تحقيق/ عامر جاسم العيداني ||
ان المساحة المفتوحة للصحافة المرئية والالكترونية خلقت صحفيين لا مهنة لهم سوى الاسترزاق من خلالها بأستخدام أدوات التشهير والتسقيط بكل من يختلفون معه اويجدون مثلبة فيه من خلال خبر مفبرك يتداوله المجتمع او ورقة مزورة او موضوعا قد يكون صحيحا ، يقوم صحفيو الصدفة باستغلاله من اجل ابتزاز هؤلاء الاشخاص للحصول على أموال او لغايات اخرى ، كالتسقيط السياسي او الاجتماعي .
أن هذا الاسلوب الذي يستخدمه بعض الدخلاء على الصحافة يعتبر اسلوبا خطرا يهدد صحافتنا ويمس مصداقيتها عند اللجوء الى الاخبار الكاذبة والزائفة لتحقيق غايات دنيئة ، واللجوء الى اسلوب الابتزاز لأجل الحصول على المال بطرق غير مشروعة يعتبر أمر مستغرب في بلد تسوده القيم والاخلاق الدينية والاعراف العشائرية العريقة ، وان الصحفي الذي يستخدم هذا الاسلوب قد خرج عن رسالته المهنية النبيلة بعد ان اصبح قلمه وسيلة للاسترزاق على حساب كرامة الناس ومسيئا لمهنة الصحافة ولزملائه الصحفيين .
ونظرا لتوسع وانتشار ظاهرة استخدام الصحافة لأغراض الابتزاز توجهنا بسؤالين الى عدد من الكتاب والصحفيين والمحللين ليجيبا عليهما ..
س١ : ظاهرة الصحافة التي تعتمد على الابتزاز للحصول على مبتغاها.. ما هي وجهة نظرك عنها .
س٢ : هل تعتبرها وجها آخر للإرهاب، وما هي الأدوات التي ممكن استخدامها للقضاء عليها .
الكاتب والمحلل السياسي عمر الناصر ، تحدث لنا قائلا :
مازالت الصحافة في العراق تشكو من التأثيرات والضغوط السياسية والاجتماعية ، في ظل مضايقات واضحة في حق الحصول على المعلومة ، ومازالت تعاني من عدم وجود معايير تقنن العمل الصحفي دون مجاملات ، الانتقائية والمحسوبية يلعبان دور كبير بعدم كبح جماح بعض التصرفات المستهجنة في بعض الاحيان ، بظل عدم وجود تشريعات صارمة لحماية الصحفيين من الابتزاز، وحماية الاخرين من بعض الصحفيين الذين يمارسون الابتزاز ، ينبغي النظر بعين الموضوعية لتشريع قوانين صارمة تنظم العمل الصحفي وجعل نقابة الصحفيين المرتكز الحقيقي الذي يحمي الحقوق والحريات من قبل في بعض ضعفاء النفوس.
وأضاف ، أما الارهاب لا يمكن ان يكون له لون واحد ، بل له صور واشكال مختلفة ، والارهاب الفكري والابتزاز بشتى انواعه هو خرق وتشويه لسمعة الصحافة وللاقلام الحرة التي هدفها تقويم الاداء الحكومي والمجتمعي وليس الابتزاز او ان تكون اقلام للايجار ، الصحافة هي المرآة العاكسة لسمعة العراق في المحافل الدولية ، وهي من تعيد الثقة باداء المؤسسات الحكومية ..
أما الكاتب والصحفي وليد الطائي أوضح وجهة نظره بالقول :
بعد سقوط النظام الدكتاتوري، ظهرت لنا مؤسسات مشبوهة، تعمل بعنوان الصحافة والإعلام ، وانا اطلق عليها، دكاكين تستخدم عنوان الصحافة العراقية وللأسف هذه الدكاكين تعمل بدون اي رقابة ولا متابعة ولا محاسبة، مما جعلها تستخدم أسلوب الابتزاز، عملت على إبتزاز سياسيين ووزراء ووكلاء وزارات ، وتجار ومقاولين وهذا واضح لدى كل من يعمل في الجانب الصحفي العراقي ، وأصبح هؤلاء المبتزين أثرياء يمتلكون عقارات وسيارات حديثة وشركات، حصلوا عليها عن طريق الصحافة الابتزازية ، وهذا يعد ارهاب من نوع آخر ، لذلك على نقابة الصحفيين العراقيين أن تقوم بواجبها وتغلق دكاكين الابتزاز والسمسرة كذلك الحكومة العراقية مطالبة بالتعامل مع الصحافة الرسمية، وليس مع صحافة الغرف المشبوهة .
وكانت لنا وقفة مع الكاتب والصحفي هادي جلو مرعي حول هذه الظاهرة :
قال ان ظاهرة الصحافة التي تعتمد على الابتزاز للحصول على مبتغاها ، هي حاضرة ومؤذية وسلبية للغاية وهناك مبتزون ايضا كافراد ومجموعات يعتمدون في عملهم على فساد المسؤول الذي يحاول التستر على فساده من اغراء المبتزين والصحفي المبتز ونحن ضد هولاء ونحاربهم دائما ونعمل على دعم اي تشريع يردع هولاء.
وأضاف جلو ، هي وجه صريح للارهاب الفكري الذي يستهدف المجتمع وبنية الدولة فقد وجدنا كيف تطورت الظاهرة السلبية والصادمة تلك لتهدد السلم الاهلي من خلال التخويف وطلب الاموال وارغام الناس على القيام بافعال غير قانونية وتقديم تنازلات وهي سلوكيات غير مقبولة ولكنها للاسف تضرب في عمق الاسرة العراقية وقد شاهدنا مئات الامثلة على ذلك في السنوات الماضية وبالتالي فتحرك اجهزة الدولة ضروري وملح للوقوف بوجه المبتزين ومنعهم من مواصلة افعالهم الرخيصة وهنا لابد من شراكة حقيقية بين الاجهزة الامنية كافة والشرطة المجتمعية والاجهزة المختصة بمكافحة الابتزاز الالكتروني التي قامت بادوار متعددة في هذا الشان وكشفت جرائم عدة عدا عن احباط محاولات ابتزاز باشكال وصور مختلفة ومالم يكن هناك جدية وحزم فلااعتقد اننا سنحقق منجز كبيرا في مسعانا للحد من هذا السلوك الاجرامي ومحاسبة مرتكبيه بقسوة.
وأخيرا كان للكاتب والاعلامي د. علاء هادي الحطاب ، وجهة نظر أكثر شمولية عن موضوع الصحافة التي تعتمد على الابتزاز ونشر اخبار ملفقة من قبل الجيوش الالكترونية في الحقيقة شوهت الصحافة وغيبت الكلمة الحقيقية للصحافة ، الرسالة المهمة للعمل الصحفي هو نقل الحقيقة بدون رتوش وبدون تحيزات او مجاملات ، لكن ان يعمد بعض منا مع الاسف في الصحافة على ابتزاز المسؤولين والمشاهير والتجار والمستثمرين من خلال اخبار كاذبة اومفبركة بغية ابتزازهم هذا شوه المعنى الحقيقي للصحافة وادى الى تراجع العمل الصحفي وبات ينظر الى كثير من الصحفيين نظرة شك وريبة ، واعتقد ان من يقوم بهذا العمل هم بالنتيجة دخلاء على المهنة ولا يفهمون الرسالة التي يجب ان تؤدى من خلال مهنة االصحافة .
