محمود الهاشمي ||
سخونة (التطبيع ) مع الصهاينة تزداد هذه الايام بعد ان تكون قد خفتت لسنوات طوال واصبحت مجرد ذاكرة سيئة في تاريخ الامة .
لا اكاد اطالع مقالا لكاتب اميركي او اوربي ثم لحقهم العرب الا واجد تكرار كلمة (التطبيع )
وخاصة التحاق (الامارات والبحرين والسودان ) وكأنه واقع حال ومسلمة يجب ان يحفظها الجميع .
هذه (اللجاجة) في الاعلام مردها الى القلق الصهيوني على مصيره بعد ان احس بخطورة وجوده وقد تراجع مناصروه من الغرب وهم يبحثون عن مصالح دولهم دون الاكتراث لمن كان يوما (الصديق المدلل) .
صحيح ان (التطبيع الرسمي ) العربي يشكل ازعاجا يوميا للشعوب العربية وهي تتلقى اخبارا عن المزيد من العلاقات مع الصهاينة في وقت يتعرض الفلسطينيون الى اعتداءات يومية من قبل القوات الامنية الاسرائيلية .
وصحيح ان (التطبيع الرسمي ) يبدو في شكله العام مجرد علاقة مع كيان متفق على عدائه للامة والانسانية بشكل عام ،لكن من حق كثيرين ان يسألوا ؛- ماجدوى الرفض الشعبي
للتطبيع مع الصهاينة اذا كانت معظم العلاقات الاقتصادية والسياسية تسير بشكل طبيعي ؟
ثم ان هذه (العلاقة الرسمية) تقوي من عضد ووجود دولة الاحتلال ،وتصنع رأيا عاما لدى الاوساط الدولية بان اسرائيل لها علاقات طيبة مع العرب خاصة ،وهو اعتراف باحقية وجودها على ارض فلسطين .
في المشهد العام فان (الاعلام الرسمي) للبلدان المطبعة لم يتقاطع مع العلاقة مع الصهاينة وغالبا مايبرر جرائمهم،
وشهدنا في معركة (سيف القدس) الاخيرة ان اعلام الدول المطبعة كان يؤكد على حجم الدمار الذي طال غزة نتيجة القصف الصهيوني
وحال الاسر ومعانات الناس وكأن المقاومة قد ورطت شعبها في حرب غير متكافئة !!
اذن اذا كانت العلاقة رسمية والاعلام منسجم مع التطبيع فما ينفعني انزعاج الشعب الاردني او المصري او المغربي من مشهد السفارة الاسرائيلية في دولهم ؟
منذ عام التطبيع بين مصر وإسرائيل-وهو الاقدم - وليس هنالك من سياحة واسعة او علاقات اجتماعية بين الاثنين ،وقد تعرض سواح صهاينة في مصر والاردن للطعن والقتل انما هذا لم يعطل مشروع (العلاقة بين الاثنين )!
قد تبدو الامارات هي الدولة الاكثر تفاعلا مع التطبيع مع الصهاينة حتى لايمر شهر دون ان تكون هناك اتفاقية او نشاط اعلامي او تجاري وحتى ديني ،وهذا مرده ان الامارات حتى الان لاتملك سماة دولة بسبب ان عدد سكانها (750) الف نسمة ويقطن معهم في مساحة ضيقة (11) مليون اجنبي من (150) قومية و(220) جنسية وبذا فهي واقعة تحت احتلال مطلق لذا اعلنوا اخيرا انهم في الطريق الى تغيير الاسم من الامارات العربية المتحدة الى (دولة الامارات العالمية )! لكن الدعم الاماراتي تجاوز كل دعم من الدول العربية الاخرى ،ولذا فانه يمثل خطرا على مصير المنطقة لانه يقوي من وجود الدولة الصهيونية ويشجعها على المزيد من الجرائم بحق ابناء الشعب الفلسطيني والمنطقة عموما .
مانود ان نقوله ان روح الرفض للتطبيع مع العدو الصهيوني يجب ان تتطور الى مستوى
رفض (التطبيع الرسمي ) والذي اهمل اخيرا بسبب اكتفاء الامة بما تخزنه الشعوب العربية والاسلامية من تفاعل مع القضية الفلسطينية والانتصار للمقاومة ،والذي يظهر جليا في مواسم المواجهة مع العدو الصهيوني اثناء الاحتجاجات او المواجهة العسكرية .
نعتقد ان بقاء (التطبيع الرسمي ) من قبل بعض الدول العربية والاسلامية سيشكل خطرا على مستقبل المقاومة سواء في الخطاب الاعلامي او صناعة الكراهية او في الدعم المباشر للصهاينة كما تفعل البحرين والامارات الان .
حتى نصل الى المبتغى في ايقاف (التطبيع الرسمي ) لابد من اعلام موجه لشعوب الدول المطبعة لاحراج حكوماتهم ،والسعي الى تغييرها ،بدلا من فتح العلاقات معها بدعوى (البراغماتية) او (المصالح المشتركة ).
سنضرب مثلا ؛-الولايات المتحدة فرضت عقوبات على ايران ولبنان وفنزويلا والصين وووالخ ومنعت الدول من التعامل معها فالتزمت دول كثيرة وشركات مما ساعد اميركا من تحقيق اهدافها ! ان التمرد على العقوبات الاميركية يمثل جزء من عمل المقاومة ،والدليل ان ايصال النفط الايراني الى مسافة (20) الف كيلو متر الى فنزويلا رغم الحصار الاميركي عليها يطيل من عمر صمود فنزويلا ويقوي من شوكة المقاومة وكذلك ماحدث في لبنان وايصال (المازوت ) .
وان ضغط حزب الله على الحكومة اللبنانية في صناعة الحكومة يجعل الحكومة اللبنانية تحت
المراقبة والضغط حتى لاتفلت من مدارها وتقع في حجر الصهيونية.
الظرف الراهن بالمنطقة والعالم ايضا امام انحسار النفوذ الاميركي بالمنطقة وتصاعد الخلافات مع اوربا ،يوفر فرصة لاحراج الحكومات العميلة و(المطبعة ) وجعلها امام ضغط شعوبها لعملية تغيير قادمة .
لا الغي اي طريقة من شأنها ابعاد (الحكومات المطبعة ) وابدالها بحكومات وطنية بما في ذلك التحولات العسكرية ،فقد باتت الحكومات العميلة تستخدم العسكر لقهر شعوبها كما في مصر والان بالسودان وحتى المغرب .
ان (الدول المطبعة ) تخطط الان ان تحافظ على علاقاتها مع بعضها وصناعة تكتل سياسي اقتصادي عسكري لسد الفراغ بعد الانسحاب الاميركي في وقت تتوقف ماكنة الاعلام المقاوم
للوقوف امام هذه المشاريع وفضحها .
ان الانتصارات العسكرية المحدودة والتي تقع اغلبها بالدفاع عن النفس غير كافية لفصائل المقاومة انما نحتاج لمشروع سياسي واعلام مواز ايضا ،فقد تفلت من يدنا فرصة لاتتكرر بسهولة بالتاريخ .
https://telegram.me/buratha