نعيم الهاشمي الخفاجي ||
الإسلام دين اعتدال وليس دين قتل، رب العالمين كرم شهر رمضان، وجعل ليلة فيه تعادل ألف شهر، لذلك رمضان هو شهر مميز في الخير والإيمان، يفترض بالعرب والمسلمين إعادة النظر بكل تصرفاتهم، العرب أمة محكومة عبر التاريخ، لذلك هم لم يرسموا حدودهم، وإنما دول الاستعمار هي التي رسمت حدودهم ودعمت أشخاص ليكونوا ملوك وأمراء وحكام على الدول العربية الجديدة، والتي أقيمت على أنقاض الإمبراطورية العثمانية، مضى أكثر من مائة عام على هزيمة الدولة العثمانية وتقسيم المنطقة العربية إلى ٢٢ دولة عربية قابلة أيضا للانشطار بسبب الصراعات القومية والمذهبية والظلم والاضطهاد والتعامل مع القوميات والمذاهب الأخرى بالقهر والتكفير والابادة والاحتقار.
الأنظمة العربية وبالذات الخليجية يفترض توقف عمليات التكفير والكراهية ضد مواطنيهم من الشيعة والصوفية، وإنهاء صفحات التكفير واضطهاد المواطنين حسب المعتقدات والاختلاف في المذهب، أصبحت أنظمة الخليج أمر واقع، ولا يمكن ازالتهم، وبات حلم المواطن الخليجي أن يعيش محترم في بلده، مصون الكرامة، وليبقى ال سعود وبقية حكام الخليج في مناصبهم، لكن على تلك الأنظمة إنهاء لغة تكفير مواطنيهم من الشيعة والمتصوفة، وبقية المذاهب السنية التي لا تؤمن في دين محمد بن عبدالوهاب ودين أمام المفخخين أحمد بن تيمية، الله عز وجل أنعم على العرب ودول الخليج بالثروات يفترض أن يفكر القادة في نشر ثقافة التسامح والعيش المشترك وإنهاء صفحات القتل السوداء التي حكمت شعوب الخليج وبقية الدول العربية بالقتل والقهر وايداع الناس بالسجون التعسفية، انا بلغت الان الستين عام من عمري، ورغم اني اعيش منذ ثلاثين سنة في الدنمارك لكن لازالت سنوات القهر والظلم والاضطهاد تلاحقني بكوابيس ليومنا هذا.
مانشاهده اليوم ان النظام السعودي تبني شعارات الاعتدال والوسطية وفيالقهم الإعلامية تتبجح أنهم استطاعوا تقليمَ أظافر الجماعات والتنظيمات المتوحشة التي عاثت فساداً وتخريباً ودماراً في طول المنطقة وعرضها لسنواتٍ ليست بالقصيرة، هذه الكلمات عندما تقرأها بالصحف السعودية تجد الواقع على الأرض مختلف تماما، لازالت المدارس السعودية والمعاهد والكليات تدرس الأفكار التكفيرية إلى ابن تيمية وابن عبدالوهاب، بل البيئة المجتمعية السعودية نشأت على ثقافة التكفير، تجد حتى مثقفيهم من كتاب وصحفيين وحتى لو رفعوا شعارات الحداثة فهم يكتبون أيضا من منطلقات تكفيرية تستهدف المواطن السعودي والخليجي الشيعي والصوفي، ثقافة التكفير متاصلة لديهم، طالعنا احد كبار شيوخ المؤسسة الدينية الوهابية في فتوى تكفيرية جديدة، وتشجع على كراهية المواطن السعودي الشيعي.
نشر الناشط اليمني علي البخيتي نص كلام الشيخ الفوزان، ( فضيلة الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء في السعودية أصدر بيان، بالقول، الشيعة ليسوا إخواننا، ونبرأ إلى الله منهم، ومن يقل هم إخواننا فليتب إلى الله وليستغفره.
برأيكم، هل ما يزال هذا الخطاب معتمد في المملكة أم انه تم استبداله بخطاب مركز اعتدال الداعي للتعايش واعلاء قيمة المواطنة).
قرأت ردود الغالبية الساحقة من حسابات سعودية في تويتر على تغريدة الأخ علي البخيتي، يقولون يجب قتل الشيعة وإذلالهم واضطهادهم واجبارهم على ترك مذهبهم.
كل الأديان الأخرى لا يخلو خير من شرٍّ، ولا شرٌّ من خيرٍ، وفي الفلسفات والأديان تفاصيل كثيرة لكن لم نجد في كل الديانات فكر تكفيري اقصاىي مثل الوهابية يعتاش على دماء الناس وبمسوغ شرعي بالتقرب إلى الله عز وجل على سفك دماء الضحايا، في عام ١٩٩١ كنت في سجن قاعدة تبوك الجوية السعودية، كان مسؤول الحرس رقيب يعني عريف سعودي سيء اسمه علي الاسمري كنت مريض تم نقلي إلى مستشفى تبوك، تعامل معي بطريقة قذرة مايتكلم ينظر لي بطريقة تكبر واضحة، أحد الشباب سعودي حالق اللحية قال لي اخي أنت عراقي، قلت له نعم، قال لي للظاهر هذا الحقير يتعامل معك بتكبر عرف مذهبك شيعي، قلت له نعم انا أصلا كتبت في السجلات شيعي وفي حقل مخصص في اسم الدين وليس المذهب، قال لي ساعدك الله يا اخي، هناك نسبة عالية من المواطنين السعوديين يرفضون الوهابية، لكن النظام السعودي وصل للحكم عن طريق الوهابية، لذلك أىمة المساجد والخطباء هم عبارة عن أعضاء الحزب الوهابي الحاكم بالسعودية والداعم إلى النظام السعودي،
رحم الله أبا العلاء المعري اذ قال،
اثنان أهل الأرض، ذو عقــلٍ بلا ديــن وآخر ديِّنٌ لا عقل لهْ.
أسوء خصلة بالإنسان عندما يقصي من يخالفوه في المعتقد، من حق الإنسان اختيار الدين والمذهب الذي هو به مقتنع، وفي استطاعة الإنسان أن يفهم الشريعة التي يؤمن بها لكن وفق ضوابط أخلاقية وانسانية، كل الشرائع السماوية ضد عمليات القتل، وما نراه من قتل فهو صناعة بشرية صنعها أصحاب العقليات الانقلابية، الذين خالفوا الأنبياء ورفضوا اتباع اوصياء الأنبياء واختاروا
أشخاص منهم لتولي السلطة، من حق اتباع كل دين ومذهب الدفاع عن معتقداتهم بالعقل والمنطق والدليل، لكن الكارثة عندما يكون فهم الدين بعقلية بدوية مثل دين الوهابية فيسبب كوارث في القتل والابادة، الشيخ الفوزان متطرف دينيا بعقلية بدوية، لا يؤمن الا بما يراه هو أنه صاحب الحق، الفوزان وصفه ابا العلاء في رجل دين لاعقل له.
المتابع لجراىم العصابات الوهابية تنشط وبقوة في شهر رمضان، في حقبة التسعينيات كانت الأحداث في الجزائر قتل بالجملة، عندي صديق كان ماركسي للقشر من أهالي كربلاء بحيث حصل على شهادة دكتوراة في الأدب الروسي، وأصبح متدين وحج بيت الله الحرام، كنت اعيش على حدود ألمانيا، سألني قال لي اقبل شهر رمضان وراح تشاهد تزداد العمليات الإرهابية بالجزائر، قلت له وماعلاقة ذلك، قال لي انا قلت لك وانت انتبه، فعلا حل شهر رمضان بدأت وسائل الإعلام تنقل جرائم عصابات تكفيرية اقتحمت قرى وقتلت أطفال ونساء في الفؤوس والسكاكين، ومن ذلك الوقت قمت اتابع جرائم العمليات الإرهابية وجدتها فعلا تزداد في شهر رمضان، قبل ايام بما أن الوقت مطر وربيع، معظم الناس بالعراق والشام يذهبون إلى البوادي للبحث عن الكمأة ، تم استهداف مواطنين عراقيين في القائم وتم ذبحهم، أيضا في سوريا ذهب مواطنين سوريين للبحث عن الكمأة فانقضَّت عليهم وحوشٌ بشرية وهابية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي فقتلت خمسة عشر مواطناً، فيما هناك أربعون آخرون في عداد المفقودين، يعني أيضا تم ذبحهم، بالعراق حدثت عدة عمليات ارهابية، لكن بفضل الحشد والجيش وبعد هزيمة المجاميع الارهاببة عام ٢٠١٧ انحسرت جرائم المجاميع الارهابية بالعراق، أتذكر في كل شهر رمضان بسنوات الإرهاب كانت يوميا تحدت سلسلة عمليات إرهابية يتم تفجير سيارات مفخخة تحمل مواد غذائية يتم توزيعها بشكل مجاني عندما يتجمع المواطنين يتم تفجيرها عليهم، تاريخ اسود ومظلم من وقوع آلاف العمليات الإرهابية استهدفت الأسواق والمساجد والحسبنيات ودور الحضانة، في حكومة اياد علاوي تم افتتاح دار رياض للأطفال بشهر رمضان في حي العامل ببغداد أيضا هاجمهم انتحاري قتل ثلاثين طفل.
يفترض يكون رمضان شهر التسامح والإيمان والغفران، لا شهر نشر الكراهية والقتل والدمار، لو كانت عدالة يفترض بالسطات السعودية تعتقل الفوزان وايضا تصدر أوامر للمدرسة الوهابية في حذف فتاوى التكفير والكراهية، للظاهر يراد من النشطاء والمثقفين مناشدة الرئيس الصيني بالتوسط لدى السلطات السعودية في إلغاء فتاوى تكفير الشيعة والمتصوفة، يوم أمس تناقلت مواقع خبرية اختفاء الناشطة المصرية رانيا العسال في السعودية، رانيا مسيحية واسلمت ذهبت للعمرة. معروفة مواقف رانيا العسال مع شعب اليمن ومع الحشد بالعراق وضد الإرهاب في سوريا، سيدة ذهبت للعمرة النتيجة اعتقلت وهي ضيفة عند الرحمن.
اقولها وبمرارة لولا خطابات التكفير، فهل يعقل أصبحت مكة مكان إلى اعتقال وخطف كل شخص يقف ضد المشاريع الاستعمارية التي تستهدف أمتنا.
لولا الخطاب التكفيري للمؤسسة الوهابية ومنذ عقود طويلة لما انضمت عشرات آلاف الشباب المغفلين إلى الجماعات التكفيرية وانتهكوا المقدسات والحرمات وحولوا شهر رمضان إلى شهر القتل والتفجير والدماء، تقرباً إلى الله، انتجوا لنا إسلام وهابي مبني على الكراهية والقتل والسبي والغزوات، ً ومن المؤسف كل الإعلام الوهابي من الجزيرة والحدث والعربية وكل القنوات السعودية، ليل نهار يدافعون عن الجماعات التكفيرية بحجة الدفاع عن حقوق السنة بالعراق وسوريا ونيجيريا.
هناك حقيقة اعترف بها ولي العهد السعودي بحديثه إلى قناة أمريكية حيث قال نشرنا الوهابية بأوامر من أمريكا في حروب الناتو الباردة ضد الشيوعية بالحقبة السوفياتيه، استعمل الناتو الجماعات الارهابية لعقود من الزمن في العالم العربي والإسلامي، في باكستان في محاربة السوفيت لدى احتلالهم افغانستان، وتم استخدام الجماعات الإرهابية الوهابية في تحطيم الجزائر، لكن الجيش الجزائري هزم المشروع الإرهابي، تم استخدام العصابات الإرهابية بالعراق وسوريا وليبيا في محاولة إيجاد أنظمة موالية للغرب، بريطانيا عندما صنعت الوهابية فهي تعي ذلك، وقد استخدمت الفكر الوهابي البدوي في ولادة العشرات من الجماعات الوهابية التكفيرية ليكونوا خنجراً مسموماً لضرب الدول والأوطان، لكن مع انتهاء أهمية بترول الخليج، واتجاه دول الخليج نحو الصين، الثقافة والفلسفة الصينية تحرم القتل لذلك ممكن الصين تطلب من السعودية تغيير وحذف فتاوى التكفير واستبدالها بفتاوى اعتدال وتسامح.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
31/3/2023
https://telegram.me/buratha