محمد صادق الحسيني ||
دخلت معركة التحرر من الهيمنة الاميركية على العالم والاحادية القطبية التي فرضتها امبراطورية الشيطان الاكبر على المجتمع الدولي، عامها الثاني، في شباط الماضي ، على خلفية التصدي الروسي للاطماع الغربية في الاتحاد الروسي.
ومع تصاعد حدة الصراع واقترابه من الحسم في الميدان الاوكراني ، اخذت القيادة الروسية في موسكو ، منحى اكثر وضوحاً وشفافية في معركتها ضد تفرد واشنطن في القرارات الدولية ، كما تمكنت من التوصل الى تفاهم استراتيجي هام مع حليفتها بكين، بما يشي بوجود خطة مشتركة بعيدة المدى ، للتصدي الفعلي لكل ما يعكر صفو الامن والسلم الدوليين ، بشكل مشترك ، كما بدا واضحاً من بيان وزارة الدفاع الصينية.
ما يعزز هذا التقدير للموقف الروسي ، هو البيان الجديد الصادر من الكرملين والذي يتحدث فيه عن سياسة خارجية روسية جديدة.
السياسة الخارجية الروسية الجديدة التي وافق عليها ووقعها بوتين تنص بصراحة على :
اعتبار الولايات المتحدة العدو الرئيسي لروسيا
وأنّ الجيش الروسي سيتحرك لصد أو منع أي هجوم على روسيا وحلفائها.
تعديل السياسة الخارجية التي تم يوم امس في روسيا يتيح للجيش الروسي الدخول عسكريا بشكل استباقي ضد أي تهديدات دولية
القوقاز
فنلندا والسويد
بولندا
جميعها خيارات مطروحة
في مثل هكذا ظروف تمضي الحرب الاطلسيه ضد روسيا ، في اوكرانيا او من خلال اوكرانيا ، لا بد لاي محلل سياسي موضوعي ان يطرح السؤال التالي :
هل قرأ ماكرون التاريخ ويعرف ما الذي حل بجيوش نابليون الجرارة ، التي غزت روسيا بداية القرن التاسع عشر ؟ وهل قرأ يوماً تفاصيل الهزيمة النكراء التي لحقت بتلك الجيوش سنة ١٨١٢ ؟
وهي الحملة التي شاركت فيها اثنتان وعشرون دولة اوروبية ، من دول ذلك الزمان ، ومنها ممالك المانيه عده مثل : مملكة بروسيا ومملكة باڤاريا ومملكة بادِن وغيرها ….. بالاضافة الى دول شبه جزيرة إيبيريا .
وهل قرأ المستشار الالماني تاريخ تلك الحمله الفرنسيه / الاوروبيه الفاشله لغزو روسيا. ؟ وهل يعلم هذا المستشار ان الجنرال / النابغه / الالماني الشهير ، كارل فون كلاوسيڤيتس ،. قد انشق عن الجيوش الالمانية. وانضم الى الجيش الامبراطوري الروسي ؟
وهل يعي هذا المستشار الالماني الحالي ان وضع دولته الحاليه أسوأ بكثير من احوال الممالك الالمانية الغابرة ، التي كانت تشارك في الحملة الفرنسية مكرهة لا مخيرةً ، اي انها كانت ،. كما هو حال المانيا حالياً ، مجبرة على المشاركة في الحرب ضد الامبراطوريه الروسيه .
وهل يعلم هذا المستشار الالماني ان الجنرال كارل فون كلاوسيڤيتس كان له الدور الاساسي في قيام مملكة بروسيا بتوقيع اتفاقية سلام مع الامبراطوريه الروسيه سنة ١٨١٢ ،. اي بعد هزيمة الجيوش الاوروبيه التي حاولت غزو روسيا واحتلالها وتمزيق وحدتها الترابية .
انها الاتفاقيه التي تم توقيعها بتاريخ ٣٠/١٢ /١٨١٢ في بلدة : تاورَغي / Tauragé / الليتوانية حالياً ، والتي مثل فيها المانيا الجنرال : يوهان ديفيد لودڤيغ فون يورك / Johann David Ludwig von Yorck ، بينما مثل الامبراطورية الروسية الجنرال : هانس كارل فون ديبيتش / Hans Karl von Diebitsch .
استغل القاده العسكريون والسياسيون الالمان آنذاك الهزيمة العسكرية ، التي حلت بجيوش نابليون ، وقاموا بتوقيع تلك الاتفاقية ، التي أنهت الهيمنة الفرنسبه الكامله على الممالك الالمانية وفتحت بالتالي الطريق امام تشكل الدولة القومية الالمانية ، وغيرها من الدول القومية الاوروبية .
وقد أدت هزيمة جيوش نابليون الفرنسية في ما اطلق عليه :
"معركة باريس "، التي دارت بين تحالف الجيش الروسي وجيوش كلا من بروسيا والنمسا وباڤاريا وڤورتينبيرغ ضد جيوش نابليون ، ودخول القيصر الروسي ، اليكساندر الاول ، الساعة الحادية عشرة قبل الظهر من يوم ٣١/٣/١٨١٤ ، الى باريس فاتحاً ، الامر الذي ادى الى انهيار الهيمنة الفرنسية على اوروبا .
والسؤال الآن هو :
هل سينتظر ماكرون الفرنسي وشولتس الالماني دخول القيصر الروسي الحالي ،. فلاديمير بوتين ، برلين وباريس فاتحاً ، ويحرر اوروبا من الهيمنة الاميركية ،ام انهما سيخطوان خطوة الجنرال الالماني كارل كلاوسيڤيتس وينشقان عن مستعبدهم الاميركي ويدخلان في تحالف مع القيصر الروسي الحالي على طريق تحرير اوروبا والعالم من الهيمنة الاميركية التي كانت مطلقة .
علماً ان موازين القوى الدولية ، في هذا العصر ،افضل بكثير من تلك التي سادت آنذاك ،اذ ان العصر الحالي يتميز بوجود قوتين عظميتين تتصدران المواجهه المباشره للهيمنة الاميركيه ، كما ان هناك محوراً مقاوماً لهذه الهيمنة ، على رأسه ايران ،. ما يجعل نجاح معركة التخلص من الهيمنة الاميركية امراً اقرب منالاً من اي وقت مضى .
عالم ينهار
عالم ينهض
بعدنا طيبين قولوا الله
ـــــــ
https://telegram.me/buratha