عدنان جواد ||
كثيراً ما نردد هذه العبارة: وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر، والتي تفيد قيمة الشيء او الشخص الغائب في ساعة الحاجة الماسة اليه، خصوصاً اذا كان الغائب يسد تلك الثغرة بكفاءة واقتدار، هذه المقولة هي عجز بيت شعري قاله الشاعر والفارس ابو فراس الحمداني وهو في الاسر بيد الروم، (( سيذكرني قومي اذا جد جدهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر)) حيث انه ابن عم سيف الدولة الحمداني امير حلب.
ما اشبه اليوم بالأمس، فالكهرباء والطاقة اسيرة بيد الروم، رغم ان مصادرها الاولية يتم استخراجها من ارضينا!، فالكهرباء ومنذ التسعينات الى ما بعد 2003 بعد ان احتلت الولايات المتحدة الامريكية العراق، فرحت الناس كثيراً، بان الظلم زال وسوف يتوفر الغذاء والدواء والكهرباء، خصوصاً وان امريكا هي صاحبة الكهرباء والغذاء والدواء في العالم، ولكن السنين تمر والحال يزداد سوءاً، مرة يقال لك ان السبب القاعدة والوضع الامني، واخرى داعش واخرى عدم كفاءة المتصدين لوزارة الكهرباء، وبعد السرقات يذهبون للإقامة في واشنطن هم وعوائلهم بعد ان نقلوا الاموال المسروقة للبنوك الامريكية!، اما الاحزاب السياسية وكالعادة تتهم بعضها البعض في التقصير، فمن يدعي الاصلاح غير صالح، ومن يدعي نصرة القانون يخرقه، والاخرون بين مستفاد من حصته وبين من يعتاش على الازمات( ويأكل ويوصوص)، وظلت الناس تعاني وهم في قصور يتنعمون ب(24) ساعة كهرباء، فانطلقت التظاهرات بين من يحمل تابوت دليل على موت الكهرباء وعدم عودتها، وبين من يحمل فانوس ، فتم قطع الطرق وتعطيل العمل في دوائر الدولة ، فكانت الكهرباء سبب من اسباب اسقاط حكومات ، فأصحاب الاصلاح وجمهورهم الكبير الذي يحركونه متى ما يريدون ساهموا وبشكل كبير في الاحتجاجات ضد الحكومات رغم انهم جزء منها!، والولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول العربية، تريد بقاء العراق ضعيفاً ، وهي تحرك اتباعها ايضاً على الحكومات التي لا ترى فيها نفعاً لها.
ما يثير الاستغراب اليوم ان تجهيز الكهرباء بعد اشتداد البرد وصل الى ساعة واحدة كل (4) ساعات قطع، مما يعني (6) ساعات تجهيز كل (24) ساعة، فلم نجد جمهور الاصلاح قد خرج متظاهراً مندداً بهذه القطع، ولا جمهور تشرين الذي ساهم وبشكل كبير في اسقاط حكومة عادل عبد المهدي، وان احتجاجهم كان بسبب نقص الخدمات والكهرباء احد اسبابها الرئيسية، مما يعزز الشكوك من ان تلك الجهات تحركها ارادة دولية ومصالح حزبية وليس مطالب شعبية كما تدعي، فلماذا لا يحتجون على تأخر بناء ميناء الفاو مثلا؟، ولماذا لا يحتجون على استهداف داعش للجيش وانتشاره ونشاطه؟، ولماذا يطالبون بنزع سلاح جهات تحارب داعش؟، وهناك اسئلة كثيرة ليس هناك عليها جواب صريح، فلماذا ايران المحاصرة تصدر الكهرباء للدول الاخرى؟، ولماذا مصر التي كانت والى وقت قصير تعاني من نقص الكهرباء واليوم تعقد الاتفاقيات بتصدير الكهرباء والعراق احد المستوردين؟!.
اما وزارة الكهرباء فهي تسكت في ساعة الشدة ويظهر متحدثها في ساعة الوفرة، والشرقية مربوطة على التوالي مع وزارة الكهرباء فلم نرى لها صوت اليوم، في حين انها كانت تنقل التظاهرات بصورة مباشرة ، والقنوات الاخرى يحركها التأثر بقناة الشرقية والعربية فهي لا تتطرق للمواضيع التي تهم الناس الا بعد ان تنتشر في اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، اما العراقية فهي مع رغبة الحاكم الفعلي، مع الاسف الشديد الكثير من الناس ممتعضة من نقص الكهرباء وباقي الخدمات، ولكنهم غير موحدين ولا توجد نخب واعلام محايد ووطني يفضح الفاسد ويطالب بالحقوق، وقضاء قوي ونافذ يحاسب المقصرين.
فعلي الحكومة القادمة تصحيح الاخطاء السابقة والتقصير الواضح في مجال الكهرباء، وادخال الشركات العالمية المعروفة والتي وفرت الكهرباء لمصر التي تعداد سكانها يصل الى (100) مليون نسمة وهي لا تملك مصادر الطاقة التي يمتلكها العراق، والا فان مصيرها السقوط قبل اكمالها ال(4) سنوات، فهل يعود البدر المفقود لليلة الظلماء ام ستبقى في ظلامها الدامس.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha