، من دون أن تنسى الحديث عن الانتهازية البريطانية.
كشفت أزمة الغواصات أنَّ الصراع بين الدول الغربية غايته كسب المال وليس لشن حروب نووية كما يعتقد الكتاب والمحللين العرب السذج.
قبل نهاية الحرب العالمية الثانية وفي مؤتمر طهران اتفق السوفيت مع الامريكان بتقاسم العالم وأوروبا لذلك لم يحاول الاتحاد السوفياتي تجاوز الاتفاقات للسيطرة على دول أوروبية غربية رغم ان الاحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية حكمت بلدان من خلال الانتخابات، ورغم وجود الجيش الاحمر لكن لم يتقدم الجيش الأحمر في مهاجمة دول أوروبا الغربية، وكان الشعور لدى المواطن الغربي العادي أن أميركا لن تتردَّد في الدفاع عن أوروبا الغربية إذا تعرضت لخطر داهم، ولمست ذلك خلال قدومي للغرب عندما عارضت نظام صدام الجرذ واضطهدني العربان ووضعوني في غياباهات سجونهم المظلمة والمرعبة، حيث كنت اسمع من المواطنين الاوروبيون ان حلف الناتو حامي الى أوروبا الغربية وهم صادقين بذلك، لكن بعد تهيكل المعسكر الشرقي السوفيتي بات الصراع في كسب المال، الناتو نشر الإسلام الوهابي التكفيري وارتد عليهم بشكل ظلامي وحدثت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) ووضعت أميركا المنتصرة في وضع صعب في أفغانستان والعراق.
أعاد بوتين هيبة روسيا واستطاع قادة الحزب الشيوعي الصيني في السيطرة من خلال المال حسب الرأسمالية لكن بلباس اشتراكي جديد وجميل من خلال بناء مشاريع البنية التحتية والقروض لكل دول العالم،شاهدنا كيف ترمب ضغط على أردوغان لعدم شراء منظومة الأس أس ٤٠٠ الى الدفاع الجوي الروسي، ولو كان هناك فعلا صراع امريكي مع روسيا لتم السماح الى اردوغان في شراء منظومة الدفاع الجوية الروسية لمعرفة نوعية وخاصة هذا السلاح مثل مافعلوها بحرب تشرين عام ١٩٧٣ عندما تم أخذ قاعدة صواريخ سام سوفياتية من أنور السادات وتم صناعة صواريخ ضد طيران الميغ السوفياتي سابقا والروسي الحالي، لذلك الخلاف الأمريكي الفرنسي لم يصل إلى طريق اللاعودة مع الطرف الآخر في الأزمة أبدا وإنما صراع مادي لا أكثر والعلاقات باقية ويتم تعويض فرنسا بصفقات إذا تعذر ذلك من أستراليا تقوم إدارة بايدن باعطاء اوامر لعبيدها من دول الرجعية العربية في توقيع صفقات مع شركات فرنسية لصيانة وخدمة قطعان الجمال والحيوانات للكسب المادي وينتهي كل شيء.
بل حتى امريكا لم تطمح في تنظيم اصطفاف واسع على أساس أن الصين هي إمبراطورية الشر بل في الخفاء هناك اتصالات لتقاسم النفوذ.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
20/9/2021