سعيد ياسين موسى ||
اليوم قررت أن أتجول في مركز بغداد بدأت الجولة من منطقة الشواكة قررت أن أتمشى في أزمة كنت أعرفها وأنا طفل في سوق الشواكة القديم وقفت طويلا أمام محل من الأطلال كنت أشتري منه الليف لأجل أن تحوك لنا والدتي الليفة التي نستلم بها أكملت الطريق وأنا بين حزين وكئيب وبين الفرح بأني ما زلت حي اتنفس الحياة.
وقفت طويلا على جسر الشهداء ألقي نظرة الى السماء واتابع طيور النورس والى نهر دجلة الحزين لقلة المياه والقي نظر يمينا لأشاهد الشريعة وفي مخيلتي ذهاب واياب الزوار بين ضفتي النهر الحزين واليوم الزوارق كانت راسية في منتصف النهر وانا أنظر الى المدرسة المستنصرية يبدو أن ذاكرتي بدأت تخلط بين مشاهداتي القديمة وما اشاهد اليوم، ويمينا حيث أجمل منطقة وأقربها لقلبي وهي بين الجسرين وأكثرها جاذبية من مباني حكومية قديمة منذ العهد العثماني، تحركت متململا وانا اشق زحام التك التك وباصات النقل الصغيرة التي حولت بداية الجسر من الرصافة الى كراج ،وقفت كثيرا أمام بناية الرصافي لم أشاهد المبنى بل كنت أشاهد ما في مخيلتي حيث السينما الصيفي وتحول لاحقا الى كراج سيارات وبعدها الى بناية تجارية، سألت أحد الشباب هل تعلم ما كان هذا المكان قبل هذه البناية لو يتكاسل ويتململ من الحواب قال لا أعرف كانت فرصة لأخبره وهو ينصت لي ربما لمداراتي لكبر سني ويساعدني لابوح له من ذكريات استكملت طريقي وقررت الولوج الصعب في شارع الرشيد التفت يسارا حيث محلة الدوكجية وتذكرت اصدقاء الدراسة في الإبتدائية رغم زحام القاتل وجزاكم العربات والدراجات وتداخل البسطيات و الجنابر مع الاصوات العالية ولكني كنت ارحل بذاكرتي بعيد عما حولي ،أنتبه على حين غفلة لأسمع "دير بالك حجي" ،كانت النظرات نحوي متعجبة رجل كبير سن بكامل الإناقة يتجول وحيدا بين الجموع المتدافعة حيث السيدات اللاتي كن خارجات من دوائرهن حيث يعملن وهن يتسوقن الخضار والفواكه نعم الخضار والفواكه لقد تحول شارع الرشيد الى علوة لبيع الخضار ،وصلت إلى حيث كان يقف شرطي المرور بكامل قيافته في تقاطع شارع السموأل حيث بناية مصرف الرافدين كنت اقف أمام جامع المرجان وانا اتابع حركات يد شرطي المرور وهو تحت مظلته المخططة بالاسود والأبيض وأطيل النظر الى الخوذة التي يعتمرها وفجأة أجد نفسي أمام حاجز قد قسم شارع الرشيد الى قسمين ليستحوذ المصرف على الشارع بحاجز حديدي تألمت كثيرا وفي مخيلتي كانت تقف سيارات التاكسي اما البناية وكانت من احدث الموديلات حينها كلها من ماركة شوفرليت بالوانها الزاهية حزنت كثيرا لما حدث بهذا الشارع الذي كان رمزا تاريخيا لبغداد ،كنت طفلا اتابع التظاهرات السياسية والمتظاهرين بكامل اناقتهم وكأنهم يزفون عريس الى حيث بيت الزوجية .
تراجعت وقررت عدم المضي لشعوري بأني غريب في هذا المكان حيث النفايات تتراكم ،قررت أن اجتاز سوق الشورجة العتيق ،وقفت أمام بناية البهبهاني التفت يمينا حيث سوق الشاي حيث الطفولة والوالد رحمه الله تعالى وابناء عمومته ومحلاتهم ويسارا الى حيث البناية التي كانت مجهزة بسلم كهربائي باتجاهين وحينها كنت العب على السلم الكهربائي صعود ونزول كدت أجهش بالبكاء أسماء كثيرة نسيتها وقد خانتني الذاكرة حيث وقفت في مكان ابو البلنكو بخمسة فلوس للقدح الواحد ،لم اكن أشاهد شيئ سوى ما في مخيلتي من صور جميلة دون الانتباه الى ما حولي زحام الاكشاك العبثية ،وصلت إلى شارع الجمهورية ولم يكن أفضل حال من شارع الرشيد لكن الحياة كانت تنبض كنت اتحسس رأسي لتضارب الذكريات مع ما أشاهد أمامي استكملت المسير الى حيث جامع صبابيغ الآل لم اكن أشاهد البنايات سوى ما في الذاكرة حيث مكتب نقليات عبر الصحراء للرجل بالمسافرين الى مكة والمدينة المنورة والشام وبيروت بباصاتها الطويلة رصاصية اللون وخلفي الزقاق الذي يؤدي إلى حيث مهد الطفولة والصبا والشباب الى حيث الدهانة والقشل كنت اقف أمام المكان الذي مر عبد الكريم قاسم حيث الوالد رحمه الله تعالى واحسن مثواه ممن ينتظرون مرور موكب عبد الكريم قاسم ليناوشه أخي عبد الكريم رحمه الله تعالى ويقول للزعيم سميته على إسمك ، قررت المسير الى حيث سوق الصدرية وشارع الكفاح وساحة النهضة الأصلية وهي تقاطع شارع الكفاح مع شارع المهدي مؤكد الكثير لا يعرف أسم الشارع الرابط بين شارعي الجمهورية والكفاح وصلت للصدرية بعد أن مررت من أمام مبنى صحة العاصمة قديما، وانا اتفكر واحاول ان اتخيل المكان لأن الصدرية لها في ذاكرتي ما ليس لغيرها وقفت طويلا حيث كان سينما الفردوس الصيفي ،زحام شديد في رأسي ،اتجهت الى شارع الكفاح العتيد وان اتذكر من رحل من اقربائي واترحم عليهم وها أنا أمام مبنى سينما الفردوس الشتوي وهنا قصص كثيرة وطويلة لا تحويها مقالات عدة.
هنا توقفت وقد تعبت قدماي صدقا نسيت نفسي ورحلت بعيدا بعيدا حيث 65 عام بين فرح وحزن وبين نجاح ونجاح ولا فشل أبدآ.
لم اذكر الكثير مثل ما كان عليه السوق العربي ومنارة سوق الغزل حيث كنا نقرأ تحت اضواء اعمدتها ايام الإمتحانات ولا كنيسة الشورجة ولا بناية كهرباء بغداد.
رغم المرارة لما اصبحت عليه بغداد ولكن ستبقى بغداد حب العمر ومهجة القلب وذاكرة الأجيال .
ولم أذكر نقطة الإنطلاق حيث كنت في وزارة الثقافة والسياحة والآثار لتكريمي بقلادة الإبداع لسنة 2022 مع نخبة من المبدعين.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha