الدكتور السفير جواد الهنداوي ||
رئيس المركز العربي الاوربي لا سياسات و تعزيز القدرات . بروكسل ٢٠٢٢/١٠/٢٨ .
نتائج على صعيد الوطن لبنان وعلى صعيد المنطقة و العالم . فما هي ؟
ساهمَ الاتفاق ، بمراحلهِ و بمفاوضاته ،في تخفيف حدّة التبادل السلبي بين الاحزاب و الاطياف الحزبية و السياسيّة في لبنان ، قد يساعد الاتفاق ، في المستقبل ، على بلورة تفاهم وطني سياسي بين الاحزاب السياسيّة في لبنان ؛ تفاهم وقوده المصلحة الوطنية العليا ، والتي ينبغي ، من اجلها ، تجاوز الخلافات و المصالح الحزبية و الفئوية و الطائفية .
التعاون بين السلطات الدستورية في لبنان ( رئيس الجمهورية ، رئيس الوزراء ، رئيس مجلس النواب ) وتبنيهم لموقف موّحد في التفاوض غير المباشر مع اسرائيل جاءَ بنتائج أيجابية ، ويمكن لهذه التجربة ان تكون اساساً و معياراً وطنياً لتبني ذات المسار في التعاون و اتخاذ موقف موّحد لمواجهة الازمات التي يعاني منها لبنان .
ومن المُفيد الاشارة ايضاً الى غياب ايّ تأثير عربي ،اقليمي او دولى على ارادة لبنان في ابرام هذا التفاهم ، وقام الوسيط الامريكي بدوره كوسيط ،مهني ،غير منحاز لطرف او لأخر ، ( ورأينا او تقيمنا مبنياً على ما آلت اليه النتائج ) ، وكانت ارادة الوسيط تتجهّ صوب ابرام هذا التفاهم .
ويُسّجلْ لادارة بايدن هذا الانجاز ،الذي هو في امّس الحاجة اليه ،قبيل الانتخابات النصفيّة للكونغرس الامريكي في بداية الشهر المقبل .
تمّنينا أن تكون الوساطة الامريكية بذات الفاعلية
والسرعة والحيادية حين تتناول القضية الفلسطينية ، وحّل الدولتيّن ، وتطبيق القرارات الدولية واتفاقيات اوسلو التي أُبرمت بين الفلسطينيين و اسرائيل في تسعينيات القرن الماضي .
كانت امريكا اكثر حرصاً من اسرائيل على انجاز هذا التفاهم ، وكانت كذلك اكثر ادراكاً من اسرائيل بتحذيرات حزب الله . و تحذيرات و تهديدات الحزب جاءت ،على مايبدوا في الوقت المناسب ، حيث أعلنَ الحزب استعداده للذهاب الى الحرب اذا اقتضى الامر ،من اجل الدفاع عن حقوق لبنان ، وهو ( اي الحزب ) متيّقن من عدم استعداد امريكا وكذلك اسرائيل لخيار الحرب.
خلال فترة المفاوضات ، لمْ يصدر من الادارة الامريكية او من اسرائيل ايّة تصريحات عدائية او استفزازية تجاه حزب الله او تجاه لبنان ، رغم تهديد وتحذير حزب الله ،في بداية المفاوضات ،لاسرائيل من مغبّة استثمار الغاز دون اتفاق مُسبق مع لبنان ، ورغم مُسيّرات الحزب التي زارت معدّات وباخرة ورشة العمل اليونانية المُكلّفة بالتنقيب على الغاز في الجانب الاسرائيلي .
مسؤول في البيت الابيض قال بأنَّ المفاوضات تمّتْ مع لبنان ،ولم تشمل حزب الله ، و نائب رئيس مجلس النواب اللبناني السيد الياس ابو صعب قال ايضاً بأنَّ " الاتفاق هو بين لبنان و امريكا ، وليس بين لبنان ودولة لا تعترف بها و سنودع الاتفاق في الامم المتحدة " .
الامم المتحدّة رحّبت بالاتفاق و اعلنت استعدادها لتقديم كل اشكال الدعم لغرض انجاحهِ .
و وجّه رئيس وزراء لبنان السيد ميقاتي شكره للفريق اللبناني المفاوض و الادارة الامريكية و الرئيس الفرنسي، للجهود التي بذلوها في اتمام الاتفاق ، ويبدوا ان الدور الفرنسي كان سياسياً وفنياً ايضاً ، حيث ستتولى شركة توتال اعمال التنقيب فور التوقيع على الاتفاق .
انهى لبنان بنجاح مفاوضات مواقع حقول الغاز ، بين لبنان و اسرائيل ، وكذلك مفاوضات التنقيب مع شركة توتال ، وأملُنا و تمنياتنا ان ينجح ايضاً في استثمار وتوظيف ثروته الوطنية بما يخدم مصالح الشعب و الدولة ، و ان يحمي هذه الثروة من آفة الفساد .
مرحلة المفاوضات لابرام الاتفاق جعلت المجتمع و السياسيين و الاعلام الاسرائيلي في قسميّن : قسم يؤيدها و يرى في الوصول الى اتفاق مع لبنان وسيلة لتفادي حرب و توظيف لثروات طبيعية ، اسرائيل في أمّسْ الحاجة لعائداتها ، وسيساهم الاتفاق ايضاً الى جعل لبنان في غنى عن النفط الايراني . وسوّق الفريق المناصر للاتفاق هذه الحُّجه السياسيّة بشكل واسع اعلامياً و رسمياً . وهذا مؤشّر دال على انَّ هّمْ اسرائيل الآن هو السلاح الايراني العسكري والسياسي المتاخم لحدودها سواء في لبنان او في سوريا او في غزّة و الضفّة .و ترى اسرائيل بأنَّ قضيّة ايران أشّدَ عليها بأساً من القضيّة الفلسطينيّة ؛ و القسم الآخر يرى في مفاوضات ترسيم الحدود او تقاسم الثروات بالصيغة التي قادت الى الاتفاق هي أذعان اسرائيل و استسلامها لتهديدات حزب الله .
قدّمَ مناهضي الاتفاق ، و اغلبها منظمات يمينيّة ( مثل منظمة لافي و كوهليت) التماسات الى المحكمة العليا الاسرائيليّة ، يطالبون فيها بطرح الاتفاق على الكنيست للتصويت عليه ،اضافة الى طرحه على الاستفتاء الشعبي .
و رفضت المحكمة الطلب بحجة ان القانون لايلزم بطرح اي اتفاق او معاهدة على الكنيست للتصويت عليه.
كانت الرعاية الامريكية للمفاوضات وأتمام الاتفاق عامل حاسم ليس فقط في النجاح ،و انما ايضاً في دعم رئيس الوزراء على المضي قدماً في توقيع الاتفاق ، وعدم استسلامه لضغوط الرأي الاسرائيلي والمواقف السياسية الاسرائيلية المناهضة للأتفاق .
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha