فهد الجبوري ||
* فضيحة أبو غريب
لقد تجلت بشاعة وفظاعة المحتل الأمريكي في سجن أبو غريب الذي استخدمته القوات الأمريكية وأصبح تحت ادارتها في عام ٢٠٠٣ ، وفي أوائل ٢٠٠٤ تفجرت فضيحة انتهاكات جسدية ونفسية وإساءة جنسية ، تضمنت تعذيب، واغتصاب وقتل بحق سجناء كانوا في سجن أبو غريب ، لتخرج الى العلن تلك الأفعال التي قام بها عسكريون أمريكيون بالإضافة الى وكالات أمريكية سرية اخرى ، وعلى اثر انتشار اخبار هذه الفضيحة المدوية ، قامت الحكومة الأمريكية بإجراء تحقيق شامل بعد انتشار الصور المشينة اخلاقيا عن سجن أبو غريب ، وجرت للمتورطين فيها محاكمة بائسة ، ولم يمكث منهم في السجن الا بضعة اشهر وتم اخلاء سبيلهم .
وقد ذكر الكاتب الأمريكي المعروف سيمور هيرش في مقالة نشرتها جريدة نيويوركر بأن الانتهاكات التي وقعت في سجن أبو غريب كانت نتيجة أوامر مباشرة من رؤساء في سياق عملية سرية للغاية أجراها برنامج جهاز جمع معلومات تابع للبنتاغون بتفويض من وزير الدفاع دونالد رامسفيلد .
والولايات المتحدة التي تدعي أنها تحترم حقوق الإنسان ، وتطالب الدول الاخرى القيام بنفس الشئ ، لها سجل معروف في ممارسة كل أشكال الانتهاكات والتعذيب الجسدي والنفسي ، فهذا معتقل غوانتانامو مورست فيه أبشع الجرائم ضد المعتقلين الذين تتم معاملتهم بقسوة شديدة مما أدى الى احتجاج المنظمات الحقوقية الدولية ، والمطالبة بوضع حد لهذه المعاناة وإغلاق المعتقل بشكل تام .
إن اكثر الأنظمة دكتاتورية لم تمارس مثل الذي مارسته امريكا بحق السجناء والمعتقلين ، والرئيس الأمريكي بوش يوقع بنفسه مذكرة رئاسية تنص على ان معتقلي غوانتانامو وآخرين لايخضعون لاتفاقيات جنيف .
* مجزرة ساحة النسور
في السادس عشر من سبتمبر ٢٠٠٧ ، أطلق العاملون في شركة بلاك ووتر ( وهي شركة عسكرية خاصة ) النار على مدنيين عراقيين مما أسفر عن مقتل وإصابة عشرين في ساحة النسور في بغداد.
وتعد مجزرة ساحة النسور واحدة من أفظع جرائم الشركات الأمنية الأمريكية العاملة في العراق ، والتي كشفت عن مدى استهانة المحاكم الأمريكية بالدم العراقي عندما لم تعاقب مرتكبي المجزرة رغم القضايا المرفوعة ضدهم .
ورغم أن الحادثة مشهورة وتفاصيلها معروفة وفجرت غضب الشارع العراقي وقتها ، والقتلة الأربعة حكم عليهم بالسجن المؤبد ومدد طويلة ، الا أن الرئيس ترامب لم يجد غضاضة في اخلاء سبيلهم والعفو عما اقترفته أيديهم .
هذه نماذج قليلة من الجرائم البشعة التي ارتكبتها الولايات المتحدة في العراق ، وفي مناطق اخرى من العالم ، ورغم مطالبات المنظمات الحقوقية العالمية بوضع إطار قانوني دولي ينظم عمل الشركات الأمنية الخاصة ، فإن هذه المطالبات لم تتم الاستجابة لها ، لأنها أصبحت ركيزة تعتمد عليها الدول والشركات الكبرى في حماية مصالحها ، وأداء مهام تكون في بعض الأحيان قذرة ومنافية للأخلاق والقوانين والمعاهدات الدولية .
وقد تحدثت وسائل الاعلام العالمية بكثرة عن جرائم وانتهاكات المحتل الأمريكي في العراق ، وأوردت تفاصيل عن بشاعة تلك الجرائم ، وقد أنتجت قناة بي بي سي البريطانية فيلما وثائقيا عن الحرب التي شنتها امريكا على العراق ، وما ارتكبته القوات الغازية من فضائع ، وأظهر الفلم بشاعة الاحتلال وهمجية المحتلين وتعطشهم للدماء .
ومن ناحية اخرى أثبتت دراسة مهمة أعدها موقع Global Research الكندي ، أن حروب الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية تسببت في مقتل أكثر من ٣٠ مليون إنسان حول العالم ، لذلك ليس غريبا أن تقوم الولايات المتحدة بتهديد المحكمة الجنائية الدولية والتضييق عليها لمجرد أنها ارادت التحقيق مع موظفين امريكيين ارتكبوا جرائم حرب في أفغانستان والعراق .