السفير الدكتور جواد الهنداوي ||
رئيس المركز العربي الاوربي
للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل
في ٢٠٢٢/١٠/١٩ .
أحداث سياسيّة وتشابه مواقف السعودية وايران تجاهها سيعّجل في اعادة العلاقات الدبلوماسّية بينهما .
هذا ما يفرضّه المنطق وعلم السياسة ، وهذا ما نتمناه لأنَّ في تحقيقه مصلحة شعوب المنطقة .
تشابه او التقارب في المواقف ، المُتخذة من قبل المملكة العربية السعودية ومن قبل الجمهورية الاسلامية في ايران ، ازاء احداث وقرارات دولية يعني التلاقي بين مصالح البلديّن هو سبب مواقفهما .
لنرى ماهي تلك المواقف ؟
أولُها موقف المملكة الشجاع في اتخاذها و روسيا لقرار تخفيض انتاج النفط في منظمة أوبك ، و دفاعها عن القرار وتبريرها له ،رغم معرفة المملكة مُسبقاً بأنَّ القرار سيستفز الادارة الامريكية و الغرب ، ولم تكترث المملكة بردود الفعل الاعلامية و السياسية و الحكومية الامريكية ، ولمْ نسمع تصريح او تعليق من سمو الامير محمد بن سلمان ،ولي عهد المملكة ،على تلك التصريحات ،رغمَ من بينها تصريح للرئيس بايدن ! تكّلف السيد وزير خارجية المملكة بالرّدْ دبلوماسياً ،مُبيناً بأنَّ القرار هو في مصلحة دول اعضاء المنظمة وليس دعم لروسيا في حربها مع اوكرانيا .
حسبَ الامريكيون القرار بأنه تحدي لهم و خروج من اطار التعاون والتحالف بين المملكة و امريكا ،بل وصفوه بقرار عدائي !
وفي نظر الادارة الامريكية والغرب اصبحت المملكة العربية السعودية الدولة الخامسة ( بعد كوريا الشمالية و ايران و روسيا والصين ) في عداد دول التحدّي ، بيدَ أنّ ذلك ليس في نوايا المملكة ، و للبرهان على نوايا المملكة ، قررت المملكة ،وبعد ثلاثة او اربعة ايام من حملة التصريحات والتصنيفات الامريكية ، بالتبرع بمبلغ ٤٠٠ مليون دولار كمساعدة انسانيّة الى اوكرانيا ( صحيفة رأي اليوم الاكترونية ، الصادرة بتاريخ ٢٠٢٢/١٠/١٦ ) . ارادت المملكة في هذا القرار تكذيب الادعاءات الامريكية و افشال اهداف الحملة الاعلامية ضّدها .
الموقف الآخر هو قرب افراج المملكة ( والمتوقع غداً ) ، عن ممثل حركة حماس والموقوف في المملكة منذ اكثر من عام ، وهذا الافراج يتزامن مع زيارة قادة حماس لدمشق ، اليوم ، ٢٠٢٢/١٠/١٩ ) و استقبالهم من قبل الرئيس الاسد . ومن غير المُستبعد ان يكون للحوثيين ،وهم في تفاوض مستمر مع المملكة ،شأناً و دوراً في هذا الافراج .
هذه المُعطيات تدّلُ على مرونة كبيرة في سياسة المملكة ازاء استحقاقات الاحداث الدولية ، و استحقاقات امن واستقرار المنطقة ، وتدّلُ ايضاً على أن مصلحة المملكة فوق ايّ اعتبار آخر ، حتى و إنْ كان هذا الاعتبار شأناً امريكياً .
موقف آخر يؤشّرُ على حالة المرونة و التقارب بين سياسة ايران و المملكة هو احترام هدنة الحرب في اليمن ،رغم انقضاء مُدتها ، واستمرار التفاوض من اجل تمديدها او تجديدها . ولم يتردد السيد محمد الحوثي ، احد ابرز القادة الحوثيين بتبني تصريح ايجابي و تضامني مع المملكة ، حين هدّدت امريكا المملكة ،على اثر قرار تخفيض انتاج النفط ، وقال " انا ادعو الامير محمد بن سلمان الى الرّد على التهديد الامريكي بتخفيض آخر لانتاج النفط ) .( التصريح بتاريخ ٢٠٢٢/١٠/١٤ وتناقلته وسائل الاعلام و نُشِر التصريح في رأي اليوم الاكترونية بتاريخ ٢٠٢٢/١٠/١٥ ) .
كذلك التعاون السعودي الروسي و السعودي الصيني ، يجعل أيران و المملكة في اطار و اجواء مناسبة و مشجّعة للتقارب بينهما ، و كما نعلم بأنَّ هذه الدول العظمى ( روسيا والصين ) ، تربطهم بأيران علاقات وتحالفات استراتيجية .
الاتفاق او التفاهم على تقسيم ثروات الغاز او ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و أسرائيل خفضَّ كثيراً من حالة التوتّر في المشهد السياسي اللبناني و الاقليمي ، و سمحَ
بحالة انفراج بين الشخوص و الاحزاب المتخاصمة في لبنان ، و تبلّور ذلك من خلال تفّهم كبير من جانب الفواعل العربية و الاقليمية المؤثّرة في المشهد السياسي اللبناني و اقصد ( المملكة العربية السعودية و الجمهورية الاسلامية الايرانية ) ، لمْ تصدر لا من جانب المملكة و لا من جانب ايران تصريحات مختلفة او متناقضة تجاه جهود و مفاوضات الاتفاق ، لا بلْ قام السيد البخاري ،سفير المملكة في لبنان بزيارة ودّية الى السيد اللواء عباس مدير الامن العام في لبنان ، وتداولت انباء عن تبادل اشارات ايجابية بين المملكة و حزب الله ، و نلمسُ ذاك في نبرة الخطاب الذي القاه السيد حسن نصر بتاريخ ٢٠٢٢/١٠/١٢ ، بمناسبة ذكرى ولادة الرسول ( ص ) ،حيث تمنى في ختام كلمته الخير و الازدهار و الاستقرار لكافة الشعوب والدول العربية و الاسلامية .
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha