أقرت المحكمة الاتحادية العليا، يوم أمس الثلاثاء، بعدم دستورية تمديد عمل برلمان كردستان لسنة إضافية، فيما اعتبرت أن كل القرارات الصادرة عنه منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي تاريخ تمديد هذه الدورة "باطلة".
ومدّد برلمان الإقليم المكوّن من 111 مقعداً في تشرين الأول/أكتوبر الماضي مدة دورته لعام إضافي، مرجئاً الانتخابات التي كان يفترض أن تحصل في الشهر نفسه، على خلفية نزاعات سياسية بين الحزبين الكبيرين الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، حول كيفية تقسيم الدوائر الانتخابية. وبعد ذلك، حددت الانتخابات أخيراً في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2023.
وأكد رئيس المحكمة الاتحادية العليا، القاضي جاسم محمد عبود، أن المحكمة حكمت بالأكثرية "بعدم دستورية قانون استمرار الدورة الخامسة في برلمان كردستان العراق رقم 12 لسنة 2022 الصادر عن برلمان كردستان العراق" في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2022.
ويترتب على ذلك "اعتبار مدة الدورة الخامسة لبرلمان إقليم كردستان العراق منتهية بانتهاء المدة القانونية المحددة لها"، و"اعتبار كل ما صدر من برلمان إقليم كردستان العراق بعد تلك المدة القانونية باطلا من الناحية الدستورية". وجاء هذا القرار رداً على دعوى تقدّم بها نواب معارضون في برلمان الإقليم.
ويهيمن الحزبان الكبيران المتخاصمان، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني، على الحياة السياسية في الإقليم.
ويسيطر الحزب الديموقراطي الكردستاني خصوصاً في أربيل، ويتولّى رئاسة الإقليم ورئاسة الحكومة فيه، في المقابل ومنذ سقوط صدام حسين في العام 2003، كان كل رؤساء جمهورية العراق من الاتحاد الوطني الكردستاني.
ويلعب البرلمان دوراً مهماً في الإقليم، فهو يمنح الثقة للحكومة ورئيسها كما يقرّ القوانين المحلية في الإقليم الذي يملك أيضاً قواته الأمنية الخاصة
وفي البرلمان الحالي، يملك الحزب الديموقراطي الكردستاني الأغلبية مع 45 مقعداً، يليه الاتحاد الوطني الكردستاني مع 21 مقعداً.
ويقدم إقليم كردستان نفسه كملاذ للاستقرار والأمن في بلد مزقته عقود من الصراعات. لكن ناشطين ومعارضين ينددون أحياناً بالفساد والتوقيفات التعسفية وبترهيب متظاهرين.
ومدّد برلمان الإقليم أكثر من مرّة في السنوات الماضية ولايته، على خلفية خصومات سياسية داخلية بلغت ذروتها في التسعينات، مع تقاتل داخلي بين عائلتي بارزاني وطالباني.
وقال رئيس المحكمة، أن القرار اتخذ "بالأكثرية "، وأن "مدة الدورة الخامسة لبرلمان إقليم كردستان العراق منتهية بانتهاء المدة القانونية المحددة لها".
وكان برلمان كردستان قد أرجأ الانتخابات التي كانت مقررة في أكتوبر الماضي بسبب نزاعات سياسية حول تقسيم الدوائر الانتخابية بين الحزبين الكبيرين الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
*كيف سيؤثر قرار الاتحادية على الموازنة؟
وبتاريخ 4 أبريل 2023، أنهى اتفاق مبدئي أبرم بين حكومتي بغداد وأربيل، خلافا دام أكثر من عقد، بشأن النفط، ويستأنف بموجبه تصدير الذهب الأسود من الشمال عبر تركيا.
وينصّ الاتّفاق الذي وُقّع بحضور رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني ورئيس وزراء كردستان العراق، مسرور برزاني، على أن تجري مبيعات نفط كردستان عبر شركة تسويق النفط العراقية "سومر"، ما يعني أنّ أربيل لن تدير بعد اليوم منفردةً ملف النفط.
ويفتح الاتفاق الباب لاستئناف تصدير النفط عبر خط أنابيب بين العراق وتركيا، منذ أن توقف في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وهو ما يكلف الموازنة العامة للدولة العراقية خسائر بحدود 30 إلى 35 مليون دولار يوميا، أي نحو مليار دولار شهريا من إيرادات الدولة، بحسب خبراء الاقتصاد.
الى ذلك، كشف الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، تأثير قرارات المحكمة الاتحادية على قانون الموازنة المالية، والاتفاقات بين بغداد وأربيل.
ويقول المرسومي في تدوينة، أن "المحكمة الاتحادية قضت بعدم دستورية تمديد ولاية برلمان كردستان، مبيناً أن "أي قانون وقرار صدر بعد 6/ 22/ 2022 يعد باطلاً".
ويضيف، ان "هذا يعني الغاء القوانين والقرارات والاتفاقيات التي صدرت بعد تمديد مجلس النواب بما في ذلك اتفاق النفط بين حكومتي الاقليم والمركز حول النفط والتي تضمنتها الفقرتين 13 و14 في مشروع قانون موازنة 2023"
ويعزو السبب الى، أن "حكومة اربيل تحولت الى حكومة تصريف اعمال بعد التاريخ أعلاه، ومن ثم فهي لا تمتلك الصلاحيات الكاملة لتوقيع العقود والاتفاقيات وخاصة تلك المتعلقة بالطاقة والموازنة".
ويوضح الخبير الاقتصادي، أن "هذا يعطي مشروعية أكبر لتعديلات اللجنة المالية على المادتين 13 و14 في الموازنة الاتحادية لعام 2023، وفي المقابل سيعقد من تمرير الموازنة؛ نظرا لرفض حكومة الاقليم الحالية للتعديلات وعدم امتلاكها للصلاحيات الكاملة لعقد اتفاق جديد حول هذا الموضوع مع الحكومة الاتحادية لأنها اصبحت حكومة تصريف اعمال".
https://telegram.me/buratha