فهد الجبوري ||
اتسم خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي الجمعة بالتحدي وغلب عليه طابع النقد الشديد للولايات المتحدة والغرب عموما ، مؤكدا ان العالم يمر بمرحلة تغيير جذري ، وأن ما بعد الحرب في أوكرانيا لن يكون كما قبلها ، وأن عهد أحادية القطب الواحد قد انتهى .
ووجه انتقادا حادا للولايات المتحدة وقال " أنها اعتبرت نفسها رسول الرب على الارض عند إعلانها الانتصار في الحرب الباردة ، وإن النخب الغربية تتمسك بأشباح الماضي وتعتقد أن هيمنة الغرب الاقتصادية عامل استقرار للعالم .
وفي إشارة واضحة للعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا ، قال بوتين " أن الغرب عندما لايتمكن من السيطرة على من يتمرد عليه ، يحاول عزله " وأكد " علينا ان نكون مستقلين ، فنحن اقوياء ويمكننا مواجهة اي تحدي "
وبخصوص أوروبا قال بوتين " أن الاتحاد الأوروبي فقد " سيادته السياسية " منتقدا سياسات الاتحاد الاقتصادية مثل طباعة النقود لمعالجة ارتفاع التضخم ، مشيرا الى أن التضخم في أوروبا مرتفع رغم انها لا تخوض اي حرب ، وقد بلغت الخسائر المباشرة التي تكبدها الاتحاد الأوروبي من العقوبات ٤٠٠ مليار دولار .
منهج ايران السياسي في المنطقة هو : الاستقرار ، وبناء علاقات تعاون مثمرة بين بلدانها ، ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها .
الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤكد في اكثر من مناسبة رغبتها في ارساء دعائم الاستقرار والأمن في المنطقة من خلال الحوار ، والتعاون البناء المثمر وعلى كافة المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعلمية والثقافية وغيرها .
وفي هذا السياق أكد الرئيس الإيراني السيد ابراهيم رئيسي إن الوجود الأجنبي لايصب في مصلحة دول المنطقة ، وهو فقط يؤدي الى خلق الأزمات وزعزعة الأمن فيها .
وقال السيد رئيسي خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركماني سيردار بيردي محمدوف في طهران ان حل مشاكل المنطقة يجب أن يكون بالحوار بين دولها .
ومن جهته اكد وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبد اللهيان أنه يتعين على مسؤولي المنطقة الا يسمحوا للغرباء بالتأثير على التعاون والاستقرار الإقليميين .
وقال خلال اتصال هاتفي مع نظيره العماني بدر البوسعيدي الجمعة " نؤكد على الحوار والتنسيق بين دول المنطقة ، وشعوبها هي التي تقرر مصيرها".
هذه التصريحات الإيرانية تأتي في وقت اختارت فيه بعض حكومات المنطقة منهج التصعيد وزعزعة الاستقرار فيها من خلال تبني سياسات خاطئة ، كما هو الحال مع موافقة دول خليجية بقبول وضع منظومة رادارات " إسرائيلية " في البحرين والإمارات ، ربما ستشمل دولا اخرى مثل الأردن ومصر والكويت .
هذه المنظومة تستهدف خدمة الكيان الصهيوني تجاه احتمالية ضربات صاروخية او هجمات بالطائرات المسيرة قادمة من ايران ، ولكن هذه الدول ومن خلال هذه الخطوة ادخلت مياه الخليج في الصراع القائم بين الجمهورية الإسلامية ومحور المقاومة من جهة والكيان الصهيوني من جهة اخرى والذي صعد في الآونة الأخيرة من تهديداته ضد الجمهورية الإسلامية وضد سوريا حيث قام قبل بضعة ايام بضرب مطار دمشق الدولي بالصواريخ .
هذا التنسيق بين بعض حكومات المنطقة والكيان الصهيوني يضع استقرار هذه الدول وأمن شعوبها في خطر كبير دون أن تجني اي فائدة ، وعليها أن تعي جيدا أن الكيان الصهيوني لن يوفر لها الأمن كما تتوقع ، بل إن مصلحتها تكمن في الاصغاء الى منطق العقل والحكمة ، ومد اليد للتعاون مع الجمهورية الإسلامية في تثبيت دعائم الأمن والاستقرار في منطقة الخليج وعموم الشرق الأوسط بعيدا عن التدخلات الأجنبية .