متابعة وترجمة ـ فهد الجبوري ||
قالت صحيفة الواشنطن بوست في تقرير لها من بغداد الثلاثاء أن احتحاجات الشارع بين الخصماء قد أنتهت سلميا هذا الاسبوع ، لكن الأزمة السياسية في البلاد قد دخلت في مرحلة جديدة من عدم اليقين لان النخبة المتناحرة لم تقدم اي علامات نحو الحل والانفراج .
وترى " أنه بعد عشرة اشهر من حصول رجل الدين مقتدى الصدر على اكبر عدد من مقاعد البرلمان ، يستمر السياسيون في البلد من التكتلات الشيعية والسنية والكردية في التنازع بمرارة على شكل الحكومة القادمة " والآن فقد انسحب الصدر من العملية السياسية فيما يعتصم اتباعه داخل بناية مجلس النواب .
وتشير الصحيفة الى المشاكل التي تواجه البلاد ، ومنها عدم تمرير الميزانية السنوية ، وتوقف مشاريع البناء ، والانقطاع المستمر في الطاقة الكهربائية مع تزايد درجات الحرارة في الصيف اللاهب .
وتقول " تقريبا بعد عقدين على الغزو الأمريكي للعراق ، فإن الأحزاب السياسية تعمل عادة في إطار ما بات يعرف" قواعد اللعبة ": نظام على قاعدة الإجماع التي تمنح كل واحد مقعدا حول الطاولة ، ومنفذا للوصول الى الثروة المعدنية للبلد الغني بالنفط ، وغالبا من خلال المحسوبية والفساد" . ولكن بعد محاولته وفشله في تشكيل الحكومة التي تستبعد غريمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ، قام الصدر بتحدي" كتاب القواعد "، وأن الاضطرابات التي يثيرها قد دفعت العراق نحو منطقة مجهولة ومقلقة "
وتقول " أن الصدر شخصية متعددة الاطوار في العراق ، مع تاريخ من التحريض ضد القوات الأمريكية ، وولاء قوي من عشرات الآلاف من الاتباع " والآن يقوم بتحريض هؤلاء الاتباع بالنزول الى الشوارع فيما يعتبر نفسه الرجل الذي يستطيع الإطاحة بالنظام السياسي الذي تشكل بعد الغزو الأمريكي . "
" ولكن المحللين يقولون أن هناك احتمالية أن يكون هذا محاولة جديدة للهيمنة على صنع القرار داخل المجموعات الشيعية المنقسمة ، وبالتالي ، على كل النظام السياسي في البلاد "
وتنقل عن فنر حداد الاستاذ المساعد في جامعة كوبنهاغن قوله " الصدر يبدو أن لديه نية في اعادة تشكيل اتفاقية تقاسم السلطة " مضيفا " لقد أظهروا أن بإمكانهم احتلال البرلمان ؛ وأظهروا أن باستطاعتهم احتلال الفضاء العام ".
وبعد اشهر من الانسداد السياسي حول تشكيل الحكومة الجديدة ، تقول الصحيفة أن الصدر سحب نوابه من المفاوضات ، وقد أطر الانسحاب باعتباره لائحة اتهام للنظام .
وترى الصحيفة أن الصدر قد احتفظ باتباعه عبر مؤسسات السلطة في العراق ، مما جعل المحللين يعتقدون أن هذا التحرك قد يهدف ايضا الى دعم قاعدة متحمسة بالعادة والتي كانت تزداد تشاؤما بشأن المشاركة في السياسيات الانتخابية المتشظية في البلاد .
" انهم يعتقدون ان رجل الدين الزئبقي يحاول تهميش الشيعة المنافسين حتى يظهر بمظهر القوة المهيمنة التي تتسيد عملية تشكيل الحكومة "
وتقول الصحيفة " لقد ازدادت الرهانات في هذا الجهد عندما ظهرت تسجيلات صوتية مسربة وصف فيها المالكي الصدر بأنه خائن وفاسد ، وسحب ذلك تاريخهم المرير الى الرأي العام مرة اخرى ، وأقام معركة لا يمكن أن يخرج منها سوى منتصر واحد ".
وفي مساء الأربعاء قام اتباع الصدر باقتحام المنطقة الخضراء ، واعتصم المئات منهم داخل بناية البرلمان ، وقد اعتبره المنافسون عملية انقلاب ، وفي يوم الاثنين ، اخرج الجانبان حشود المتظاهرين في الشوارع مما جعل العاصمة بغداد تحبس انفاسها خوفا من التصعيد ، وحتى العنف .
ولكن التظاهرات ، تقول الصحيفة ، قد مرت بسلام وبدون اية حوادث مهمة . وتنقل عن بعض شهود العيان قولهم " ألم يكن الصدر جزءا من النظام السياسي منذ ٢٠٠٣ وحتى اليوم ؟ والآن يعرض نفسه كمصلح ؟
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha