عبد الزهرة البياتي ||
كثيرة هي الاشياء التي تموت في هذا الوطن بصمت مطبق وإهمال حكومي مُخجل حدّ اللعنة ثم يُسدل الستار وتمُحى آثار العار وكأن شيئاً لم يكن قد صار.. ثم نبدا نعضّ على النواجذ حيث لن ينفع حينها الندم بعد ان يقع الفأس بالرأس!!
ولعل بحيرة ساوة تلك المعجزة البيولوجية والجيولوجية التي تقع في عمق بادية السماوة في محافظة المثنى واحدة من تلك الاشياء التي نخسرها بينما اصحاب القرار نيام!!
تقول المعلومات المُستقاة من بحوث اجراها علماء اختصاص بان هذه البحيرة الفريدة قد تشكلّت خلال عصر الهولوسين قبل( ١٠) الاف سنة مضت لكنها لم تلفت الانتباه الا قبل( ٣٠ ) سنة تقريبا حيث تحولت الى قبلة للسائحين والعلماء الذين يقصدونها منبهرين ومتساءلين عن الاسرار والالغاز التي تحيط بـ( لؤلؤة السماوة).. المكان الذي اضحى اعجوبة، اذ ان هذه البحيرة التي تبلغ مساحتها بحدود(12،5) كيلومترا مربعا اي بطول(٤,٧٤) كيلو مترا وعرض(1,77) كيلو مترا وهي على شكل كمثري حيث لا يصب فيها نهر او رافد ولا يخرج منها نهر او رافد، اي انها مغلقة على نفسها وسط هذه الصحراء، سبحان الله، لكنها تستمد مياهها من جوف البحيرة التي يبلغ عمقها مابين( ٤-٥) امتار وتمتاز بنسبة ملوحة عالية تفوق نسبة ملوحة مياه الخليج العربي.. ويتباين لون المياه فيها مابين الاخضر الداكن لاسيما قرب ضفافها الى اللون الازرق في اعماقها..وبسبب اهمية البحيرة وندرتها على مستوى العالم كله فقد ادرجت في اتفاقية (رامسار) للمناطق الرطبة، لكن ما فائده هذا الاهتمام العالمي اذا ما قوبل بتكاسل محلي تمثل بعدم استثمارها وحمايتها وبالتالي اهمالها وجعلها تحتضر كما لو انها جثة مسجّاة على مشرحة الموتى!!
بحيرة ساوه تلفظ انفاسها الاخيرة وقد تودعنا وقد لا يحضر احد مراسم التشييع الابدي لـ( لؤلؤة الصحراء) العراقية..
يقول مدير بيئة محافظة المثنى (يوسف سوادي ) في تصريح صحفي ان هناك (٣) عوامل رئيسية وراء الجفاف الذي اصاب البحيرة وجعلتنا في حيرة، في مقدمتها التغيير المناخي العالمي والعراق من الدول المتضررة وكذلك ثمة سبب آخر خطير يتمثل بتغير الصفائح الزلزالية التي غيّرت المجرى الطبيعي لها تحت الارض فضلا عن قيام العشرات من الفلاحين واصحاب المصانع والمعامل بانشاء الآبار الارتوازية التي اسرفت في استخدام الكميات الواصلة اليها من المياه.. لكن ناشطون في هذا المجال يصرون على ضرورة التدخل الدولي لانقاذ البحيرة من موتها الحتمي اذا مابقي المسؤولون يجلسون على التل وهم يتفرجون!!
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha