د. جواد الهنداوي .*||
على الحدود الشمالية لايران نشاطٌ عسكري محموم ، ويخفي نوايا لاعتداءات تنطلقُ من اذربيجان و تستهدف أيران .
على الحدود الشمالية لايران ،ليس فقط اذربيجان ، وانما تركيا و اسرائيل ، و راعيهم أمريكا، والتي هي الآن حريصة ، وتحذّر اسرائيل من الاعتداء على أيران .
سيلتقي غداً ( ٢٠٢١/١٠/٨ ) ، وزير خارجية اسرائيل بالادارة الامريكية ،في محاولة اخرى لاقناعها بالتخلي عن التفاوض مع ايران بشأن برنامجها النووي ، وستجري مناورات ضخمة بين الجيش الامريكي والاسرائيلي وجيوش اوربية ، ولقاء بين وزير الامن وقائد الجيش الاسرائيلي وقائد الاسطول الامريكي الخامس .
و الرئيس الايراني الاسبق ، احمدي نجاتي ،يحذّر ،في تغريدة له ،من سيناريو خطير يُعدْ ضّدَ شعوب ايران واذربيجان و ارمينيا .( انظر في ذلك صحيفة راي اليوم الالكترونية بتاريخ ٢٠٢١/١٠/٧) .
ستنطلق ،واعتباراً من تاريخ ١٠/٥ لتاريخ ١٠/٨ ، مناورات عسكرية اذربيجانية -تركية ، وفي اقليم نيختيفشان،على الحدود الايرانية ، والهدف ،حسب تصريح وزراة الدفاع التركية ، دعم جيش اذربيجان و تعزيز التعاون و الصداقة . مناورات ، على مايبدوا ، رّداً على المناورات الايرانية الجارية على الحدود مع اذربيجان وبعنوان " فاتحوا خيبر " .
لم تتوقف اسرائيل عن البحث عن فرصة تتيح او تُبرّر لها شّنْ الحرب على أيران ، وبأقل خسائر تتكبّدها ،و بأقل درجة من المسؤولية تتحمّلها . تّمَ احتلال و تدمير العراق ، ولمصلحة اسرائيل ،دون أنْ تتورط اسرائيل وتتكّبد خسائر ، و دون ان يُذكرْ لها دوراً او اسماً؛ وتّمَ تخريب سوريا و احتلال جزء من اراضيها ، و المستفيد الاول هو اسرائيل ،دون ان تخسر إسرائيل لا مالاً و لا عيالاً. و أغلب الادوات و الاموال التي وُظِفتْ للتدمير وللتخريب خرجت من صناديق وحسابات امريكا وبعض دول المنطقة.
تلتقي ( إنْ لمْ اقلْ تتعاون ) تركيا مع اسرائيل ،في الوقت الحاضر ، في شّنْ حرباً على ايران ،لأجل اضعافها ، والتخلّص من منافس اقليمي جّدي ،على الصعيد السياسي والاقتصادي ، في منطقة وسط آسيا وفي منطقة الشرق الاوسط .
ولم يعُدْ مستوراً و لا خفياً الدور التركي في التدخل الغليظ ( قواعد عسكرية في العراق و احتلال في سوريا ) ،وفي توظيف الارهاب و الارهابيين ، في سوريا و من سوريا كمرتزقة واستخدامهم في ليبيا وفي اذربيجان خلال فترة الحرب مع ارمينيا .و التقرير الاممي ،الصادر من منظمة تابعة الى الامم المتحدة ،و كُلفت رسمياً من الامم المتحدة لتقصي الحقائق في ليبيا ، بتاريخ ٢٠٢١/١٠/٤ ، يعلن وبصراحة عن دور تركيا في توظيف الارهابيين . وذكرَ التقرير ايضاً دور " الجيش الحر السوري "و التابع الى المعارضة السورية ، في تشغيل هولاء الارهابيين و توظيفهم كمرتزقة، في ليبيا وفي اذربيجان وفي اليمن ، ومن خلال شركة أمنية تجارية ،تديرها المعارضة السورية ،هذا ما وردَ في تقرير المنظمة التابعة للأمم المتحدة .و تعهدت المنظمة في اصدار تقرير آخر قريباً تسرد فيه اسماء الارهابيين و الشخصيات المعارضة ، المشرفة على ادراة شركة توظيف واستخدام الارهابيين و المرتزقة .
تجدر الاشارة ،بأنَّ تركيا ودول خليجية وفرنسا هم من ساهموا و مَولوا " الجيش السوري الحر " ، و اعتبروه اداة " لتحرير سوريا وجعلها ديمقراطية " ، بل والامم المتحدة ذاتها أصرّت على ان يكون لهذه المعارضة دوراً في المفاوضات لحل سياسي لسوريا ولصياغة الدستور !
أمريكا ، وبسبب وضعها الاقتصادي و السياسي الدولي ، لا تتحمّل ورطة حرب جديدة ،تضرمُ نار فتيلها اسرائيل ، و افصحت امريكا عن ذلك علناً ، في كلمة الرئيس بايدن قبل ايام في اجتماعات الدورة السنوية للامم المتحدّة ، حين قال " نلتزم بالدبلوماسية في التعامل مع ايران " . وفي جميع اللقاءات الاخيرة التي اجراها مسؤولين في الحكومة الاسرائيلية مع الادارة الامريكية ، اكدت الادارة الامريكية ، وفي مقدمتهم الرئيس بايدن على معارضتها لايّ عمل عسكري احادي الجانب تقوم به اسرائيل ضّد ايران .
تواجه اسرائيل مشكلة حسم خيار الحرب مع ايران، و تترّنح القيادات العسكرية والسياسية الاسرائلية بين خيار الحرب ، والمرفوض امريكياً ،وخيار عودة ايران الى الاتفاق النووي و المُكلِف امريكياً ،بسبب الشروط الايرانيّة .
قّدْ تفكّر اسرائيل وتخطط باشعال فتيل الحرب مع ايران بتوريط اذربيجان ، وتنفّذ اسرائيل ما تريده ،بأعتبار الحرب آذريّة -ايرانية ! وعندما تتقّدُ نار الحرب ،لا تستطيع الادارة الامريكية مقاومة ضغط اللوبي الصهيوني من اجل التدخل لمساعدة اسرائيل .
تعتقدُ خطئاً اسرائيل ، وهذا افتراض ، بأنَّ الحرب على ايران من جبهة اذربيجان ،يُحيّد حلفاء ايران في محور المقاومة ، وفي مقدمتهم حزب الله وسوريا والحوثيين و غيرهم ،لبعدهم الجغرافي عن مسرح العمليات ،ولأنَّ الحرب ليس في تخوم فلسطين المحتلة .
لم تتّردد ايران بالمبادرة بممارسة الضغط على أذربيجان ، ميدانياً باجراء المناورات العسكرية ولكل صنوف القتال على تخوم اذربيجان ، وسياسياً بتحذير اذربيجان مِنْ ان تكون منطلقاً لعمليات عدائية تقوم بها اسرائيل والارهابيين والمرتزقة المتواجدين في اذربيجان ، وبرعاية تركيا و اسرائيل واذربيجان .
تعتقدُ ايران ،كما أظنُّ ، على عدم جرأة اسرائيل بالقيام بعمل عسكري ضّدها ، و انطلاقاً من اذربيجان لسببيّن اساسيّن : الاول هو ادراك اسرائيل بثقة ايران العالية بقدراتها العسكرية وعلى الرّدْ ، والثاني هو عدم سماح روسيا لايّ عمل عسكري او حرب في منطقة آسيا ،وعلى مقربة جغرافية وسياسية لروسيا.
*سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي
للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل
في ٢٠٢١/١٠/٦ .
https://telegram.me/buratha