نعيم الهاشمي الخفاجي ||
دول أوروبا استقبلت موجات كبيرة من مئات آلاف العمالة القادمين من تركيا وباكستان والشرق الأوسط بحقبة نهاية ستينات القرن الماضي للعمل في سوق العمل الذي خسر الملايين من الناس الذين قتلوا بالحرب العالمية الثانية، شهدت سبعينيات القرن الماضي نهضة قوية في المجال الصناعي في كل دول أوروبا الغربية، دول أوروبا الغربية، أيضا قبلت ملايين طالبي اللجوء من دول الشرق الأوسط وأفغانستان وفيتنام وكمبوديا، وأفريقيا، بسبب الحروب والاضطهاد والقمع السياسي والديني.
بريطانيا عندما كانت تستعمر قارات وتحتل دول وكانت مستعمراتها لن تغيب عنها الشمس، كانت تجند الشعوب التي تحتلها للانخراط في جيوشها، واقتصرت مهمة بريطانيا تنصيب الضباط والصنوف المهمة بالجيش من مواطنيها البريطانيين أصحاب العيون الزرقاء والبشرة الشقراء لقيادة الجيوش، وعلى الجنود الهنود والافارقة السمع والطاعة، بحيث تم استقدام أعداد كبيرة من أبناء المستعمرات البريطانية إلى بريطانيا واسكتلندا، تم منحهم الجناسي البريطانية. عندما تتجول في العاصمة لندن تشاهد نسبة سكانية واضحة من بين المواطنين البريطانيين، من أصول هندية وباكستانية وأفغانية وعراقية ومصرية وسورية وفلسطينية وتركية، النسبة واضحة عندما تتجول في الأسواق والشوارع وتشاهد المواطنين المتبصعين، أو عندما تراجع دوائر الدولة البريطانية وتلتقي مع الموظفين في الدوائر، أو الضباط في مراكز الشرطة، والعاملين في المطارات ووسائل الإعلام وأعضاء الأحزاب والنواب في البرلمان البريطاني، تجد الكثير منهم من أصول آسيوية وافريقية. أصبح وجود الكثير من ابناء المهاجرين في دول اوروبا موظفين بدوائر الدولة والعمل كأطباء في المستشفيات والعيادات الطبية الخاصة أمر طبيعي ومألوف، بل انضم الكثير من ابناء المهاجرين الذين جاء آبائهم إلى أوروبا إلى الانتساب إلى كل الأحزاب السياسية اليسارية بل هناك من ابناء المهاجرين انضموا إلى لأحزاب اليمينية العنصرية، مهما يسمع الناس بالإعلام في عنصرية الأحزاب اليمينية المعادية للأجانب في أوروبا بات لايؤثر، لأن الكثير من أعضاء هذه الأحزاب اليمينية العنصرية هم من أصول أجنبية، لذلك بات في الدول الأوروبية الغربية، أمر طبيعي تبؤ الكثير من مواطنيهم من أصول آسيوية وافريقية مناصب مهمة في قيادة دول اوروبا، وهذا لايعني أن الاوربيون يستوعبون الطرف الآخر من المهاجرين واللاجئين، وأن تبؤ ابناء الأجانب مناصب هذا يعني ماتم ذلك إلا من خلال مقاومة العنصرية، سواء كانت العنصرية ذات منطلق ديني أو عرقي، الحقيقة أن ابناء المهاجرين باتوا اليوم يشكلون نسبة عالية في المجتمعات الغربية، لذلك من مصلحة الأحزاب كسب ابناء المهاجرين إلى صفوفهم في الانتخابات أو في الدعم المادي في تمويل الأحزاب التي تعتمد على الدعم المادي من أعضاء الأحزاب المنتمين لها. شاهدنا تعيين حمزة يوسف ذو الأصول الباكستانية ليقود مقاطعة اسكوتلندا البريطانية، حمزة من أصل باكستاني مسلم ولازال الرجل متمسك بثقافته الدينية المسلمة فهو يصلي ويصوم، قبله في عدة اشهربرز نجم سياسي بريطاني هندوسي هندي ليصبح رئيس وزراء بريطانيا في العاصمة لندن ، هذا النجم من أصول هندية هندوسية اسمه (سوناك) رئيساً لحكومة بريطانيا العظمى التي كانت الشمس لا تغيب عن مستعمراتها في قارات العالم، أصبح بقاء بريطانيا موحدة بيد مواطنين بريطانيين من اصل هندي وباكستاني، الهندي رئيس وزراء بريطانيا، والثاني رئيس وزراء اسكتلندا، سبق تولي سوناك وحمزة تولي باراك حسين أوباما تولي منصب رئاسة الولايات المتحدة الامريكية، في حالة فريدة من نوعها، أوباما نال ثقة الحزب الديمقراطي لكونه نجم مؤثر في الحزب، وحظي في الفوز بالانتخابات، لكن رغم تولي مناصب مهمة في الغرب مواطنين من أصول اجنبية مناصب مهمة في تولي مناصب رؤساء في الغرب، هذا لايعني أن شعوب الغرب قد انتهت عندهم العنصرية تجاه المواطنين من أصول اجنبية، تبقى العنصرية لكن بنطاق اقل، تم قتل مواطنين من أصول أفريقية في أمريكا من قبل أفراد شرطة، بل احد افراد الشرطة قتل جورج فلويد بطريقة مؤلمة، الشرطي سحق الضحية بحذائه على رقبة جورج فوليد وهو يتوسل به يقول له من فضلك راح اموت، لكن عنصرية الشرطي وقفت حاجز لفقدانه الإنسانية، للأسف بقي واضع قدمه على رقبة جورج فوليد إلى أن مات الضحية المسكين.
الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي من أصول ارمنية من عائلة مهاجرة هربت من أرمينيا بسبب الاضطهاد الديني و الشوفيني الذي مارسته السلطات بدولة الخلافة العثمانية التركية بحق أبناء الاقليات الدينية والمذهبية ومنهم الأرمن، الذين يعود إليهم ساركوزي، الثقافة الفرنسية والقانون الفرنسي في الجمعية الوطنية الفرنسية يلزم صهر الأقليات ضمن المجتمع الفرنسي، وعدم الاحتفاظ بثقافتهم الأصلية، لذلك نشاهد مواقف ضد ارتداء الحجاب الإسلامي في فرنسا بسبب وجود هذه الفقرة بالدستور
الفرنسي، لذلك يحتاج تشريع قانوني تشرعه الجمعية الوطنية الفرنسية في السماح للأقليات بالتمسك بثقافتهم الأصلية، ملايين العرب والمسلمين يقيمون في الكثير من دول أوروبا وأمريكا، ولاتوجد مشكلة ضد الحجاب الاسلامي، لأن الدساتير تعطي حق إلى الاقليات بالاحتفاظ بثقافتهم.
انا على سبيل المثال انتميت لحزب يساري دنماركي واشتركت في خوض الانتخابات البلدية في عام ٢٠٢٢ كمرشح للفوز في منصب عضو مجلس بلدي في العاصمة كوبنهاكن، المهاجرين وأبنائهم بالغرب اصبحوا جزء مهم وحيوي ومؤثر في المجتمعات الغربية، تجد معظم طلاب الجامعات وفي كليات الطب والصيدلة والهندسة من أبناء المهاجرين واللاجئين، أصبح أمر عادي تسمع الشباب الأوروبيين ينادون بعضهم البعض الآخر في اسم محمد وعلي وحسن وحمزة وعمر وفاطمة، عندنا بالدنمارك شابة عراقية علوية اسمها فاطمة الزهراء الاطرقجي حققت أكبر إنجاز عالمي بالطب، اكتشفت علاج لمقاومة البكتيريا التي تقاوم مضادات البنسلين، رئيس وزراء الدنمارك استقبل الشابة فاطمة الزهراء وهي ترتدي حجابها الإسلامي، وتم نشر صورها في محطات التلفزة والصحف، واحتفل الشعب الدنماركي بهذا الإنجاز العلمي الذي حققته الدنمارك من خلال فاطمة الزهراء التي قدم أهلها كلاجئين تعرضوا لبطش وطائفية صدام الجرذ الهالك،
المستر حمزة يوسف، أصبح الوزير الأول رئيس وزراء مقاطعة اسكتلندا، انتمى للحزب السياسي الاسكتلندي وفاز بالانتخابات، بسبب مثابرته وجهوده واتعاب والديه وليس كما يحاول الإعلام العربي المهزوم بالقول انه سياسي بالفطرة، الفطرة لامكان لها، إنما نجح من خلال الشجاعة والانضمام لصفوف حزب وليس من خلال الجلوس في البيت، في الانتخابات الدنماركية فاز نواب عرب ومسلمين ومن كلا الجنسين في عضوية البرلمان الدنماركي، وفاز نواب هنود وباكستانيين بعضوية البرلمان، في السنوات الأخيرة برز نجم مرشحين كثيرين من شباب أكراد من أصل عراقي وتركي في الفوز بترشيحات أحزاب دنماركية يسارية راديكالية لعضوية المجالس البلدية، في كل انتخابات يأتون المرشحين إلى المساجد يطلبون من الناس انتخابهم، زار الكثير منهم مسجد الإمام علي ع والديوان الحسيني التابع إلى سادة عراقيين من بيت الحلو لعرض برامجهم الانتخابية.
المستمر حمزة أصغر سياسي اسكوتلندي تولى رئاسة وزراء اسكتلندا، وأول وزير يحمل حقيبة وزارية في عمر ٢٦عاماً، أصبح بقاء بريطانيا موحدة بيد حمزة وسوناك، لكن مستمر حمزة الشاب والذي هو من أصل باكستاني وتبؤ منصب رئيس وزراء اسكتلندا أعطى وعد لجماهيره بالدفع باستقلال اسكتلندا عن اتحاد المملكة البريطانية لتكون جمهورية اسكتلندا المستقلة.
المطالبة بالاستقلال من الشعب الاسكتلندي ليست بدعة من مستر حمزة بل هذه المطالب موجودة على أجندة الشعب الاسكتلندي قبل حمزة يوسف، وستستمر بعده، أصبح بقاء بريطانيا موحدة بيد رئيس الوزراء البريطاني سوناك من أصول هندية هندوسية وبيد زميله حمزة يوسف رئيس الوزراء الاسكتلندي، من أصل باكستاني مسلم، لكن مستر حمزة قال نواصل قيادة اسكتلندا تحت زعامة العرش الملكي البريطاني الملك تشارلز.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha