فهد الجبوري ||
لماذا فشلت محاولات ادارة بايدن في حمل او إقناع بكين بالمشاركة في نظام العقوبات التي تقوده واشنطن ضد روسيا
لم تفلح جهود الإدارة الأمريكية في الضغط على الصين او في محاولة إقناعها للانضمام الى نظام العقوبات الذي تقوده الولايات المتحدة ضد روسيا .
وقد ظهر ذلك بشكل واضح خلال مؤتمر الفيديو الأسبوع الماضي بين الرئيسين بايدن وتشينغ بينغ ، والذي رفض خلاله الرئيس الصيني بشكل صريح اضفاء الدعم للجهود الدولية الرامية للضغط على الكرملين لسحب القوات الروسية من أوكرانيا .
وبعد ذلك المؤتمر بيوم واحد خرج نائب وزير الخارجية الصيني ليؤكد أن اللوم في الأزمة الاوكرانية يجب ان يوضع على التهديد الذي يشكله مخطط حلف الناتو التوسعي والذي يمثل تهديدا للأمن الروسي ، وهو يشبه التهديد للأمن الصيني الناجم عن ستراتيجية واشنطن في المحيطين الهاديء والهندي .
ويرى تحليل نشره موقع ذي هيل The Hill يوم ٢٥ آذار " إن الأسباب وراء مقاومة الصين للطلبات الأمريكية ، وكذلك السبب وراء تمسكها بتحالفها مع روسيا ، بغض النظر عن التوترات الراهنة ، هي ثلاثة الأول : في عالم الاقتصاد ، حيث أن الصين تحتاج روسيا لضمان ازدهارها الاقتصادي الطويل الأمد . روسيا تزود الكثير من النفط والغاز والنيكل والألمنيوم والبالديوم والحنطة والذرة والأسمدة التي تحتاجها الصين في المحافظة على نموها الاقتصادي ، وهي حقيقة صعبة ليس بالإمكان ان تتغير حالا في اي وقت وهي تشكل الدعامة الأساسية في العلاقات الروسية - الصينية .
الثاني ، في عالم الجيوبولتيك ، ايضا هنا الصين تحتاج روسيا ، وفي هذا المجال كان ٢٠١٤ عاما مصيريا . وقبل ذلك العام ، لم تكن العلاقات الصينية -الروسية ودية ، ولكن التلاقي بما فهمته الصين من أن الجهود الأمريكية " لارهاب " روسيا حول أوكرانيا والصين حول تايوان وبحر الصين الجنوبي ، وكلاهما حول قضايا اخرى ، ومن بينها الشؤون المحلية ، قد جعل من عام ٢٠١٤ ما يشير اليه الخبراء الصينيون " بالتسريع غير الطبيعي في العلاقات الصينية - الروسية " .
إن نتيجة ذلك التسارع هو أن بكين قد التزمت بانحياز وتعاون اكبر مع روسيا لتشتيت الانتباه الأمريكي والثروات ، ولتعقيد الخطط العسكرية الأمريكية على كلا المسرحين ، وبالتالي عزل نفسها من الجهود الأمريكية الرامية الى " إعادة التوازن الى آسيا " والهيمنة على غرب المحيط الهاديء "
وأخيرا ، عند تقاطع عالمي الاقتصاد والجيوبولتيك - ودعنا نصفه بعالم جيو-اقتصادي - الصين ايضا تحتاج روسيا . إن مجال وحجم وقساوة حملة العقوبات التي تقودها امريكا ضد روسيا قد أكدت فقط المخاوف الصينية من أن واشنطن راغبة ومستعدة وقادرة على تسليح الاقتصاد العالمي ضد أية قوة تسعى بكل قوة الى مقاومة الهيمنة الأمريكية .
ومن خلال تقويض فعالية نظام العقوبات المفروض على روسيا ، فإن الصين تريد بوضوح إضعاف آلية الالتزام والتي تبقي ذلك النظام فعالا ، وتحت السيطرة الأمريكية . والصين من المحتمل ايضا لديها عين على تشتيت وتقويض فعالية تلك الآلية حتى لايمكن ان تستخدم بفعالية ضد الصين في حال ان الصين تشعر أنها ملزمة بالقيام " بعملية عسكرية خاصة بها " ضد تايوان .
لذلك ، فإن الصين ليست ذاهبة لفرض عقوبات على موسكو بسبب حربها في أوكرانيا ، وإنها بالتأكيد لاتريد تفريغ شريكها الروسي فقط لأن ادارة بايدن تريد ذلك . وفي الحقيقة ، ما هو مضاد لذلك ، أن كلا القوتين على الأرجح سيقتربان اكثر من بعض ، لينتقلا من مرحلة العلاقة الفضفاضة نسبيا الى مرحلة التحالف الأقوى - وربما حتى نحو مرحلة الكتلة الجيوبولتيك الصلبة .
وماذا يعني ذلك بالنسبة لمستقبل النظام العالمي ؟ هناك تخمينات في هذا المجال ، ولكن هناك شيء واحد مؤكد : وبالنقيض من توقعات البعض وتمنيات البعض الآخر ، فإن صيغة ما لمحور صيني - روسي موجودة الآن ، وإنها في المستقبل المنظور ، ستكون ميزة ثابتة في النظام الدولي .