فهد الجبوري ||
الإمارات بلد صغير نسبيا من ناحية المساحة الجغرافية ، وحجم السكان ، وهي دولة تأسست حديثا في سبعينيات القرن الماضي ، وهي عضو في مجلس التعاون الخليجي ، وقد كان بامكانها ان تلعب دورا إيجابيا في تعميق علاقات الأخوة والتعاون ليس فقط مع جيرانها ولكن حتى مع محطيها العربي الأوسع . ولكنها اختارت خلال السنوات الماضية ممارسة سياسات التدخل السافر في الشؤون العربية والمنطقة عموما ، وليس أدل على ذلك من تدخلها السلبي في الأزمة اليمنية ، ودخولها في تحالف مع السعودية ضد الشعب اليمني من خلال مشاركتها ودعمها للحرب المستمرة هناك منذ اكثر من ثمانية أعوام ، والتي تسببت في مقتل مئات الآلاف من السكان المدنيين ، وتهجير الملايين ، وتعريض البلد وشعبه الى أسوأ كارثة إنسانية في التاريخ المعاصر وذلك حسب ما توثقه وتؤكده المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة .
لقد لعبت الإمارات دورا سلبيا في اليمن ، وهي مشاركة في ارتكاب انتهاكات خطيرة قد ترقى حسب القانون الدولي الإنساني الى جرائم حرب.
واليوم تقوم حكومة ابو ظبي بتقارب غير مسبوق مع الكيان الصهيوني المحتل لمدينة القدس ، وللأراضي العربية والفلسطينية ، وهي بهذه العلاقة القريبة غير المسبوقة تعطي للكيان الغاصب صكا مجانيا في إدامة احتلاله ، وممارساته العدوانية وانتهاكاته الخطيرة لحقوق الشعب الفلسطيني .
وهذا المجرم نافتالي بينيت رئيس وزراء الكيان الصهيوني يحل ضيفا على الشيخ محمد بن زايد هذا اليوم في زيارة هي الثانية له منذ تطبيع العلاقات بشكل رسمي مع العدو في عام ٢٠٢٠ ، بعد فترة من التعاون الذي مهد لإقامة العلاقات الرسمية بين الجانبين .
وتتزامن هذه الزيارة مع تهديدات الكيان الصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، ومع محاولاته للضغط على واشنطن والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنع اعادة العمل بالاتفاق النووي الموقع عام ٢٠١٥ ، والذي انسحبت منه واشنطن من جانب واحد على عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ، تحت ضغوط صهيونية وخليجية من بعض دول المنطقة وهي السعودية والإمارات .
وقال بينيت ، وفق بيان صادر عن مكتبه قبل مغادرته الأراضي المحتلة " اليوم سننقل معا العلاقة المميزة التي نسجت بين بلدينا الى مستوى أعلى لما فيه نمو وأمن شعبينا "
إن دولة الإمارات تدرك جيدا أن الكيان الصهيوني هو المصدر الأساسي لكل المشاكل في المنطقة ، وهو التهديد المباشر لأمنها ، وهو يمارس عدوانه السافر على الشعب الفلسطيني ، وعلى سوريا ، وعلى شعوب المنطقة عموما ، وهدفه هو اخضاع المنطقة لهيمنته .
وفقط قبل قليل ، وتزامنا مع الزيارة ، نقلت وكالات الأنباء نبأ استشهاد فلسطيني برصاص جنود الاحتلال ، وإصابة عشرة آخرين خلال هجوم للقوات الصهيونية على بلدة حلحول في الضفة الغربية . كما أن تقرير دولي تابع للأمم المتحدة أكد قبل يومين أن استمرار الاحتلال الاسرائيلي والتمييز ضد الفلسطيينين هما السببان الجذريان وراء التوتر وإطالة أمد النزاع في منطقة الشرق الأوسط .
يبدو أن حكومة أبو ظبي لم تعد تعنيها مثل هذه التقارير ، لانها اختارت الارتماء في حضن عدو طلبا " للأمن " ، وهذا العدو هو نفسه لا يتمكن من توفير الأمن لنفسه ، وهو يعيش حالة من الخوف والذعر ليس فقط من المقاومة البطولية للشعب الفلسطيني ، ولكن ايضا من محور المقاومة والشعوب العربية والإسلامية التي لن تتخلى عن قضية فلسطين والمقدسات في القدس الشريف .