عمر الناصر *||
هنالك الكثير من المواد الصلبة قد تأخذ وقتاً طويلًاً قبل ذوبانها في الماء او المحاليل الكيمياوية الاخرى ، آلا الأموال الموجودة في العراق فهي تختفي وتتلاشى بطريقتين اما تكون بسبب غلاء الاسعار ورفع صرف الدولار الذي انهك الطبقة الفقيرة لكونه ذوبانه اسرع من ذوبان السكر الذي يتلاشى بلمح البصر، او وجود افواه فاسدة قادرة على ابتلاعها دون الاكتراث الى كبر وحجم الملوية او الثور المجنح او حتى جورج واشنطن الموجود على تلك الاموال وبالمعنى العراقي " افواه تبلع النخلة بسَلّيها" !!
عند مرورك بالمساجد والأضرحة الموجودة في اغلب المناطق في بغداد او المحافظات ذات الاغلبية السُنية على وجه التحديد ستجد الفرق كبير جداً وواضح بين ماتم تخصيصه لها من ميزانيات وماتم صرفه وتنفيذه على ارض الواقع وستتساءل حينها اين ذهبت تلك المبالغ التي خصصت للوقف السُني منذ عام ٢٠٠٥ ولحد هذه اللحظة وفي اي اماكن "ذابت" تلك المليارات ؟
رصدت الحكومات العراقية المتعاقبة أموالا طائلة مابين ميزانيات تشغيلية كأجور ورواتب الموظفين وانتهاءاً بالنثريات واموال اعادة بناء وترميم بعض الاماكن الدينية والمزارات من أجل أن تكون على نفس الشكل التي بنيت عليها أول مرة على اعتبار بأن عوامل التعرية الجوية والمناخية وعوامل الاندثار والاستخدام هي من تلعب دور في ذلك ، وحسب ماتم نشره في موقع السفير العربي بتاريخ ٢٣/٦/٢٠٢٠ " ان مئات الوثائق المسربة من ديوان الوقف السنّي تظهر أرقاماً هائلة لحجم الهدر في ميزانية الوقف على مدى السنوات الماضية، فمثلاً عام ٢٠١٦ صرف رئيس الديوان ٢٢٠ مليون دينار على الهدايا، ومن ضمن تلك الهدايا ساعات رولكس أصلية ، وإحدى طرق الفساد في الوقف السنّي هي تخصيص مبالغ كبيرة على ترميم مساجد لا وجود لها ، وفي عام ٢٠١٥ صرف الوقف من ميزانيته مبلغ ١٤ ملياراً ٨٠٠ مليون دينار لترميم مساجد وهمية غير مدرجة في سجلات الدولة، وبالطريقة نفسها صرف الوقف مبلغ ٥٠٠ مليون دينار لترميم بناية مجلس علماء العراق، ليتبين لاحقاً أن المجلس لا يمتلك بناية من الأساس، ولا علم له بصرف ذلك المبلغ. هذا جزء مما ذكرته صحيفة السفير العربي.
المرحلة القادمة حساسة جداً سيكون فيها موضوع فتح ملفات الفساد على المحك على اعتبار بأن اسس الدولة واركانها لا زالت تفتقر لمواد عازلة ليس لها القدرة على فصل المجاملات عن تمكين وصنع القرار السياسي الموحد وابعاده عن الحدود الادارية لسيادة المؤسسات الحكومية لانها ستفشل اذا لم تكن هنالك ارادة سياسية حقيقة تستطيع ان تعيد مراجعة وحسابات جميع الميزانيات لكل السنوات الماضية لغرض اعادة تقييم ابواب الانفاق كجزء لا يتجزء من الحركة الاستباقية للحفاظ على المال العام من الهدر ولاجل تقديم الفاسدين الى القضاء لغرض تعظيم موارد الدولة.
انتهى ..
خارج النص/ نحن بحاجة لاعادة تقييم الاداء وتفعيل قانون مكافحة الفساد في جميع مفاصل الدولة..
*/ كاتب وباحث سياسي
ـــــــ
https://telegram.me/buratha