د. إسماعيل النجار ||
هل سيعي العرب مصلحتهم هذه المَرَّة ويجمعون شتاتهم ويتموضعون بين الأُمَم والشعوب كأُمَّة محترمة؟
إنَّ ما يجمعهم كَعَرَب أكثر مِما يُفَرِّقَهُم، وما يدفعنا للتساؤل عن مصيرنا كأُمَّة هوَ الماضي المؤلم الذي عاشوهُ أجدادُنا وعشناهُ نحن ولا زلنا لغاية اليوم، لذلك نرفض أن يتمَدَّد هذا الواقع المُذِل،
عَرَبٌ تجمعهم الأرض، واللغة، والدين، التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا مسكوبين جميعهم في إطار أُمَّة إسمها العرب،
بعد وفاة النَبِيّ الأكرَم(ص) تنازعوا فتَشَتَّتَ ريحهم، تقاتلوا ومحَوا بعضهم البعض، ووُلِدَت دُوَلٌ مُشَوَّهة بعد الإنقلاب على خلافة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام،
الأمويين سرقوا الدولة الإسلامية الناطقة باللغة العربية وأصبحَت مُلك الغواني والعائلة، والعباسيين دمروا الدولة الأموية وبَنوا على أنقاضها دولتهم فكانت دولة الإجرام والإستبداد والعائلة، جاءَ الفاطميين ومسحوا الدولة العباسية، وثُمَّ جاءَ المماليك ودمروا الدولة الفاطمية، وبعد هذا التاريخ الأسوَد المُلَطَّخ بالعار والشُنَّار أصبحنا ملطَشَة الأمبراطوريات الغربية، وكان للعثمانيين نصيب الأسد في إحتلالنا وحُكمنا فابتلعوا كل الأمبراطوريات التي مَرَّت على بلادنا وبَنوا سلطانهم على جُثَث ودمار إقتتالنا،
حتى جاء الإستعمار الإنكليزي والفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى ليحكمنا بشكلٍ مُباشر ثمَ منحونا إستقلالاً شكلياً لِدُوَلنا بعدما مزقنا سايس وبيكو وحَوَّلونا إلى دويلاتٍ وإماراتٍ وممالكٍ هَشَّة، وغذوا الطائفية والمذهبية بيننا وأخترعوا لنا مذاهب وحركات أسموها إسلامية أدَّت دورها المنوط بها بإخلاص خدمَةً للأعداء، فنَصَّبوا على دُوَلنا حكام موظفين لديهم لا يخرجون من تحت عبائتهم ولا عن طاعتهم، فسرقوا فلسطين كل فلسطين وأهدوها لليهود،
وثُمَّ جاءَت أمريكا لتُكمِل ما بدأهُ العثمانييون والغرب من ظلمٍ واحتلال وتهديدٍ وحصار واضهاد ونهب للخيرات،
*عالمٌ ينهَض وعالمٌ يأفُل نجمَهُ،
بعد بروز نجم الجمهورية الإسلامية الإيرانية التصاعدي، وبعد بروز قِوَىَ إسلامية ووطنية وتحرريَة أخرىَ وإثبات ذاتها في المنطقة والعالم،
جاءَت الحرب الروسية الأوكرانية لتفرِد جناحيها على العالم بأسرُه، ولتفرض واقعاً جديداً على كل الأُمَم، واقعٌ ضَعِفَت فيه أميركا، وتقهقرَت فيه إسرائيل، وبدأَ نفوذ الغرب بالتراجع، وشعوبٌ متألِّمَة بدأت بالتمَلمُل من تحت عباءَة أميركا، واتصلت ببعضها البعض وتحاول التقارب والتعاون والإتحاد باحثين عن مصالحهم، كإيران وبعض دُوَل أميركا اللاتينية والصين وروسيا،
حتى أميركا اليوم تسعى لتصفير عداد المشاكل من حولها لكي تتفرَّغ للصين،
أين نحنُ العرب من كل هذه المستجدات والتحولات،
ونحنُ الذين تجمعنا الشهادتين ولسان الضاد، والأرض المتصلَة والعادات العربية الأصيلة والتقاليد والقِيَم الإنسانية والإجتماعية،
ولسنا فقراء نمتلك الثروة والخيرات والجغرافيا الواسعه، والإمكانات البشرية ولدينا جميع مُقَوِّمات الدولة العربية المُوَحَدَة والقوية،
ما الذي نحتاجه لكي نُصبحُ أُمَّة محترمَة بين الأُمَم؟
* أولاً.. الوفاء لأوطاننا *وديننا وأجيالنا،
*وحماية ثقافتنا من أجل أطفالنا والأجيال القادمة،
*وإمتلاك الشجاعة برفض إملاءَت الغرب علينا،
* واتخاذ قراراً بالعيش تحت سقف الهوية العربية مسلمين ومسيحيين والضرب بيَد من حديد على رأس المذهبيين والطائفيين،
ويجب أن يكون لنا جامعتنا التي تجمَع ولا تتآمَر ولا تُفَرِّق كما هو الحال اليوم،
نحنُ نحتاج إلى إستعادة الكرامة العربية والشرف العربي والنخوة العربية لكي نُصبحُ أُمَّةً عربية واحدة ذات رسالةٍ خالدة،
لا يُغَيِّرَ الله ما في قَوم حتى يُغَيِّروا ما في أنفسهُم، كما تكونوا يُوَلَّىَ عليكم،
بيروت في...
19/6/2023
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha