تمثل قضية المواطن السويدي روا مجيد، انعكاسًا لطبيعة العلاقة الراهنة بين السويد وتركيا، على وقع استمرار رفض أنقرة قبول عضوية ستوكهولم بحلف شمال الأطلسي، على غرار قرارها الأخير بالموافقة على طلب جارتها فنلندا.
وتعتقد السويد أن الأحداث الدامية التي شهدتها العاصمة خلال الأسابيع الماضية، في إطار "حرب العصابات" بين الشبكات الإجرامية، يقف خلفها زعيم المخدرات روا مجيد، الذي يُلقب بـ"الثعلب الكردي"، لكنها لن تتمكن من الإمساك به، كونه بات مقيمًا في تركيا.
أشارت الشرطة إلى أن ما لا يقل عن 7 جرائم عنف وإطلاق نار وتفجيرات، وقعت في العاصمة ستوكهولم منذ بداية العام، لها علاقة بهذا الصراع.
واعتبرت صحيفة "بوليتيكو" أنه بالنسبة إلى الحكومة السويدية، تعد العلاقات مع تركيا عملا سياسيا رفيع المستوى، مما يضع قضية السياسة الخارجية ذات الأولوية القصوى الممثلة في عضوية الناتو، في مواجهة أولويتها المحلية القصوى الخاصة بمعالجة جرائم العنف.
من هو "الثعلب الكردي"؟
وفقًا لتقرير صادر عن الإذاعة الوطنية السويدية، وُلد مجيد في إيران لكنه انتقل إلى أوبسالا، على بعد نحو 70 كيلومترًا شمال ستوكهولم، عندما كان طفلا.
حُكم على الشاب (36 عامًا)، بالسجن 8 سنوات في السويد عام 2010 لارتكابه جرائم الاتجار في المخدرات.
وبعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه، غادر السويد صيف 2018، إذ انتقل إلى العراق ثم إلى تركيا بسبب تهديدات بالقتل على ما يبدو من عصابات إجرامية.
وحصل على جواز سفر تركي بموجب خطة الاستثمار مقابل الجنسية التي قدمتها الحكومة التركية، وبالتالي بات بعيدًا عن متناول العدالة السويدية.
وظل زعيم عصابة "فوكستروت" بعيدًا عن الأنظار إلى حد كبير حتى أوائل العام الماضي، عندما بدأ الصدام بين عصابته وخصومه بالتصاعد في ستوكهولم.
وتشير الشرطة السويدية إلى أن مجيد أسهم في تأسيس شبكة كبيرة لتجارة المخدرات، في الوقت الذي أشار بيان رسمي إلى أنه مشتبه به بالتحضير لارتكاب جرائم قتل.
وطلب النائب العام السويدي هنريك سودرمان، من السلطات التركية تسليم مجيد، بيد أن أنقرة قالت إن التسليم غير ممكن لأن مجيد بات مواطنا تركيا.
ووسط ارتفاع عدد الوفيات جراء استخدام الأسلحة النارية في ستوكهولم، تتعرض حكومة رئيس الوزراء أولف كريسترسون، لضغوط، لإظهار تقدم في تحقيقاتها مع أعضاء العصابات على غرار "مجيد".
ووفق التقارير الغربية، فإن الحكومة السويدية على اقتناع تام أن ممارسة الضغوط على تركيا لتسليم مجيد قد تضر بموقفها في مفاوضات الانضمام للناتو، ومن ثم ستتخلى مؤقتا عن القيام بذلك لحين الحصول على "ورقة الموافقة" على عضويتها بالتحالف العسكري.
ومنذ أشهر، تمنع تركيا التحاق السويد بالناتو، مدعية أن السويد تأوي مجرمين مطلوبين.
وفي 2022، وقعت السويد وفنلندا اتفاقا مع تركيا بهدف معالجة أوجه الاعتراض على عضويتهما في الحلف.
وأكدت أنقرة أن فنلندا والسويد ستحظران نشاطات التجنيد وجمع الأموال للمسلحين الأكراد وكذلك حظر الدعاية الإرهابية ضد تركيا، كما تعهدتا بإظهار التضامن والدعم مع أنقرة في الحرب ضد الإرهاب بكل أشكاله، كما قبلتا بعدم فرض قيود على الصناعات الدفاعية.
وفي ديسمبر الماضي، عبرت تركيا عن خيبة أملها من قرار محكمة سويدية عليا بوقف طلب تسليم صحفي من أنصار رجل الدين فتح الله غولن، الذي تحمله تركيا المسؤولية عن محاولة انقلاب فاشلة في 2016.
وجاءت واقعة حرق المصحف أواخر يناير الماضي أمام سفارة أنقرة لتفاقم الأزمة بين الجانبين.
واشترط الرئيس التركي على السويد تسليم 130 مطلوبا إلى أنقرة حتى تصادق على عضويتها في الحلف العسكري.
وحتى الآن، قضت السلطات السويدية بترحيل شخص واحد فقط هو "محمود تات" العضو في حزب العمال الكردستاني، بينما مُنح الآخرون المستهدفون بتسليمهم من قبل تركيا الحق في البقاء في السويد بموجب قوانين اللجوء المحلية.
https://telegram.me/buratha