فهد الجبوري||
في مثل هذا اليوم ( الخامس عشر من مايس من عام ١٩٤٨ ) حصلت النكبة أو الكارثة الكبرى التي حلت بالشعب الفلسطيني على يد العصابات الصهيونية المدعومة من القوى الاستعمارية الغاشمة وعلى رأسها أم الخبائث والمصائب بريطانيا التي مهدت الطريق لاحتلال فلسطين وتشريد الشعب الفلسطيني ، وإقامة ما يسمى دويلة " إسرائيل " وذلك من خلال وعد بلفور المشؤوم .
وكان ذلك جزءا من مخطط استعماري خبيث أوسع للهيمنة والسيطرة على المنطقة العربية والعالم الإسلامي ، وفي مثل هذا اليوم من كل عام ، يتذكر الفلسطينيون ومعهم الشعوب العربية والإسلامية ما جرى من جرائم وفظائع على يد العصابات الصهيونية ، ومنها عمليات قتل وتهجير قسري للأسر الفلسطينية الرافضة لترك منازلها وأراضيها ، حيث قامت تلك العصابات بطرد وتهجير ما لايقل عن ٧٥٠ الف فلسطيني من منازلهم وأملاكهم وسيطرت على ٧٨ ٪ من فلسطين التاريخية . وقد قسمت نسبة ٢٢٪ الباقية بين ما يعرف اليوم بالضفة الغربية ، وقطاع غرة المحاصر .
وبقدراته الذاتية البسيطة ، وتوكله على الله جل وعلا ، قاوم الشعب الفلسطيني الغزاة الصهاينة وقدم الشهداء ، وقد استمر القتال حتى كانون الثاني ١٩٤٩ ، حيث تم التوقيع على اتفاقية الهدنة بين " الكيان الصهيوني " وكل من مصر ولبنان والأردن وسوريا . وخط هدنة ١٩٤٩ بات يعرف " بالخط الأخضر " وهو الحد المعترف به بين " إسرائيل " والضفة الغربية .
إن الاحتلال العسكري الصهيوني لأرض فلسطين ، وبعدها للمزيد من الأراضي العربية في عدوان حزيران عام ١٩٦٧ ، يبقى هو محور الصراع الطويل الذي كان السبب الأساسي في المحنة التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ ٧٤ عاما .
وكانت وحشية العدو الصهيوني وقواته المجرمة قد قتلت خلال عامين من احتلالها لفلسطين ، بين ١٩٤٧ و ١٩٤٩ حوالي ١٥ الف مواطن فلسطيني في سلسلة من الهجمات الدامية ، ومجازر الإبادة الجماعية ، وقامت بتدمير اكثر من ٥٣٠ قرية فلسطينية .
وفي التاسع من نيسان ١٩٤٨ ، ارتكبت القوات الصهيونية واحدة من أفظع مجازرها الوحشية وذلك في قرية دير ياسين على المشارف الغربية لمدينة القدس . أكثر من ١١٠ رجل ، وامرأة وطفل قتلوا من قبل عصابات الأرغون والهاغانا الصهيونية .
وقد تسبب ذلك كله في أكبر موجة نزوح بشرية عرفها التاريخ ، حيث تم بالقوة تهجير شعب بأكمله ، واليوم يعيش حوالي ستة ملايين فلسطيني في مخيمات اللاجئين يقدر عددها ب٥٨ مخيما منتشرة في الأراضي الفلسطينية وفي البلدان العربية المجاورة .
وطبقا للقانون الدولي ، فإن اللاجئين لهم الحق بالعودة الى وطنهم وممتلكاتهم التي تمت السيطرة عليها بالقوة .
وتعد محنة اللاجئين الفلسطينين هي أطول محنة في التاريخ الإنساني والتي ما تزال بدون حل .
وما يزال الفلسطينيون يعيشون أصعب الظروف ، وخاصة في الضفة الغربية وقطاع غرة حيث يتعرضون يوميا الى كافة أشكال المحاصرة والقتل ومصادرة الحقوق ، في ظل صمت دولي ، ودعم مباشر من القوى الاستكبارية الظالمة وعلى رأسها امريكا التي توفر للكيان الصهيوني الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي والإعلامي ، وتدافع عنه في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ، بدون ادنى مراعاة لحقوق الشعب الفلسطيني ، والقرارات الأممية الصادرة عن مجلس الأمن ومنها حق الحياة ، وحق العودة الى أرضه وبلده المحتل .
وبسبب هذا الدعم الأمريكي والغربي ، يواصل الكيان الصهيوني مصادرة الأراضي الفلسطينية ، ويقوم ببناء المستوطنات عليها في مخالفة صريحة للقانون الدولي ، ويعيش اليوم حوالي ٧٥٠ الف مستوطن صهيوني فيما لايقل عن ٢٥٠ مستوطنة غير شرعية في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية المحتلة . والمستوطنات الصهيونية تعد غير شرعية حسب القانون الدولي .
وبالنسبة للفلسطينيين ، فإن النكبة ليست حدثا تاريخيا ، وإنما هي عملية تهجير وتشريد ومعاناة مستمرة منذ ٧٤ عاما .