إسماعيل النجار ||
أمريكا تُهدِّد إيران، وإسرائيل تُهَدِّد إيران، وإيران تهدد الطرفين.
روسيا تهدد أوكرانيا، وأوروبا وأمريكا يهددان روسيا،
السعودية تُدَمِر اليمن وتقتل شعبه، وتحاصر لبنان وتُذِلُّ حكومته،واليَمَن يدُك معاقل آكلي الضَب والعقرب، وناشري الكفر والإرهاب.
وتركيا تهدد سوريا والأكراد، وسوريا ترد على التهديد بالوعيد، وجنوب لبنان، والجولان، وغَزَّة، على صفيحٍ من نار يغطيه رماد الهدنة،
فمتى سينفجرُ العالم وندخُل إلى لُجَج النار الملتهبة؟
سؤالٌ بديهي يسأله الجميع؟ هل هي طاحونة البعبعات؟أَم هيَ فعلاً مصالح وتهديدات البعض سيُنَفِّذ بعضها؟
التصريحات الأكثر حماوةً هي التي صَدَرت وتصدُر عن القادة الإسرائيليين ضد المصالح الإيرانية، وبالأخَص مشروع إيران النووي، والرَد الإيراني العالي النبرَة على تهديدات الصهاينة، بتدمير المُدُن ألتي تسيطر عليها إسرائيل في فلسطين، وبمسح كيانها عن خارطة الوجود الجغرافي.
فبينَ ما قاله هذا وذاك تتَمَوضعُ حقيقة لا مَفَر منها وهيَ:
أنَّ الولايات المتحدة الأميركية هيَ صاحبة الكلمة الفصل في كل ما يجري، وليست إسرائيل، وهذا التعبير لايشمل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كونها المتلقي، وموضوع التهديد وما صدرَ ويصدُرُ عنها إنما هوَ نتيجة وليسَ سببا.
الظروف الدولية الآن غير مؤاتية لشن حرب على إيران، لاإسرائيلياً ولا أميركياً، والأسباب كثيرة جداً وواضحة وجليَة،
فللحرب ظروفها وأسبابها الوجيهة، وعُدَّتها وآلتها،ودراسة القدرة على شَنِّها ونتائجها والوقت الذي ستستغرقه لإنهائها، وخصوصاً مع دولة مثل إيران، فالحسابات معها كثيرة ودقيقة وشاملة على مساحة ٣٦٠ درجة، وللأسباب التالية:
أولاً :موقع إيران الجيوسياسي الملاصق لأهم المضائق التجارية العالمية مضيق هَرمِز الذي ستقفله إيران،خلال لحظات من بدء الحرب عليها.
ثانياً: مِساحة إيران الجغرافية التي تتجاوز المليون والسبعماية ألف كلم٢.
ثالثاً : قدراتها التسليحية العسكرية والتكنولوجية والصاروخية، الدفاعية والهجومية منها خاصّة، حيث تمتلك إيران عشرات آلآف الصواريخ البالستية المتنوعة والدقيقة والبعيدة المدَىَ.
رابعاً: امتلاك إيران لجيش قويّ، مدرّبٍ ومُنظَّمٍ ومجهَّز ومُسلَّح، تعداده يفوق المليون جندي، بالإضافة إلى ستةِ ملايين آخرين يكون جاهزين للقتال خلال أقل من أُسبوع واحد.
من هنا نستطيع أن نؤكد،أن انطلاق أيّ شرارة في منطقة الخليج الفارسي ضد إيران، من طرف الكيان الصهيوني أو الولايات المتحدة، القوَّتين الوحيدتين القادرتين على فعلها، فإنها ستُشعِل المنطقة برُمَّتها دون أدنى شَك،وستُتيح لصواريخ الحرس الثوري فرصة الِانتقام الذهبية من تل أبيب، على كل ما ارتكبتهُ من جرائم خلال ثلاثةٍ وسبعين عاماً،على الساحة الفلسطينية والعربية، ومن غتيالات وتخريب داخل إيران، ناهيكَ عن إغلاق مضيق باب المندب من قِبَل الجيش اليمني.
الأمر دقيق وحساس للغاية، ونحنُ لسنا في موقع المُتَكَهِّن ماذا سيحصل وإلى أين ستؤول الأمور، لأننا نُدرِك النهايات فيها، وليسَ البدايات التي يقررها الطرف المبادر إلى إشعال فتيل الحرب.
ونحن نؤكِّد ونجزِمُ بأنّ حرباً ضروساً ستدور رحاها، على امتداد الهلال الممتد من إيران وصولاً إلى غزَّة،
وأنّ أحداثاً غير متوقعة ستحصُل، ونيراناً ستشتعل خلف شريط النار ذاك، من اليَمن الى داخل المملكة السعودية وباقي منطقة الخليج،
وصولاً إلى أوكرانيا التي يتربصُ بها الدبُّ الروسيُّ، للتّخلُّص من أحلام رئيسها، جلب الناتو إلى خاصرة روسيا الجنوبية.
إذاً،فالحرب، إذا اشتعلت،هكذا ستكون نتائجها،ولن تنطفئ إلَّا بتوقيت طهران، كماحصل خلال حرب السنوات الثماني التي فرضها نظام صدام حسين على الجمهورية، وكما يحصل مع اليمن اليوم.
أمريكا المأزومة والمُقَيَّدَة بجُملَة استحقاقات وأزمات، لا يحتمل وضعها أي توريطة إسرائيلية بحرب من هذا النوع مع إيران،لصعوبةحسم المعركة بسرعة والتحكم بمجرياتها، وصعوبة استخدام أي سلاح غير تقليدي ضدها، لأن ذلك دونه الحرب النووية مع روسيا لا محالةَ، وبكل تأكيد.
إن أزمَة كورونا وأوميكرون المتجدد داخل أمريكا، بالإضافة إلى حجم التضخم المالي في الولايات المتحدة الأمريكية، وحجم الإنفاق العسكري الذي أصبحَ يشكل ثقلاً على واشنطن،
بالإضافة إلىَ قوَّة الصين وقدراتها المتنامية،والتي تقلق واشنطن،جميعها عوامل استقرار أمني، وليست دوافع اشتعال حروب، لذلك لن تقدم أمريكا على هكذا خطوة هيَ خطأ فادح وقاتل، ولن تسمح لإسرائيل بالإقدام عليها،
وإن فعلتها تل أبيب منفردة،فإنّها،وبكل تأكيد، ستدفع الثمن بمفردها، وستعطي إيران ومحورها فرصة تاريخيةً للِانقضاض عليها، وإنهاء وجودها، المفروض قسراً.
بيروت في....
22/12/2021
https://telegram.me/buratha