اما كيفية القضاء على هذه الظاهرة ، حتما هناك تجارب عالمية في دول ديمقراطية عريقة وضعت أطر وقوانين وتعليمات تنسجم مع النظام الديمقراطي وفي الوقت ذاته تمنع ظاهرة الابتزاز وفبركة الاخبار وتغييب الحقائق ، نحن لا نريد ان نكمم افواه الصحفيين ولا نسعى الى تكميم أفواهنا من قبل تشريعات قاسية تؤدي بنا الى فترات وحقب قديمة ولت وانتهت ولا نريد ان نعطي الذرائع ليتحول هذا النظام الى دكتاتوري في تعامله مع العمل الصحفي بالمقابل نريد ان تكون هناك ضوابط معينة ومحددة أخذين بتجارب عالمية كما هو موجود في الدول ذات الانظمة الديمقراطية ، ولا نريد ان نحول عملنا تحت سلطة دكتاتورية ولكن نريد مجموعة من القوانين والانظمة والتعليمات التي تكفل حرية العمل الصحفي من جانب وانضباط ورصانة العمل الصحفي من جانب اخر وتكفل الحق للصحفي للشخص المستهدف بالعمل الصحفي في ان تكون له ضوابط او موانع قانونية من خلالها يثبت برائته ويمنع الاخرين من ابتزازه ، اعتقد نحتاج الى تشريع قانون بشكل هادئ ينسجم مع طبيعة نظامنا السياسي وفلسفته وايضا اخذا بنظر الاعتبار بعدم اعادة الحقب السابقة في التعامل مع الاسرة الصحفية .
ان ظاهرة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية الاخرى من قبل بعض المحسوبين على الصحافة بالتشهير للشخصيات العامة وغيرها من اجل الحصول على الاموال او ابعادها عن مواقع المسؤولية ، تشكل خطورة كبيرة على المصالح العامة والخاصة وتهدد حياة المواطنين وتسبب لهم مضار اجتماعية ونفسية قد يكون من الصعب التخلص منها على الامد القصير او قد تصاحبهم مدى الحياة بالاضافة الى الاضرار المادية ، وانها تمثل وجها آخر للارهاب يهدد حياة المواطنين وقد يؤدي الى موت الاشخاص المستهدفين بهذا النوع من السلوك بالسكتة الدماغية او عن طريق الانتحار لعدم قدرته على تحمل هذه الهجمة .
من وجهة نظري الشخصية ، يجب وضع قانون صارم يحارب هذه الظاهرة وتشديد العقوبات على الاشخاص الذين يمارسون هذا السلوك ، وتشكيل محاكم خاصة تستجيب بالسرعة الممكنة لايقاف عمليات التشهير والتسقيط وعدم تركها للمحاكم العامة التي غالبا ما تكون اجراءاتها بطيئة بسبب كثرة القضايا التي ترفع اليها من قبل المواطنين في ظل الظروف التي يمر به البلد وكثرة المشاكل بسبب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي وعدم اكتمال عمل المؤسسات والقصور في القوانين .
ومن جانب اخر يجب مراقبة المواقع الالكترونية التي تمارس هذه الظاهرة والعمل على ايقافها من قبل هيئة الاعلام والاتصالات والاجهزة الامنية المختصة في تقنيات المعلومات بالاضافة الى عقد الاتفاقيات مع الدول واصحاب المواقع الرئيسية وممارسة الضغط عليها بعدم الموافقة على هذه الممارسات ، حيث يلاحظ ان مواقع التشهير تنشأ في بلدان اخرى عن طريق اشخاص تم الاتفاق معهم وشكلوا شبكة او عصابة منظمة تستخدم هذه المواقع بحيث لا يمكن تشخيصهم من قبل قوى الامن الداخلي وبالتالي يضطر الشخص المستهدف بدفع اموال طائلة لايقاف النشر .
وأخيرا ندعو نقابة الصحفيين العراقيين ومنظمات الدفاع عن حقوق الصحفيين العمل مع الحكومة والقضاء لايقاف هذه الظاهرة الارهابية من خلال تقديم مقترحات القوانين التي تكون احكامها صارمة ، والسرعة في اقرارها .
https://telegram.me/buratha