سامي التميمي ||
برزت مشكلة المخدرات حاليًّا الى السطح وبشكل ملفت وباتت من أكبر المخاطر التي تواجه دول العالم ، وتسعى جاهدة للقضاء عليها ، لما لها من عواقب وأضرار جسيمة من جميع النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وهذه المشكلة ، لم تعد قاصرة على نوع واحد من المخدرات ، أو على دولة معينة أو طبقة محددة من المجتمع، بل تعدتها الى جميع الأنواع والطبقات ، كما ظهرت عينات عديدة جديدة لها تأثير واضح علي الجهاز العصبي والدماغ.
(المخدرات )هي مادة نباتية أو مصنّعة تحتوي على مركبات منوّمة أو مهدئة أو مفتّرة، والتي غالباً ماتستخدم للأغراض الطبية ، وأذا ما إستخدمت في غير محلها فإنها تصيب الجسم بالفتور والخمول وتسبب شللاً وأرهاقاً في نشاطه وتحدث ضرراً في الجهاز العصبي المركزي والجهاز التنفسي والجهاز الدوري بالأمراض المزمنة، كما تؤدي إلى الرغبةالقوية والتعود على التعاطي ، وهذا يسمى ( الإدمان ) .
وبالتأكيد يلحق ظرراً كبيراً بالصحة البدنية والنفسية .
وهناك أسباب كثيرة تؤدي للتعاطي بتلك السموم منها :
- التقليد والجهل بمعرفة مخاطر تلك السموم .
- قلة وأنعدام الحصانة الأسرية والدينية والثقافية والتنشئة الاجتماعية الغير الصحيحة والتفكك الأسري.
- الحرمان والفقر والضغوط النفسية والإسرية والعملية .
والغنى السريع والفاحش والإسراف والتبذير .
- عمل الوالدين الطويل والبعيد عن البيت والأبناء، أو الأنشغال الدائم وعدم وجود المتابعة الرقابة والتوجيه.
- عدم وجود لغة تواصل وحوار وأنسجام بين أفراد العائلة.
أو مصاحبة ومجالسةرفاق السوء.
- التهميش والأقصاء والتنمر والبطالة والفراغ.
كل هذه الإسباب وأكثر تجعل الشباب منجراً للأنحراف والدخول في نفق مظلم ، وتجعل أمكانية الخروج منه قد تكلف وقتا ًوجهداً كبيراً وطويلاً ، أو لاسامح الله يكون المصير أحيانا ً السجن أو القتل أو الموت مرضاً .
كيف نستدل على الشخص مدمنأ أو في بداية التعاطي ، هناك ملاحظات كثيرة علينا التدقيق عليها في أبناءنا وعوائلنا وأصدقائنا ، لأنها مسؤولية الجميع .
ومن تلك الملاحظات :
- سلوك غير سوي ومفاجئ في التصرف في نمط الحياة والعمل كالغياب المتكرر والأعذار والكذب والانقطاع عن العمل أو الدراسة.
- المستوى الدراسي للطالب يبدأ بالتدني والفشل ، ويكثر خروجه وهروبه من البيت ولساعات طويلة ومتأخرة ليلاً ، والعامل كذلك تكثر أعذارة وخروجه من العمل لفترات طويلة.
- يكثر من السرية والتحوط وأخفاء أغراض التعاطي وفيما يتعلق بخصوصياته أيضا .
- تغيير في لون الوجه والشفاه والعيون وتقلب المزاج وعدم الاهتمام بالمظهر.
- البكاء والضحك والغضب لأتفه الأسباب.
- كثرة التفكير والشرود الذهني والتهرب من تحمل المسؤولية واللامبالاة.
- التحايل والكذب والإسراف وزيادة الطلب على (النقود ) وسرقتها .
- الرغبة والأنجذاب نحو أصدقاء جدد لهم نفس الأهتمامات بالتعاطي .
- كثرة اللعاب وتهطل الشفاه وفقدان الوزن الملحوظ نتيجة فقدان الشهية.
- الكثرة في أكل الحلويات .
طبعا ً هناك الكثير من المخدرات ولكن أهمها فيما موجود حالياً هي :
- الماريجوانا والحشيش .
- المخدرات المهيجة والمنشطة مثل الكوكايين.
- المواد التي تجعل المتعاطي في حالة هستيريا وهلوسة مثل (إل. إس. د)
- العطور المستنشقة مثل ( السيكوتين الصمغ)
- المواد الطبية المهدئة مثل المورفين.
- هناك بعض الأدوية المهدئة والمسكنة توصف كأدوية للمصابين ، ولكن المروجين والمتعاطين ، يتفنّون في الأحتيال على الأطباء والصيدليات في شرائها وأستعمالها .
من خلال البحوث والدراسات الطبية والأمنية للعديد من مراكز الدراسات والبحوث للكثير من الدول والمنظمات ، وجدنا أن الفئة المستهدفة من تلك تعاطي تلك السموم هم (الشباب والفقراء ) .
فلذلك علينا التفكير جدياً في كيفية أنقاذ أبناءنا ومجتمعاتنا من الأنهيار .
هناك تجارب ناجحة لأشخاص تعاطوا وتشافوا بفعل تدارك الأمر من قبل الأهل والأقارب والأصدقاء . وكان الأستعانه بهم في الدراسات والبحوث والأعلام ، أمر ضروري .
وكان التشخيص الدقيق وتقبل الأمر ومعالجته بروح طيبة ونصائح وشروح توضيحية عن ذلك الخطر الكبير وكيفية علاجه، في المستشفيات والبيت ، لأن المتعاطي عادة يكون عنيداً أو خجلاً من فعله فضرورة أقناعة بحجم الخطر من خلال مشاهدة الفديوهات للمصابين وماهي الجرائم التي أقترفوها وكيف أنتهى بهم الأمر للسجن أو القتل أو الموت بسبب جرعات كثيرة ومتتالية بسبب الأدمان .
علينا الحوار والإستماع لأولادنا وتغيير منهج العلاقة والتوازن بين الأبوة والصداقة ، لفهم مشاكلهم وضغوطاتهم النفسية والدراسية والعملية ومحاولة حلها بالوسائل الممكنة . وتقوية العلاقة للأفضل بصداقتهم والدخول لأعماقهم والنزول لمستواهم واللعب والدراسة والرياضة والسفرات والحفلات والجلسات العائلية الحميمة .والأستعانة دائماً بالخبرات الطبية والأمنية .
وهناك تجارب جميلة للمنظمات المجتمعية والثقافية والدينية في الأسهام والتثقيف في تعريف الناس لخطر المخدرات ، وطرق الوقاية والعلاج .
في العراق وفي الثمانينيات كانت هناك تجربة جميلة قدمها ونفذها خبراء التربية والتعليم والثقافة وعلم النفس ، أود الأشارة لها لكن مع الأسف ، قام نظام البعث بأستغلالها وتحريف مسارها نحو العسكرة وحمل السلاح وبث الأفكار العنصرية والشوفينية ، إلا وهي ( تجربة مراكز الشباب ) التي كانت عبارة عن مراكز لأستقطاب الشباب وتفريغ شحناتهم وإشغالهم وقتل وقت الفراغ لديهم بممارسة نشاطاتهم الثقافية والرياضية والفنية والعلمية وغيرها ، وقد أستفاد منها الكثير وتخرج منها الألاف من المبدعين وكانوا أسماء لامعة
هناك تجارب جميلة مماثلة في بلدان كثيرة ومنها على سبيل المثال ( أيسلندا Iceland ) .
حين أنتشرت تجارة المخدرات ، وأصبح التعاطي يكثر بين الشباب ، أجتمع قادة البلد ووضعوا خطط وبرامج منها مراقبة ومتابعة الحدود والسيطرة على منع دخول المخدرات والقبض على التجار والمروجين وأيداعهم السجون مع توفير أرضية وخبراء لغرض تأهيلهم نحو الأفضل مستقبلاً ، وكان هناك وبنفس الوقت همة ونشاط بتشكيل حملات صحية وتوعوية وتثقيفية مكثفة للشباب ، وأيضاً كان هناك جهد من جميع الوزارات والمنظمات ببناء وفتح مراكز ثقافية وفنية ورياضية ، وتأهيل المدارس ورفدها بقاعات رياضية ومدربين ومراقبين لأستقطاب الشباب وزجهم في كروبات وفي وقت الفراغ أي بعد أنتهاء دوامهم اليومي وفي العطل الأسبوعية والشتوية والصيفية بنشاطات مكثفة القصد منها أشغالهم وأمتصاص الحركة المفرطة والشحنات الزائدة والطاقات الهائلة للشباب ، وتوجيهها نحو مشاريع ونشاطات مفيدة لهم وللمجتمع ، وبذلك كانت التجربة مفيدة و رائعة .
نستدل من ذلك أنه ليست العقوبة ومطاردة الأجهزة الأمنية للمجرمين هي الرادع الوحيد لتنفيذ القوانين والحد من الأرهاب والجريمة وتجارة المخدرات وأنتشارها ، بل هناك وسائل أخرى علينا أتباعها بنفس الوقت هو توفير أجواء آمنة وبيئة نظيفة وسكن لائق وتعليم جيد وتأمين صحي وخدمات ورفاهية ، والتنافس في تقديم الأفضل للمواطن هو من يجعل الدولة مستقرة وآمنة ومتطورة .