محمد صادق الحسيني ||
كل الوقائع الميدانية في اوكرانيا تشي بان واشنطن تراوغ وتحتال على الراي العام لكسب الوقت لتاتي اللحظة المناسبة للانقضاض على اوكرانيا بحجة خطر الاجتياح الروسي لها ، والروس لها بالمرصاد واليكم الوقائع كما هي:
نشر موقع بوليتيكو الالكتروني الاميركي ، تقريراً اعدته وحدة : يوميات الامن الوطني ( National Security Daily) ، بالتعاون مع جهات استقصائيه اميركيه متخصصة اخرى ، حسب ما جاء في التقرير نفسه ، نشر هذا الموقع بتاريخ ١١/١/٢٠٢٢ تحقيقاً مهماً جاء فيه ما يلي :
أولاً : ان لدى الرئيس الاميركي ، جو بايدن ، خطة لتقديم أسلحة بقيمة ٢٠٠ مليون دولار لاوكرانيا ، بشكل عاجل ، في نهاية شهر ١٢/٢٠٢١. وان هذه الخطه لم تعرض على الكونغرس الاميركي ، لاقرارها حسب الاصول الاميركيه ، وانما تم ابلاغ الكونغرس بها خلال جلسة استماع سريه ، حيث ابلغ فريق الرئيس الكونغرس الاميركي بان الضرورة الملحه وغير المسبوقه لذلك ( تزويد اوكرانيا بهذه الاسلحه ) قد حتَّمت تقديم هذه المساعده بشكل طارئ ومن مخزون وزارة الدفاع الاميركيه الى دولة تعيش مأزقاً . ( هذا يعني ان الصفقه ليست بحاجة الى موافقه مسبقه كونها ليست صفقة بيع عاديه ) .
علماً ان هذه المعلومات قد نشرت على موقع : Defense Security Cooperation Agency الاميركيه ، وهي وكالة رسميه متخصصه في شؤون التعاون الامني الدفاعي ، ما يضفي مزيداً من المصداقيه على محتوى التقرير الذي نشره موقع بوليتيكو الالكتروني الاميركي .
ثانياً : ان مستشاراً للرئيس الاوكراني قد تحدث الى السيد پول ماكلارين ( Paul Mcleary ) ، من محللي موقع بوليتيكو ، وابلغه بان المساعدة العسكرية الاميركية لاوكرانيا تتضمن منظومات رادار اميركيه وتجهيزات ( عسكريه طبعاً ) بحرية واضاف ان هذه ليست المرة الاولى التي يستخدم فيها الرئيس بايدن سلطاته لتقديم المساعدة لاوكرانيا ، حيث قام بذلك سابقاً .
واردف المستشار الاوكراني قائلاً بان السلطات الاوكرانية قد أُبلغت ، وعلى اعلى المستويات ، من قبل الطرف الاميركي ، بموضوع هذه المساعده قبل شهر من الآن ، اي في شهر ١٢/٢٠٢١ ، حسب موقع بوليتيكو .
ثالثاً : وتابع تقرير الموقع قائلاً : بان ناطقًا باسم الخارجيه الاميركيه قد ابلغ موقع بوليتيكو ان توريد المساعدات الدفاعيه الاميركيه لاوكرانيا سيستمر خلال الاسابيع والاشهر القادمه ، وذلك عبر مجموعة من الآليات وعلى رأسها ما يطلق عليه ( في واشنطن ) اسم : مبادرة المساعده الامنيه لاوكرانيا ( The Ukraine Security Assistance ) .
وهذا ، يعني في تقديرنا ، ان الامر يتعلق بمخطط اميركي متكامل ، لتسليح اوكرانيا ، تمهيدا لخلق امر واقع يجعل اوكرانيا دولة عضو في حلف شمال الاطلسي ، حتى دون اعلان الانضمام رسمياً لهذا الحلف ، الامر الذي يخلق تهديداً عسكرياً وامنياً مباشراً للامن القومي الروسي ، من خلال بناء قواعد عسكرية اطلسية في هذا البلد ، وهو ما تقوم به القوات البريطانيه منذ أشهر ، بالقرب من خطوط التماس في منطقة الدون باس ، جنوب شرق اوكرانيا ، الى جانب إجراءات دمج القوات المسلحه الاوكرانية في هيكليات حلف شمال الاطلسي ، التي تسير على قدم وساق ، من خلال مواصلة عمليات تسليح هذه القوات بالاسلحة الاميركيه والاوروبية ، وجعل اوكرانيا نقطة ارتكاز اساسيه لتوسيع الحلف ، ليشمل دولاً اخرى ، من الجمهوريات السوڤييتيه السابقه ، وهو ما يشهد عليه العدوان الارهابي الدولي الشامل ضد جمهورية كازاخستان مؤخراً ، الذي تم التخطيط له في غرفة عمليات اميركيه اطلسية اسرائيليه في كييف ، واشرفت على تنفيذه غرفة العمليات الميدانيه ، في عاصمة كازاخستان الاقتصاديه ، مدينة الما - اتا.
رابعاً : وهنا تجب الاشارة الى الاعلان الرسمي ، الذي صدر عن مكتب الخدمه الصحفيه لوزارة الدفاع الاوكرانية ، بتاريخ ١٢/١/٢٠٢٢،والذي جاء فيه : " ان المستشارين العسكريين الاميركيين :
- كريس ريزو .
- تود براون .
قد بدءا العمل في ادارة السياسة الدفاعية ، بوزارة الدفاع الاوكرانية ، وبشكل دائم اعتباراً من ١١/١/٢٠٢٢ " ، حسب ما ورد في تغريدة لمكتب الخدمة الصحفية اعلاه على منصة فيس بوك .
اي ان السياسة الدفاعية الاوكرانية اصبحت تدار من قبل عسكريين امريكيين (حلف اطلسي ) وليس من قبل وزير الدفاع الاوكراني . الامر الذي يعني ان عمليات :
- اعادة الهيكلة للقوات المسلحة الاوكرانية .
- اعادة تسليح هذه القوات .
- التخطيط الرسمي " للسياسه الدفاعيه " ، ووضع الاستراتيجيه الدفاعيه للبلاد ، الى جانب التخطيط العملياتي التكتيكي ، اصبح يدار بشكل مباشر من قبل القيادة العسكرية الاميركية ، التي تتولى الاشراف على عمليات الجيوش الاميركية في اوروبا ، والتي تسمى EUROCOM .
خامساً : من هنا فان الواقع الميداني ، على حدود اوكرانيا الجنوبية الشرقية ، في منطقة الدون باس ، وحدودها الشرقية ايضاً ، الممتدة من شمال منطقة الدون باس وحتى نقطة التقاء الحدود ، مع جمهورية روسيا البيضاء ، اقصى شمال شرق اوكرانيا ، هي المناطق التي تشهد تحديداً عسكرياً ، للاسلحة والقوات المسلحة ، مضافا الى ذلك الحشود العسكرية البولندية الاطلسية الضخمة ، على حدود جمهورية روسيا البيضاء الغربيه ( مع بولندا ) بحجة مواجهة موجات الهجرة " غير الشرعيه " . تمهيدا لشن اعتداءات هجينة ، ضد جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ، المتحالفتين مع روسيا ، جنوب شرق اوكرانيا ، وضد روسيا البيضاء في الشمال .
كما لا بد من التذكير بان الولايات المتحدة ، قد قامت وفي نفس اطار مواصلة عمليات الحشود العسكرية الضخمة ، ضد روسيا الاتحاديه وروسيا البيضاء ، حسب ما اعلنت اذاعة " اوروبا الحره " ومركزها برلين ، منذ انشائها سنة ١٩٤٩ ، كمحطة دعائيه ضد الاتحاد السوفييتي ، نقول حسب ما اعلنت هذه الاذاعه بتاريخ ١١/١٢/٢٠٢١ ، بان واشنطن وحسب تأكيدات البنتاغون ( قول الاذاعة ) ، عبر رسالة الكترونيه ( ايميل ) تسلمتها الاذاعة من البنتاغون ، قد سلمت اوكرانيا منظومات صواريخ ( منصات اطلاق ) مضادة للدروع / عدد ثلاثون منصة / مع مائه وثمانين صاروخاً ، من طراز جاڤلين ، وذلك في شهر ١٠/٢٠٢١ .
ومن الضروري ايضاً الاشارة الى ما نشرته وكالة رويترز ، بتاريخ ٢٢/١٢/٢٠٢١ ، حيث اكدت الوكاله تنفيذ الجيش الاوكراني تدريبات عسكرية ، مشتركة مع الجيش الاميركي ، ومستخدمة صواريخ جاڤلين الاميركيه المضادة للدروع ، وذلك بالقرب من خطوط التماس في منطقة الدون باس المضطربه .
وهو ما يتعدى مرحلة الحشد العسكري ، ضد روسيا ، الى مرحلة التطبيق المسبق لخطط الهجوم الاميركية الاطلسية ، ضد حلفاء روسيا في جنوب شرق اوكرانيا . وهذا يعني ان من يقوم بالترشيد الواسع النطاق والاستعدادات العملياتية ، لشن عدوان مسلح ، هي الولايات المتحدة وليست روسيا ، على عكس ما تطرحه آلة الاعلام الغربي المضللة .
سادساً : وفي اطار مواصلة الحشد والتسليح العسكريين ، من جانب الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي ، ضد روسيا وحلفائها ، فقد صرح السيد بيتر كيميت ( Peeter Kuimet ) ، "مدير قسم التعاون الدولي في وزارة الدفاع الاستونية ، خلال مقابلة اذاعية له ، مع اذاعة : ERR News الاستونية الناطقه بالانجليزيه ، بتاريخ ٣٠/١٢/٢٠٢١ ، ان حكومة بلاده ستقدم عدداً من المدافع الثقيلة ، كجزء من المساعدات العسكريه لأوكرانيا .
واضاف السيد بييتر كويميت قائلاً ، في نفس المقابلة الاذاعية المذكورة اعلاه ، ان هذه المساعده ستشمل :
- مدافع ميدان ، من طراز هاوتزر ، المانية الصنع ، عيار ١٢٢ ملم ، عدد / ٤٢ مدفع / مع الذخائر والمستلزمات الاخرى طبعاً . وهي المدافع التي كانت مستخدمة في لواء المشاة الثاني في الجيش الاستوني ( الاسم الرسمي هو : قوات الدفاع الاستونية …. على شاكلة جيش الدفاع الاسرائيلي …. وقوة الدفاع الالمانيه في عهد ادولف هتلر .
وسيحل محل هذه المدافع ، في اللواء المذكور مدافعK 9 - Thunder ، من صناعة كوريا الجنوبيه ، حسب ما اكد الدبلوماسي الاستوني السابق : كاليڤ ستويتشيسكو / Kalev Stoicescu ، الذي يرأس حالياً مركز ابحاث الدفاع والامن الاستوني : ( International centere for defense and Security ( ICDS .
وتابع الديبلوماسي السابق ، خلال برنامج اذاعي استوني ، بان المساعدات العسكريه المقدمه لاوكرانيا لم تقتصر على استونيا ، وانما شملت ايضاً كلاً من الولايات المتحدة والمانيا وكندا وبولندا وبريطانيا وليتوانيا.
سابعاً : ان جميع الحقائق ، التي ذكرت آنفاً ، تؤكد ، بما لا يدع مجالاً للشك ، بان الحملة الاعلامية الاميركية الاطلسية المفبركة ، حول حشود عسكرية روسية ضخمة ، على حدود اوكرانيا الشرقية ، تمهيدا لغزو القوات الروسية لها ، انما هو قنابل دخانية وصوتية ، للتغطية على الاستعدادات العسكرية الاوروبية الاميركية ، التي اشرنا اليها سالفاً ، استعداداً لتنفيذ اعتداءات متعددة الاشكال والوسائل ، ضد روسيا وحلفائها .
اذ ان روسيا ليست لديها النية للقيام باية عمليات عسكرية ، لا ضد اوكرانيا ، ولا ضد اي من الدول المجاوره لروسيا او البعيدة عنها . حيث ان تغيير الوضع في اوكرانيا ، وبالتالي قلب موازين القوى في اوروبا الوسطى باكملها ، هي مهمة سيقوم بتنفيذها الشعب الاوكراني بنفسه ، والذي سيهب قريباً لاسقاط الزمرة النازيه التي تحكم أوكرانيا منذ الانقلاب الذي نفذته هذه القوى ، عام ٢٠١٤ ، والتي قادت البلاد والعباد الى ازمة سياسية واقتصادية غير مسبوقه ، ادت الى سحق الطبقات الفقيرة والمتوسطة من الشعب الاوكراني وايصال البلاد الى حافة الهاوية ، وتقوية التيارات النازية الخطيرة والمتحجرة في اوكرانيا .
وخير دليل على ذلك سماح السلطات الاوكرانية المعنيه بتنظيم مظاهرة نازيه في العاصمه كييڤ ، بتاريخ ٣١/١٢/٢٠٢١ ، بمناسبة عيد ميلاد الزعيم النازي الاوكراني ، ستيفان بانديرا ، عميل هتلر الذي قاتل الى جانب القوات النازيه في الحرب العالمية الثانية .
هذه المظاهره التي نظمها : القطاع الايمن ، وهو حزب نازي اوكراني ، يقوده النازي الجديد : اندريه تاراسينكو ، الذي دعا علانية لمحاربة روسيا على الجبهة ، وما رافق ذلك من صمت تام ، من قبل السلطات ، وهو ما يعني موافقتها على هذه التحركات المشبوهة والمدعومة امريكيا واوروبيا .
علماً ان زعيم القوميين الاوكرانيين النازيين ، ستيبان بانديرا ، قد اعتقل من قبل قوات التحالف الغربي في المانيا الغربيه بعيد الحرب العالمية الثانية . وقد رفضت تلك القوات طلباً سوڤييتياً لتسليمه للسلطات السوڤييتية ، لمحاكمته على حرائق القتل والتعذيب ، التي مارسها ضد الشعب الاوكراني خلال الحرب . وبدلاً عن ذلك بدأت السلطات الاميركيه بالتعاون معه ضد الاتحاد السوڤييتي حتى وفاته .
اذن فان انتصار الشعب الاوكراني على هذه الزمرة النازية ، التي تحكم كييڤ حالياً ، هو حتمية تاريخية ستتحقق قريباً جداً . ولن تحتاج روسيا لاتخاذ اية اجراءات عسكرية ضد اوكرانيا ، كما تدعي واشنطن وبروكسل ( الناتو ) . فالثمرة ناضجة وستسقط على المائدة الروسيه كما سقطت ثمرة كازاخستان مؤخراً . الامر الذي سيضع حداً لعبث واشنطن واذنابها الاوروبيين بالسلم والاستقرار العالميين ويقلص من الهيمنة الاميركيه ، ليس على اوروبا فحسب وانما على الصعيد الدولي ايضاً.
ولنا في نتائج المغامرة الاميركيه الاطلسية في كازاخستان خير دليل واحدث مثال .
بعدنا طيبين قولوا الله