السفير الدكتور جواد الهنداوي ||
رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل
عندما يكون لأيران نفوذاً سياسياً وعسكرياً و اقتصادياً في المنطقة ،لابُّدَ ان يكون لها دوراً بل ادوار في احداث و ملفات المنطقة ،فالعلاقة بين النفوذ والدور كالعلاقة بين السبب والنتيجة . ولطالما حاول المحور الغربي ( امريكا ،اسرائيل ،و حلفائهما ) من تقليص نفوذ ايران ، او ارغام ايران على ادراج نفوذها و دورها في المفاوضات الجارية بينهم وبينها ،لكن دون جدوى .
و لم تترّددْ امريكا من استخدام وتوظيف نفوذ ايران كوسيلة ابتزاز لبعض دول المنطقة ،من اجل نهب ثرواتها بشكل علني و مباشر ، و بحجّة حماية مصالح تلك الدول ، او عن طريق بيع الاسلحة .
ألمحور الغربي يتعامل مع ايران من معيار سياسي ، ويسعى ،بكافة وسائلهِ الفكرية و الاعلامية ، من أنْ يتعامل العرب مع ايران من منطلق مذهبي او طائفي او ديني ، و منطلق قومي وتاريخي ، والهدف واضح و معروف وهو بّث الفتنة والتفرقة و الاقتتال بين دول و شعوب المنطقة .
يبدو أنّ اسرائيل حذت حذو امريكا بتوظيف دور ايران ، واستخدامه " شّماعة " لتبرير انصياعها لمطالب لبنان في حقوقه المشروعة في الحدود البحرية ، وتحت التهديدات و التحذيرات المتكررة لحزب الله ، حيث صرّحَ كبار المسؤولين الاسرائليين ، وفي مقدمتهم رئيس وزراء الكيان بأنّ الاتفاق المزمع توقيعه مع لبنان يضمن مصالح اسرائيل ، ويساهم في امن واستقرار المنطقة ، ويقلّل من اعتماد لبنان على ايران في الطاقة .
حجّة اسرائيل لتبرير قبول الاتفاق لا تبدّدُ ولا تخفي الانتصار الكبير الذي تحقّق للبنان ولحزب الله ولايران ، ولهذا الانتصار تبعات سياسية داخلية ( داخل لبنان ) و دوليّة ، ولم يتردّد السيد سمير جعجع ، وهو من اشّد خصوم حزب الله ، من الاعتراف بالانجاز الذي حقّقَه حزب الله . كما ان اسرائيل سياسياً و اجتماعياً انقسمت الى صفيّن؛ صفٌ يصف الاتفاق هو خضوع اسرائيل لتهديدات حزب الله ، وصفٌ يرى فيه مصلحة اسرائيل ويجّنبها حربٌ مع حزب الله. مفاوضات الاتفاق مكّنت لبنان من التعاطي وبسهولة مع ايران في ملف الوقود و الطاقة ، وهذا يعود ، الى جملة عوامل ، ومنها تفهّم الادارة الامريكية لما يواجهه لبنان ، والذي تبلّور ( واقصد التفهّم ) بعد المقاربة الفعلية والميدانية التي اجراها وكرّرها المفاوض الامريكي .
الاتفاق المُنتظر ، والذي يصّبُ بكل تأكيد في مصلحة لبنان ، وفي مصلحة اسرائيل ( حسب تصريحات حكومة اسرائيل ) يُحسبْ ايضاً لصالح ايران لسببيّن ؛ بفضل دعمها بالمال وبالسلاح لحزب الله ، والذي استطاع بناء قوة ردعٍ ضّدَ اسرائيل ، والسبب الثاني ( وهذا يدركه الامريكان جيدا ) هو عدم تدخلها في المفاوضات غير المباشرة والتي جَرَتْ و المستمرّة بين اسرائيل ولبنان ، وعبر الوسيط الامريكي . وقد يلاحظ المتابع غياب نبرة التصعيد و التهديد ضّدَ اسرائيل في خطابات سماحة السيد حسن نصر الله ، وكذلك عزوفهِ عن التعليق والتباهي بدور الحزب ازاء ما تحققّه المفاوضات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha