إسماعيل النجار ||
ما هو البديل؟
سؤالٌ بديهي،يطرحهُ كل عاقل ومراقب على نفسِه،محاولاً الحصول على إجابة.
بدايَةً الجميع يعلَمُ أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومنذ ولادتها، وهيَ تتعرَّضُ لشَتَّىَ أنواع الحروب الصّلبَة القاسية، بدءاًمن حرب النظام التكريتي عليها، مروراً بالحصار العسكري الأمريكي لسواحلها خلال فترة وجيزَة،
وصولاً إلى العقوبات والعمليات الإرهابية، وتجييش الشارع،والهجمات السيبيرية، والقطيعة الدولية لها، وشيطنتها، وتهديدها بالقصف والحرب، وإلى ما يزيد عن ألف يَزيد حولها يُحَرِّض عليها، ويدفع الأموال لمحاربتها وقطع أذرُعها، ومنعها من بَيع نفطها، ومحاولة تقليص قدرتها على الحصول على المواد الأوليَة والِاكتفاء الذاتي، أو تطوير نفسها.
ناهيكَ عن بث التَفرِقة بين أبناء جلدتها، واغتيال علمائها، وإلى ما هنالك من أساليبَ خبيثةٍ استخدمها العدو لمهاجمتها.
رغم كل ذلك، إيرانُ هذه لم تتخلَّ عن مشروعها القائم على الدين الإسلامي الحنيف، وتقديم السلام للآخرين،وقد
اتَبعت سياسة مَد اليَد والمصافحة والمسامحة.
إلَّا أنها رسمَت خطاََ مستقيماً نحو القدس، وَوجّهَت بوصلتها نحوها، فاعتبرتها قضيتها المركزية، وحَدَّدَت جنس الكيان ونوعه، ووصفته بالغدة السرطانية التي يجب قتلاعُها وستئصالها من الجذور.
وذهبت إيران إلى أبعد من ذلك، بِاتّجاه دعم المقاومَة الفلسطينية بالمال والعتاد والسلاح، بشكلٍ مُطلق وصريح وغير مشروط،كما قدَّمَت العَون لكل الشعوب المضطهدة في المنطقة والعالم، لكي تنهض بنفسها؛ ولبنان واليمن والعراق وسوريا أكبر دليل.
إنَّ أداء إيران الخارجي ودور "فيلق" القدس، الذي سُمِّيَ بهذا الاسم تكريماً لأقدس مدينة، بعد مكة ويثرِب، أثار غضب وحَنَق الأمريكيين والصهاينة ضد طهران، فاعتبروها العدو اللدود والخطر الأكبر على وجود الكيان الصهيوني الغاصب،وأصبحت بالنسبة إليهم تُشَكِلُ الهدف الأول الذي يجب التركيز عليه لتحطيمه.
لقددعَم بعضُ العَرب توجّهات واشنطن وتل أبيب ضد إيران سراً، حتى وصلوا إلى مرحلة أصبحَ الحياء عندهم عاراً، فكشفوا عن وجههم الحقيقي، وأعلنوا عداءهم لها بشكلٍ مكشوف، وحولوا ضَخ إعلامهم بالكامل، باتّجاه الجمهورية لإسلامية لبَث الكراهية لها،
واتّخذوا موقفاً معاكساً لموقفها، بإعلانهم الكيان الصهيوني المجرم الغاصب صديقاً!
وإيران عدواً لدوداً لهم!
الجمهورية الفتيَة التي لَم تلتفت إلى نُباح الكلاب، واستَمرَّت قافلتها تَجِدُّ السَير بِاتِّجاه فلسطين،وصلت بعد أربعين عاماً إلى حدودها من ناحية الجولان السوري المُحتَل وجنوب لبنان وغزَّة من الداخل،هذا إذ لَم نَقُل :إنّ إيران أصبحت داخل كل حَي من أحياء الضفة الغربية لنهر الأردُن.
وتطورَت القدرات الإيرانيةرغم الحصار بدرجة نمو ناهزت واحد من مئة فيما لو لم تكن محاصرة، وأصبحت بمصاف الدوَل الإقليميةالعُظمَىَ، وشرارغضبها يستطيع أن يطال معظم العواصم الأوروبية، وكامل تراب فلسطين، فكيف لو أفلَتَت من العقوبات وتحررت منها فقط لعشرين عاما؟
أمريكا التي تحيّرت: كيف تلجُم طهران، وتاهَت بين تشديد العقوبات أو إعلان الحرب عليها أومحاباتها، فهي لَم تستطِع ضربها عسكرياً،ولَم تنفع عقوباتها في تأخير نموها وتطورها،
ولَم تستطِع أيضاً محاباتَها، بسبب موقف الجمهورية العقائدي منها، بسبب قضية فلسطين ودعمها للكيان الغاصب.
إذاً ما العمل؟ وأين نجحت إيران؟
إيران نجَحَت في تحويل الموقف الأمريكي، من قوةٍ قاهرة مسيطرة ومهيمنة، ومهددةٍ لأمنها القومي،
إلى..... قَوةٍ مُهادِنة ومُحاوِرة، وتُقدم لها الإغراءات والتنازلات...قُوَّةٍ قُصِفَت من الحرس الثوري ولم تتجَرَّأعلى الرَد!
هذا هوَ الموجز الذي يختصر مسيرة أربعين عاماً من الجهاد والصمود، بوجه أقوىَ وأعتَى قوة ظالمة في العالم.
رأىَ الجميع إلى أين وَصَلت إيران، وكيف شغّلت عدّادات البقاء العكسية، لما تبقّى من عمرٍ للكيان الغاصب، على هذه الأرض، الأمر الذي أرعَب الأمريكيين المرعوبين أصلاً، من الصين وروسيا.
هذه هيَ إيران، والآتي أعظم.
بيروت في.....
18/12/2021