فهد الجبوري ||
في مثل هذا اليوم الثاني والعشرين من أيلول/سبتمبر من العام ١٩٨٠، قام نظام الطاغية المقبور صدام بشن عدوان ظالم وغاشم ضد الجمهورية الإسلامية في ايران وبتنسيق تام مع قوى الاستكبار بزعامة الولايات المتحدة بهدف القضاء على الثورة الإسلامية والنظام الإسلامي الذي انبثق بإرادة الشعب الإيراني .
وجاءت الحرب كرد فعل واضح على الحدث الأكبر في تاريخ المنطقة والعالم، وهو انتصار الثورة الإسلامية في ايران بقيادة الإمام روح الله الخميني وبجهاد وتضحيات الشعب الإيراني، وازالة حكم الشاه العميل، وإعلان الجمهورية الإسلامية وحكم ولاية الفقيه .
وبعد شعور قوى الاستكبار العالمي بقيادة الولايات المتحدة بخطر هذه الثورة على مصالحها ومصالح الحكومات والأنظمة السائرة في ركابها، وعلى الكيان الصهيوني، قامت بالإيعاز الى الطاغية صدام بإجراء انقلاب على احمد حسن البكر، واستلام كافة السلطات، وهذا الذي حصل فعلا حيث تم إزاحة البكر واستلام صدام للسلطة في تموز ١٩٧٩، أي بعد خمسة أشهر من نجاح الثورة الإسلامية في شباط /فبراير من العام نفسه .
وعندما فشلت محاولة زعزعة الثورة من الداخل بواسطة بقايا نظام الشاه، والمنافقين والقوى الاخرى المعادية للثورة، تم الإسراع في عملية شن الحرب، وأوعزوا الى عميلهم صدام للقيام بدور القضاء على الثورة الإسلامية، والظهور بأنه الرجل القوي القادر على مواجهة الجمهورية الإسلامية، ولفرض نفسه شرطيا للمنطقة والخليج عوضا عن الشاه .
ولأجل التحضير للحرب، اتخذ المجرم صدام الخطوات التالية :
١- القيام بحملة اعتقالات واسعة في صفوف ابناء الشعب العراقي، وعلماء الدين، والأحزاب الإسلامية، بعد أن عبرت أوساط وشرائح المجتمع العراقي عن فرحتها بانتصار الثورة، وكان في مقدمة ذلك تصفية وإسكات الأصوات التي أعلنت بشكل واضح وصريح عن دعمها للثورة ولقيادة الإمام الخميني مثل آية الله العظمى المرجع السيد محمد باقر الصدر والعديد من تلامذته ومقلديه وأتباعه .
٢- القيام بحملة تهجير واسعة النطاق وغير مسبوقة في الحجم والقمع، حيث جرى التهجير القسري لعشرات الآلاف من العوائل العراقية وبحجة التبعية الإيرانية .
٣- ممارسة الضغوط بشتى الأساليب على الحوزة العلمية في النجف الأشرف، بهدف إسكاتها ومضايقتها، وهذا ما حصل بالفعل مع مرجعية السيد الخوئي ( قدس سره )
٤- لأجل التحضير للحرب من النواحي العسكرية واللوجستية، إتخذ النظام عدة خطوات منها تكثيف التدريبات العسكرية، واستدعاء الاحتياط، واستيراد المزيد من الأسلحة الهجومية مثل الطائرات الحربية والمروحيات والدبابات المتطورة وغيرها .
٥- الإسراع في ترتيب وتنظيم علاقات النظام مع الأنظمة العربية، وبالخصوص مع حكومات الخليج من أجل ضمان دعمها للحرب، وكذلك مع النظام المصري الذي كانت حكومة البعث في بغداد قد قطعت العلاقة معه بعد زيارة السادات الى القدس ولقائه مع مناحيم بيغن وذلك في عام ١٩٧٧.
بدأت الحرب يوم الثاني والعشرين من شهر أيلول /سبتمبر من العام ١٩٨٠، وكانت حربا تدميرية استخدم فيها النظام الصدامي كافة الأسلحة ومنها تلك المحرمة دوليا مثل الأسلحة الكيماوية وبتشجيع واضح من الولايات المتحدة والقوى الاستكباربة .
وبسبب تلك الحرب الجنونية، تعرض العراق والشعب العراقي الى نكبة كبيرة، وكانت الخسائر البشرية والمادية هائلة جدا، وقد مهدت الطريق الى انهيارات ونكسات على الصعد الاجتماعية، وتفكك الأسر، وضياع جيل كامل من الشباب، وخسائر مهولة في الكفاءات والكوادر العراقية التي زج بها في الحرب، وتدمير البنى التحتية، وعسكرة المجتمع، ومديونية للخارج لم يسبق لها مثيل .
وساهمت الحرب في ضياع قضية فلسطين، والتمهيد لاجتياح العدو الصهيوني للبنان في العام ١٩٨٢، وفرض إرادة الاستكبار العالمي على المنطقة، وفرض ما يسمى بالحل السلمي للصراع العربي الصهيوني الذي هو في الواقع تصفية لقضية الشعب الفلسطيني العادلة .
وبالرغم من عمليات القمع والتنكيل التي يقوم بها الطاغية ونظامه القمعي، أعلنت قطاعات واسعة من الشعب العراقي رفضها للحرب، وقد دفعت ثمنا باهضا لهذا الموقف، وقد اضطر الكثيرون من أبناء الشعب الى الهروب، والهجرة، بعد أن ضاقت بهم سبل البقاء داخل العراق، وهكذا كانت الجمهورية الإسلامية هي المحطة الأولى للهجرة، حيث توفرت الأرضية المناسبة للتحرك ضد الطغمة الصدامية، والمشاركة في الجهود المبذولة للقضاء عليها وتخليص الشعب العراقي من شرورها، وهكذا وبعد اشهر قليلة من اندلاع الحرب الظالمة، بدأت تتشكل نواة مما عرف فيما بعد بقوات بدر والتي ضمت في صفوفها مجموعات من المقاتلين والمجاهدين والهاربين من جحيم النظام والحرب .
لقد كانت حربا ظالمة وكارثية بكل معنى الكلمة وكانت الخطوة الأولى في مسلسل تدمير العراق وهدر طاقاته وثرواته وحرمان شعبه من فرص التقدم والتطور والازدهار، وكل ذلك كان بسبب دكتاتورية وغطرسة المجرم صدام الذي مارس أبشع أنواع الجرائم ضد الشعب العراقي فقط من أجل البقاء على كرسي الحكم .
https://telegram.me/buratha