د.محمد العبادي ||
دفعني الفضول ،وحب الإطلاع إلى الإستماع إلى ما تقوله المعارضة الإيرانية في الخارج، وقرأت عنهم، ثم استمعت إلى ما يقوله أنصار النظام الملكي بزعامة رضا پهلوی ، وماتقوله منظمة مجاهدي خلق بزعامة السيدة مريم رجوي زعيمة المنظمة ، أو بحسب تسمية النظام الإسلامي( منافقى خلق ) ، واستغنيت عن باقي الأحزاب والحركات السياسية المعارضة ،لانّها في (أغلبها) ذات نزعات إنفصالية، أو توجهات آيديولوجية ضيقة.
من خلال مشاهدة اللقاءات مع السيد رضا پهلوی، لفت نظري أنه يتحدث بلغة معتدلة، لكنها معارضة للنظام الإسلامي في إيران ؛فهو يقول بلسانه:( نظام الجمهورية الإسلامية ) ويقول أيضاً:( السيد خامنئي ) ، وهو لايؤمن -حسب إدعائه -بالمعارضة المسلحة،لكن في مقابل كلامه عن معارضته السلمية؛لفت نظري ملامح قسمات وجهه الصارمة ،ونظرات عينيه الحادة ، ولعلّ فيها مايشي بغير ذلك ، أو لعلّ ما في أقواله غير ما في أفعاله .
أسجل ملاحظاتي كمشاهد لأحاديثه وحواراته،وشاهدت ان (رضا پهلوی) يملك ذهنية معارضة للنظام ،لكنه لا يملك فكر رجل الدولة،
وتصوراته أو معلوماته عن الإدارة والسياسة لا تخرج عن حدود المعلومات الإعلامية؛ بل هي معلومات مغلوطة،وأكثر ما في جعبته من معلومات عن الداخل الإيراني غير صحيحة ، وربما يتم تسريبها إليه عمداً .
إن النظام الإسلامي في أيران له أجزاء مترابطة مع بعضها ،وكل يؤدي وظيفته في علاقاته الداخلية الرسمية أو علاقاته الخارجية ، وإيران تملك ( جيبولتيك ) أو جغرافية سياسية متميزة ،وفي ضوء ذلك قامت بهندسة علاقاتها مع جيرانها وغيرهم.
السيد رضا پهلوی بن شاه إيران السابق لا يؤمن بالعلاقات الصينية مع إيران فهو يقول : إن نظام الجمهورية الإسلامية رغم تشدقه وكثرة تكراره لمفردة ( الإستقلال) إلا أن تاريخ إيران لم يشهد تبعية لأحدى الدول بمثل ماهو حاصل في تبعية نظام الجمهورية الإسلامية الحالي للصين !،[ هو يشير إلى القصة المختلقة والوهمية: بأن إيران قامت ببيع أراضيها للصين لقاء استثمارات وخدمات صينية لأيران!] .
من المفارقات ان رضا پهلوی رغم إنتسابه للنظام الملكي ، لكنه في أثناء الحوار الذي أجرته (صوت أمريكا) معه ،لم يكن يملك تصوراً عن شكل النظام الذي ينشده في المستقبل ،ولما سأله مجري الحوار (السيد دهقان پور )عن شکل النظام أجاب :( إن النخب الثقافية ستقرر ذلك - ثم أكمل كلامه كالمستدرك بأن الشعب في المستقبل هو الذي سيقرر نوع الحكم في إيران) .
لا أدري لماذا لايفصح السيد رضا پهلوی عن نوع الملكية التي ينشدها، هل هي ملكية مطلقة، أو ملكية دستورية ؟
أظن أن مَن يدعي القيادة ينبغي أن يتصف بالشجاعة والصراحة، وعليه أن يقول كلمته ، وعلى حد تعبير الشهيد كامل إمروّة :( قل كلمتك وامشي).
ثم إنّ السيد رضا پهلوی أو ( شاهزاده رضا پهلوی)، ليس لديه إطلاع حقيقي عن حجم الإمكانيات ،وكمية الإنجازات النوعية في بلده ، وأظن ظناً أنّ المحيطون به يقدمون له المعلومات التي يحبها، ولايحيطونه علماً بما لايحب ! ولهذا هو يتحدث عن وجود مشكلة في مصادر الطاقة الإيرانية(مشكله منابع انرژی) مع العلم لايوجد في البين مشكلة !.
لایعلم ان النظام الإسلامي لديه مصادر متعددة من الطاقة ( الطاقة الكهرومائية ،الطاقة الحرارية ،الطاقة الكهربائية، طاقة الرياح ، الطاقة الشمسية ،الطاقة النووية السلمية و..و..الخ).
لا يعلم أن إيران تصرف من الطاقة من ٦٥ إلى ٦٨ ألف میگا واط ،وتقوم بتصدیر الفائض من الطاقة إلى بعض دول الجوار ،وفي السنة الحالية الإيرانية الشمسية ستضيف إيران( ١٠ آلاف میگا واط) إلى خطوطها الإنتاجية.
هناك مشكلة أخرى يتصور رضا پهلوی وجودها في إيران ،وهي مشكلة المياه والجفاف والتصحر ، ويقول : لدینا مشكلة المياه؛ ماهي المشكلة إذا جلبنا إلى بلدنا أحسن الخبراء؟ ودولة إسرائيل لديها أحسن الخبراء فما هو الضير لو إستعنا بهم؟!
اظن ان مشكلة الجفاف وشحة المياه هي مشكلة عالمية ،وإيران ليست استثناء .إن اهم مصدر للمياه هو ذلك الودق الذي يخرج من خلال السحاب أو الثلوج التي تسقط باسطة فراشها الأبيض على أديم الأرض،وفي إيران تصل كمية المياه من الأمطار حوالي ١٤٣ مليار متر مكعب يتبخر نصفها أو يذهب متسرباً إلى جوف الأرض ، ويبقى من تلك الكمية حوالي ٨٠ مليار متر مكعب ،تأخذ الزراعة والصناعة حوالي ٩٣% وما بقي يستفاد منه للشرب .
في إيران حاولوا التغلب على مشكلة قلة المياه من خلال آليات السقي الأصولي الحديث ،وبناء السدود لحجز المياه التي تذهب هدرا ، وإصلاح شبكات توزيع المياه، ووضع الخطط المستقبلية في الإستفادة من تقنية تحلية المياه من عرض البحر وغيره .
أما السيدة ( مريم رجوي)فيبدو لي إنّها لم تحتفظ بنعومة المرأة ولطافتها ، وأصبح لها قيمومة على ( منظمة مجاهدي خلق ) أو حسب الوصف الإيراني ( منافقى خلق).
السيدة( مريم رجوي ) تتمتع بذهن تنظيمي وأمني ،وعندها قدرة على
كة خيوط الأدلة إسهاباً وإقتضاباً.
لكن نقطة الضعف التي تشترك فيها مع المعارضين الآخرين أنها ذات عقل قد تقولب على أن يكون معارضاً للنظام الإسلامي وليس لها شخصية دولة أو نظام .
إن شخصية رجل الدولة أو الإنتماء للدولة تتضمن مؤهلات سياسية ودبلوماسية وتدافع عن مصالح بلدها الوطنية ،وهذا مالم أشاهده في السيدة رجوي حيث إنّها صافحت أيادي قادة أمريكا ووزير خارجيتها ،وهي تعلم أن هؤلاء ضالعون في كثير من مآسي شعبها.
في فترة ما قبل إنتصار الثورة الإسلامية في إيران عام ١٩٧٩م كانت أدبيات منظمة مجاهدي خلق قائمة على معاداة أمريكا وسياستها فما الذي تغير منها ( ما حدا مما بدا)؟!.
إن السيدة مريم رجوي قامت بتضليل وتحريض البرلمان الأوربي ولجنة صداقة إيران الحرة في البرلمان الاوربي ،وأيضاً ضللت الجمهور العربي وادعت أن النظام الإيراني قد قام بإعدام (٣٠) ألف من الشعب الإيراني عام ١٩٨٨م !!! في حين إن الحقيقة هي ان السيد الإمام الخميني عندما أعلن وقف الحرب سنة ١٩٨٨م ،قام نظام صدام السابق بتزويد منظمة مجاهدي خلق بالمدفعية والدبابات والمصفحات ومختلف الأسلحة ودفع بهم إلى داخل الأراضي الإيرانية وغرر بهم واغراهم في إسقاط النظام الإسلامي، وتوغلوا في عمق الأراضي الإيرانية بحماس حتى وصلوا إلى مشارف محافظة كرمنشاه، وتم استدراجهم ومحاصرتهم من قبل الجيش الإيراني والقضاء عليهم في معركة المرصاد.
لقد عملت إيران على تعريف هوية المعارضين لها ؛بل تعريتهم من خلال الإحتفاظ بإضابيرهم وارشيفهم،الذي يحتوي مختلف المواقف السلبية، وكتب أنصار النظام الإسلامي عن نظام الشاه السابق مؤلفات ومقالات كثيرة ،ثم تم تجسيد ذلك التاريخ من خلال إخراج الافلام والمسلسلات مثل مسلسل ( معماى شاه) و(فرار بزرگ) و( إنقلاب زيبا) وغيرها .
وأيضا كتبوا وصنفوا مختلف الكتب والمقالات والوثائق والأفلام المصورة عن المعارضين للنظام الإسلامي وخاصة عن منظمة مجاهدي خلق مثل ( نفوذى) و( پادزهر ) و( أرمغان تاريكى) وغيرها.
بتصوري انّ المعارضين للنظام الإسلامي رغم حرفيتهم وتفننهم في معارضة النظام الإسلامي ،لكنهم يفتقرون إلى قدرتهم في قيادة الدولة والمحافظة على وحدتهم الوطنية تحت خيمة الدولة .
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha