فهد الجبوري ||
وهل تمر العلاقات بين واشنطن والرياض في حالة من الفتور والأنكفاء وعدم الثقة ؟ وماهي الأسباب التي تقف وراء هذا التراجع في علاقات البلدين ؟
هذه الأسئلة وما يرتبط بها من متغيرات اخرى في العلاقات الأمريكية -السعودية تجد لها أجوبة وتحليلات في العديد من المواقع الإخبارية العالمية ومراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية وهي بالفعل تؤشر الى وجود أزمة بين واشنطن والرياض .
مجلة ناشونال انتيرست National Interest الأمريكية نشرت اليوم الأربعاء ٢٧ نيسان ٢٠٢٢ مقالة للباحث سكوت ماكان تحت هذا العنوان :
· علاقات امريكا بالعربية السعودية لن تكون هي نفسها
يستهل الباحث مقالته بالقول " لعقود ، كانت المملكة العربية السعودية الحليف الإقليمي الأقرب الى الولايات المتحدة ، وان الولايات المتحدة على الدوام أعطت الأولوية للحفاظ على العلاقة على حساب مصالحها الوطنية الأساسية بهدف الحفاظ على تلك العلاقات ، وبالتالي اصبحت السعودية أكثر جرأة تحت مظلة الحماية والدعم الأمريكي "
" التطورات الأخيرة تقدم دليلا عمليا على هذه النقطة وتشير لماذا على الولايات المتحدة أن تجعل الأولوية لمصالحها الوطنية هي المحور الأساسي في العلاقة مع السعودية " .
ويشير الباحث الى التقرير الذي نشرته مؤخرا صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية حول تفاعلات الخلاف التي برزت خلال حديث ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع مستشار الأمن القومي جاك سوليفان ووزير الخارجية انتوني بلنكين . وقد وصفت المقالة العلاقات الأمريكية - السعودية بانها قد وصلت الى ادنى مستوى لها في عقود . وبعد وقت قصير من نشر المقالة ، دحض مسؤول سعودي كان يتحدث من السفارة السعودية في واشنطن ذلك الادعاء . ومع ذلك ، فإنه طبقا لتقرير آخر نشرته وول ستريت جورنال ، فقد امتنع ولي العهد السعودي وولي عهد الإمارات من الرد على مكالمات هاتفية من الرئيس بايدن . وكان بايدن يريد مناقشة موضوع زيادة انتاج النفط من قبل منظمة أوبك لتعويض آثار الحرب في أوكرانيا على إمدادات النفط العالمية . وقال البيت الأبيض انه منذ ذلك الحين توقف عن الطلب في زيادة انتاج النفط . وبغض النظر ، فإن عدة من المحادثات الساخنة ، ومحاولات الوفاق الفاشلة ليست هي محور القضية .
وبدلا من ذلك ، فإن ديناميات العلاقة قد تغيرت . السعودية تتخذ قرارات لخدمة مصالحها ، حتى وإن كانت تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة ، وبالنتيجة فإن السعودية لم تعد على الإطلاق شريكا موثوقا ، وعلى الولايات المتحدة ان تعيد النظر في شراكاتها الإقليمية .
وقد بدأت الخلافات بين الحليفين القديمين خلال مسار الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية عندما وعد المرشح جو بايدن بمعاملة المملكة " كدولة منبوذة " بسبب انتهاكاتها المتكررة لحقوق الإنسان . مثل هذا الخطاب وقف في تناقص صارخ مع ثناء ادارة ترامب للسعودية والعلاقة الوثيقة مع ولي العهد السعودي .
وتابع الكاتب مقالته بالقول " ان العلاقات بين الصين والسعودية تتزايد بشكل مطرد بينما تتراجع التجارة الأمريكية -السعودية . تشتري الصين حاليا ٢٥ بالمائة من صادرات النفط السعودية "
وبين انه " في الوقت الذي تدفع فيه السعودية الولايات المتحدة للضغط على ايران بسبب برنامجها النووي ، تلتقي مع مسؤولين من ايران في بغداد أواخر الأسبوع الماضي وبحسب وزير الخارجية العراقي اتفق الجانبان على مذكرة تفاهم من عشر نقاط تمهد لاجتماعات على المستوى الوزاري " .
من جهته نشر موقع ميدل ايست آي البريطاني مقالة للكاتبة مضاوي الرشيد يوم ٢٦ ابريل / نيسان تحت عنوان :
· لماذا ينقلب الغرب على محمد بن سلمان ؟
تقول الكاتبة في مستهل مقالتها " مرة اخرى يجذب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اهتمام الاعلام الغربي ، ولاسيما في الولايات المتحدة "
وتتابع " إن نشوة بعض الصحافيين الذين سافروا الى الرياض لمقابلة الامير الصاعد تتلاشى وتعطي المجال لصورة جديدة . بعد ان تم وصمه بانه " مصلح عظيم " ، الآن يشتهر بانه شرير ودكتاتور " .
" لقد تحدى محمد بن سلمان حماته في واشنطن من خلال تجاهل دعوة الرئيس جو بايدن لزيادة انتاج النفط ، وانقاذ الولايات المتحدة والعالم من أزمة اقتصادية وشيكة ، وفيما يواصل العالم المعاناة من جراء الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة ، فقد فشل الشركاء الغربيون لمحمد بن سلمان ، والذين يشار لهم احيانا بالحلفاء ، مرة اخرى في فهم ولي العهد السعودي . "
" ومع قيام مجموعة من الصحافيين البارزين بتأليف اكثر من ستة كتب حول الامير السعودي ، الا أن صناع السياسة اختاروا أن يتجاهلوا أهم صفة عنده ، الا وهي الغدر والخيانة "
وتقول الكاتبة " إن الغزو الروسي لأوكرانيا - وليس عملية قتل الصحافي جمال خاشقجي - هو السبب الحقيقي وراء التشويه الجديد لسمعة ولي العهد السعودي " . في العام ٢٠١٨ اكد تقرير للمخابرات المركزية الأمريكية أنه كان المسؤول الأعلى الذي أمر بقتل خاشقجي ، لكن الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين امتنعوا من فرض عقوبات على ولي العهد الذي سيخلف والده في عرش المملكة ، آملين أن التعامل مع الحاكم الصاعد يكون أفضل من نبذه .
ولكن الآن ، فإن ولي العهد السعودي هو الشرير والدكتاتور غير الموثوق به الذي يرفض الالتزام بالصفقة القديمة التي بموجبها تقدم الولايات المتحدة الحماية السعودية مقابل الخضوع والخنوع .
وتقول الكاتبة " إن ولي العهد السعودي ليس الشخص الذي يفكر بمعادلة التوازن بين الخسارة والربح . إنه يريد الحصول على المكاسب بأي ثمن كان ، حتى لو كان ذلك على حساب أسياده في واشنطن " .
https://telegram.me/buratha