متابعة وترجمة ـ فهد الجبوري ||
ما يشهده العراق من عواصف ترابية متواصلة منذ بضعة أشهر أصبح موضع اهتمام العديد من الباحثين والكتاب ومراكز الدراسات ، وذلك بسبب تداعياتها الكبيرة على كل جوانب الحياة سواء كان ذلك في الجانب الصحي ، أو في الجانب الزراعي والاقتصادي ،وحتى الأمني .
وهذه الدراسات والتحليلات قد تساهم في تسليط المزيد من الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة ، وتدق ناقوس الخطر لدى المعنيين في الشأن العراقي ومنهم الحكومة والبرلمان ، والقوى السياسية ، ومنظمات البيئة والصحة ومراكز البحوث المتخصصة وذلك بهدف محاصرة ومكافحة التغير المناخي في العراق ، وظاهرة الجفاف والتصحر والارتفاع في درجات الحرارة والتي كلها تؤثر سلبا على اقتصاد البلاد ، وقد تتسبب في موجات هجرة كبيرة في المستقبل المنظور .
في هذا المجال ، كتب الباحث العراقي الأمريكي من أصل عراقي السيد ابراهيم المرعشي مقالة في موقع ميدل ايست آي يوم ٢٠ مايس ٢٠٢٢ تصدرها هذا العنوان :
عواصف العراق الترابية : التهديد المزدوج لتغير المناخ وسوء الإدارة
فيما يلي خلاصة لاهم ما ورد في مقالة السيد المرعشي .
" العواصف الترابية الأخيرة التي اجتاحت العراق تنذر بمستقبل مقلق ومتعب لهذا البلد ولعموم المنطقة . وفيما هي تعد ظاهرة طبيعية تفاقمت بسبب تغير المناخ ، ولكنها أصبحت اكثر كثافة بسبب السياسات الضعيفة التي تعالج المياه والمساحات الخضراء ، وهو فشل لإدارة البلد منذ حرب عام ٢٠٠٣"
" إن هذه العواصف الترابية هي بمثابة تذكير للمنظمات المتعددة ، مثل الأمم المتحدة ، الى جانب المنظمات غير الحكومية في المنطقة ، والقادة العراقيين ، وإن الوقت قد حان للاعتراف بهذا الاقتران الخطير بين ظاهرة تغير المناخ والمشاكل الأمنية المترقبة ، من قبيل مهجري المناخ ، وهم الأفراد الذين سيضطرون للهجرة نتيجة التصحر " .
وفي الحقيقة ، فإن تلك العواصف الترابية الأخيرة ، والتي رسمت سماء العراق بأشكال من اللون البرتقالي وأكسيد الرصاص ، توضح بأن مستقبل هذا البلد وكل منطقة الشرق الأوسط هو عصر الانثروبوسين ( حقبة جيولوجية جديدة )
واليوم ، العواصف الترابية اصبحت ظاهرة مألوفة ومتكررة ، وتتسبب في غلق المطارات ، وتأثيرات على الصحة تقود الى إسعاف الكثيرين في المستشفيات . ويتوقع أن تزداد حدتها أكثر وسط ارتفاع في درجات الحرارة ، وهطول أمطار غير منتظمة ، مما يؤدي الى مزيد من الجفاف .
إن الجفاف السريع للأراضي يقود الى تجريف التربة ، ويسارع في وتيرة التصحر ، ويساهم في المزيد من العواصف الترابية .
الناشط البيئي العراقي المعروف عزام علوش يعزو كذلك الزيادة في العواصف الترابية الى التصحر الناجم عن الزيادة في ملوحة الماء . وفي العراق ، الارتفاع في مستوى سطح البحر قاد الى تسرب المياه المالحة الى قنوات وجداول البصرة ، ٣٠٠ كم صعودا عبر مجرى شط العرب ، مدمرا الحقول ، والثروة الحيوانية والأسماك .
وما ساهم في جعل الأمور اكثر سوءا ، هو موروث السياسة البيئية للرئيس السابق صدام حسين الذي ترك العراق على وجه الخصوص عرضة للتغير المناخي .
صدام أمر بتجفيف أهوار جنوب العراق في عقد التسعينات ، بعد أن أصبحت المنطقة موقعا للانتفاضة والعمل المعارض ضد النظام . وحتى مع محاولات اعادة الأهوار ، فقد تركت سياسات صدام إرثا جعل من السهل تسرب المياه المالحة من الخليج الى البصرة . أحواض المسطحات المائية الجافة توفر علفا للمزيد من العواصف الترابية .
https://telegram.me/buratha