حازم أحمد فضالة ||
ينتشر الآن تحليل عن جزء أساس من سبب الأزمة الأوكرانية، يقول التحليل:
(إنَّ أوكرانيا كانت قبل ثلاثين سنة، تملك خمسة آلاف رأسٍ نووي، وتخلت عنها مقابل ضمانات عدم الاعتداء عليها؛ لكنها اليوم صارت مهدَّدَة أن يُعتدَى عليها، والسبب في ذلك كونها تخلت عن أسلحتها النووية)!
ردُّنا على هذا التحليل هو:
1- إنَّ الأمر في أوكرانيا ليس بهذا الاتجاه، لأنَّ المشكلة الحقيقية هي (الغرب)، أميركا تريد من هذه الجمهوريات الانضمام إلى المحور الغربي ضد روسيا.
2- أميركا تريد من هذه الجمهوريات الآتي:
أولًا: الموافقة على نشر الدرع الصاروخي على أرضها لتطويق روسيا.
ثانيًا: انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (النيتو).
3- ماذا عن (جورجيا)؟
لماذا تدخلت بها أميركا، مما أدى إلى روسيا أن تتدخل عسكريًا عام (2008) لحسم الملف، وانشقاق جمهوريتَي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية من جورجيا؛ لتعترف بهما روسيا وسورية وغيرهما؟
4- ماذا عن موضوع شبه جزيرة القرم إذ ضمتها روسيا لاتحادها بتاريخ: 17-شباط-2014؟
أليست أميركا هي التي تدخلت لإسقاط الرئيس الأوكراني السابق (بترو بوروشنكو 2019)، وقبله (فيكتور يانوكوفيتش 2014)؛ لتنصيب الرئيس الحالي زيلينسكي (المُخرِج والممثل السينمائي)، بسبب ولائه للغرب على حساب روسيا؟
5- المسألة لا تتعلق بالسلاح النووي، وإلا فالنووي لا ينفع أميركا نفسها في مواجهة كوريا الشمالية، أو الصين، أو روسيا، أو إيران (غير النووية عسكريًا).
6- ماذا نفع إسرائيل السلاح النووي أصلًا في مواجهة (حزب الله) في حرب تموز 2006! علمًا أنَّ إسرائيل تملك (200) رأس نووي، ويسمون حزب الله (ميليشا) على وفق المعايير العسكرية العالمية آنئذ، لكن إسرائيل هُزِمَت في تلك الحرب هزيمةً مُرَّة؟!
7- إنَّ سبب أزمة أوكرانيا، وقبلها أذربيجان وأرمينيا 2021، جورجيا 2008؛ هي التدخل الغربي بشؤون تلك الدول، كما حاول الغرب قبل شهر في كازاخستان، وكما تدخل عقدين من الزمن في أفغانستان حتى أخفق وهرب عام 2021.
8- ماذا عن أزمة كازاخستان بداية كانون الثاني-2022؟
ألم تشعل فتيلها أميركا بمساعدة المحور الغربي كلها لإسقاط الحكومة، ولكن الرئيس الكازاخي (قاسم جومارت توكاييف) سرعان ما استنجد بروسيا وساعدته روسيا فورًا، وبدأُوا تنظيم عقد قمة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي.
9- أميركا تحاول خرق الأمن القوقازي وتدميره، لذلك عبثت فيه لكنها خسرت؛ إذ تفوقت روسيا صانعةً ميادين نصر موالية لها وللاستقلال ضد الغرب، وهي: أبخازية، وأوسيتية، وكازاخية، وكذلك تعمل الآن على ملف دونيتسك ولوهانسك بإقليم دونباس شرق أوكرانيا (المحاذي لروسيا)؛ إذ توجد محاولات دقيقة لفصل مدينتَي (دونيتسك ولوهانسك)، والاعتراف بهما جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا.
10- إنَّ التحليل (المنقول والمتداول) الذي عرضناه في صدر المقال، نعتقد أنه مُروَّج إليه، فهناك آلية إعلام خفي تحاول زرع هذه الفكرة في رأس الرأي العام، وهي فكرة سبب أزمة أوكرانيا، والهدف من ذلك هو:
أولًا: إبعاد المسبب الرئيس لأزمة أوكرانيا وأزمات القوقاز كلها؛ وهو (الغرب) وتقف على رأسه أميركا، ومِن ثَمَّ بعض دول أوروبا، وبعدها القاعدة العسكرية على اليابسة الفلسطينية المُسمّاة (إسرائيل)!
ثانيًا: الدعم الموجَّه لأي دولة من القوقاز يمكن أن تتمسك بولائها للغرب مثل: أوكرانيا، أذربيجان… أن تحصل على الأسلحة النووية، أي: صناعة هذا الحق، أو جعل تسليحها أميركيًا ما دون النووي أمرًا مقبولًا دوليًا.
ثالثًا: الدعم لإسرائيل، وتشريع تمسكها بسلاحها النووي، بعد النجاح في صناعة سبب وهمي مزيف عن الأزمة الأوكرانية وهو: (تنازلها عن سلاحها النووي).
والحمد لله ربِّ العالمين
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha