متابعة وترجمة فهد الجبوري ||
مقالة مهمة للكاتب والصحفي " الاسرائيلي " جدعون ليفي ، وهو من الصحافيين البارزين الناقدين لسياسات حكومات الاحتلال الصهيوني .
المقالة تحت هذا العنوان :
بالنسبة للاسرائيلين ، المستقبل من المستحيل رؤيته
المجتمع لايمكن أن يمضي بعيدا وهو يدفن رأسه في التراب ، وسوف لن يستطيع بالتأكيد التعامل مع التحديات الحقيقية التي تواجهه
فيما يلي ترجمة لأهم الفقرات في مقالة ليفي
اذا كان هناك شيئا مفقودا بالكامل من الأجندة العامة في إسرائيل ، فإن ذلك هو النظرة البعيدة المدى ، ولا حتى من قبل نصف جيل .
الاطفال هم مهمون في إسرائيل ، والوقت والطاقة التي تخصص لهم قد تتجاوز بشكل كبير ما موجود في المجتمعات الاخرى ، ولكن مع ذلك لا أحد يتحدث عن ماذا ينتظرهم أو ماذا يخبأ المستقبل لأطفالهم .
· لايوجد إسرائيلي واحد ، ولا حتى واحد ، يعرف الى أين تتجه بلاده .
إسأل أي إسرائيلي عادي ، او أي سياسي ، أي صحافي أو عالم ، من تيارات السياسة الوسط ، أو اليمين ، أو اليسار : ألى أين ذاهبون ؟ ، وكيف سيكون شكل البلاد في عشرين سنة اخرى ؟ ، أو خمسين سنة ؟ إنهم لن يستطيعوا حتى ان يصفوا ماذا سيكون شكل عشر سنوات من الآن . القليل من الاسرائيلين يمكنهم أن يقولوا الى أين يودون أن تذهب بلادهم ، بعيدا عن الشعارات الفارغة حول السلام والأمن والازدهار .
· ويطرح الكاتب هذا السؤال المقلق ؟
ايضا ماهو مفيد جدا هو هذا السؤال الذي يطرح نفسه على المدى الطويل : هل أن إسرائيل تبقى موجودة الى عشرين سنة أو خمسين سنة اخرى ؟ هذا هو كل ما سوف تسمعه من سؤال في إسرائيل حول المستقبل - هل سيكون هناك سلام ؟ وأي جيل أو جيلين مضوا كانوا حاضرين ، لم تعد على جدول الأعمال ولم تسأل أبدا .
هناك القليل جدا من الأماكن التي يسأل فيها الناس هل أن بلدهم سوف يبقى بعد بضعة عقود . الناس لا يسألون ذلك في ألمانيا أو في ألبانيا ، أو في توغو ، أو في تشاد . إن هذا السؤال قد لايكون مناسبا في إسرائيل ، وهي قوة إقليمية قوية جدا ، ومرتبطة بشكل مثير للإعجاب بالبراعة التكنولوجية ، ومزدهرة ، وهي معشوقة الغرب .
ولكن انظر الى حقيقة أن الكثير من الاسرائيليين يستمرون في طرح هذا السؤال ، وبالخصوص في الآونة الأخيرة أكثر من أي وقت مضى . لاحظ الجهود التي لا تصدق التي يبذلها الاسرائيليون بهدف الحصول على جواز سفر ثاني لهم ولأطفالهم - أي جواز ! سواء كان برتغاليا ، او ليتوانيا ، الشئ الرئيسي هو أن يكون لديك خيار ما من غير جواز السفر الاسرائيلي . كما ولو أن الجواز الاسرائيلي هو نوع من التصريح المؤقت الذي يقترب من نفاذ صلاحيته ، كما لو أنه ليس من المتيسر الذهاب الى تجديده على الإطلاق .
كل ذلك يوحي أن عادة الاسرائيلين في دفن رؤوسهم في التراب حول مستقبل بلادهم تخفي خوفا عميقا ، وربما حقيقيا للغاية بشأن ما قد يخبئه المستقبل . الاسرائيليون متخوفون من مستقبل بلادهم . إنهم يتفاخرون حول قوة وقدرة بلدهم ، أمة صالحة ، وشعب مختار ، ونور للأمم ؛ وأنهم يتباهون بإفراط حول جيشهم ، وحول مهاراتهم ، بينما في ذات الوقت فإن الخوف البدائي يقضم أحشاءهم .
إن مستقبل بلادهم مخفي عنهم ، ويكتنفه الضباب . إنهم يحبون الحديث بالمصطلحات الدينية حول الخلود ، " أورشليم موحدة للأبد " و " الوعد الإلهي الأبدي لإسرائيل " ، بينما ليس لديهم ادنى فكرة عما سيحدث لبلدهم غدا أو على الأقل في اليوم التالي لذلك .
ويمضي الكاتب قائلا " أن خداع الذات لن يوفر أية جواب " ويشرح ذلك بالقول " أن اسم اللعبة هو القمع ، والإنكار ، وخداع الذات ، وعلى نطاق ليس له مثيل في أي مجتمع آخر يتبادر الى الذهن . كما هو الحال عند معظم الاسرائيلين انه لايوجد احتلال ، ولا عنصرية ، بالرغم من وجود جبال من الأدلة التي تشهق مرتفعة في كل وقت - لذا ، بالنسبة لمعظم الاسرائيلين ، الغد ليس شيئا . الغد ليس شيئا من نواحي البيئة أو تغير المناخ في إسرائيل ؛ الغد ليس شيئا من نواحي العلاقات مع الشعب الآخر الذي يعيش الى جانبنا مع ركبتنا في حلقه.
فقط حاول أن تسأل الاسرائيليين ماذا سيكون عليه الحال هنا ذات يوم مع وجود أغلبية فلسطينية بين نهر الأردن والبحر المتوسط ، وفي أحسن الأحوال لن تحصل الا على تجاهل . إلى أن يتجه كل هذا ؟ هل سوف نعيش الى الأبد بالسيف ؟ هل يستحق ذلك الثمن ؟
وفي مقطع آخر من مقالته ، يقول الكاتب " أن الوضع هو غير صحي للغاية ، بالطبع . المجتمع لايمكن أن يمضي قدما ورأسه في التراب ، وسوف بالتأكيد لن يكون قادرا على التعامل مع التحديات الخطيرة التي تواجهه. الاحتلال ، هو أكثر الأشياء التي تميز إسرائيل اليوم ، يعرض أكثر من بضعة تحديات - والتي ترفض إسرائيل المواجهة معها . ماذا سوف يحدث مع الاحتلال ؟ الى أين سوف يأخذ مجتمعين ، جهة تحتل ، واخرى محتلة ، إسرائيل والفلسطينيين ؟ هل يمكن للاحتلال ان يبقى الى الأبد ؟ "
وحتى وقت قريب ، انا لم أكن مقتنعا أن الاحتلال لا يمكن أن يبقى للأبد . التاريخ علمنا أن شعبا يقاتل من أجل التحرر عموما يربح ، وأن الأنظمة الفاسدة ، مثل الاحتلال العسكري للشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل ، تنهار من تلقاء نفسها ، و تتفتت داخليا من الانحلال والتدهور الذي يعمهم دائما . ولكن مادام أن الاحتلال الاسرائيلي يستمر ، ونهايته تتراجع باستمرار ، الشكوك مزقت قناعتي الراسخة بأن شيئا ما سيحدث بالتأكيد قريبا لاسقاط الاحتلال ، مثل الشجرة التي تبدو قوية لكنها قد تعفنت من الداخل .
· المساواة هي الحل
ويختتم الكاتب مقالته بالقول "أن المخرج الوحيد من هذا المأزق المحبط هو بتبني خطاب جديد ، خطاب الحقوق والمساواة . على الناس أن يتوقفوا عن غناء اغنيات الماضي، وأن يحتضنوا رؤية جديدة . ويجب أن يكون ذلك واضحا للمجتمع الدولي ؛ والاسرائيلين ، وبدرجة أقل الفلسطينيين ، الفكرة هي ثورية ، مهددة ، ومؤلمة للغاية "
" المساواة . حقوق متساوية من النهر الى البحر . شخص واحد ، صوت واحد . أساسي جدا وفي نفس الوقت ثوري جدا . هذا الطرق وهذا النهج يتطلب الابتعاد عن مناهج الصهيونية ورفض التفوق اليهودي ، والسماح بالذهاب الى حق تقرير المصير الشامل لكلا الشعبين - ولكن هذا يمثل بصيص الأمل الوحيد "
" في إسرائيل كانت هذه الفكرة قبل بضعة سنوات تعد تخريبية ، خيانية وغير شرعية . وهي ماتزال ينظر لها بنفس الطريقة ولكن مع قوة أقل الى حد ما . ولقد أصبحت تذكر الآن . والآن الأمر متروك للمجتمعات المتحضرة في الغرب ومن بعدهم السياسيين لاحتضان هذا التغيير . ومعظم هؤلاء يعرفون سلفا أن هذا هو الحل الوحيد الباقي ، ولكنهم يخافون من الاعتراف به لئلا يفقدوا الصيغة السحرية لاستمرار الاحتلال الاسرائيلي التي يوفرها حل الدولتين الميت الآن ."
https://telegram.me/buratha