نعيم الهاشمي الخفاجي ||
كل الحركات السياسية والثقافية والدينية تنبع من مدارس فكرية دينية وسياسية، قوى اليسار لديهم مدرسة فلسفية ثقافية يسارية، انضجت فكر ديمقراطي، بجهود مفكرين وفلاسفة، وضعوا النظرية الاشتراكية، لذلك أقوال المفكرين والفلاسفة للقوى اليسارية هي المنبع العقدي والروحي للقوى اليسارية من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي للكرة الأرضية.
كذلك الأيديولوجيات الدينية فهي تحمل عقائد وشرائع وقوانين إلهية نزلت من السماء إلى النبي المرسل عن طريق الوحي، لذلك كل الحركات الدينية تستمد عقائدها من المدرسة الدينية، إن صلحت المدرسة أو المذهب الديني صلح الناس، وإن فسد المعتقد واستباح دماء الناس في اسم الإله فهنا يعم الخراب والقتل والذبح تحت يافطة التقرب إلى الله عز وجل بسفك دماء أعداء الله حسب زعم هذه البهائم المفخخة المؤدلجة.
نسمع كثيرا عن عمليات الإصلاح السياسي والديني ومحاربة الإرهاب وتشكلت جيوش لمحاربة الارهاب، حتى الدول الناشرة والداعمة للإرهاب تدعي انها نحارب الإرهاب، بكل الاحوال هناك قوى دولية ترتبط مشاريعها بدعم التنظيمات التكفيرية، نفسه ولي العهد السعودي اعترف بقيام السعودية بنشر الوهابية بأوامر أمريكية اطلسية ضد الشيوعية والسوفيت، العقل والمنطق يلزم البشرية في نبذ التكفير والكراهية ودعم الاعتدال لأنه السبيل الوحيد لتلافي وتجنب استمرار نزيف الدم البشري الغير مبرر، لذلك الإصلاح ضرورة ملحة للجميع، لكن هذا الإصلاح المزعوم، الكثير من القوى الدولية تنظر للأمور بشكل مقلوب، الفيلسوف (بول ريكور)، قال، إن الأيديولوجيا ترى الواقع مقلوباً، يعني أن هذه النظرة سيئة النيّة مسبقاً في علاقتها بالواقع، لأن أن تراه مقلوباً يعني أن تراه على غير طبيعته، تراه خارج حقيقته، ممّا يدفعها لأن تفعل المستحيل، لكي تُحدث فيه تعديلاً، أو ما تتوهّم أنه التعديل، وما المغامرات الطائشة، المجبول بنزيف الدمّ، التي اعتادت أن تتحف بها عالمنا، إلّا نتيجة لهذا اليقين.
المنبع الفكري الديني للعصابات التكفيرية ذات الصبغة الإسلامية بأجمعها تنبع من المدرسة الوهابية النجدية البدوية المتخلفة التي صنعتها أجهزة المخابرات البريطانية لاضعاف واسقاط الدولة العثمانية وتجزئة دول الشرق الأوسط ونشر الكراهية والتشجيع على القتل والذبح، الذي يريد الإصلاح الحقيقي عليه في حذف فتاوى التكفير من كتب عقائد أمام المفخخين أحمد بن تيمية وابن عبدالوهاب، لايمكن تجفيف منابع الإرهاب والكراهية بدون حرمان القوى التكفيرية من العقائد الروحية والدينية التي تشرعن للقوى التكفيرية عمليات القتل والذبح والسبي.
قبل أيام أعلنت السلطات السعودية الحاكمة انها نُفّذت حكم بإعدام ٣ دواعش في السعودية، بحجة قتلهم رجلَ أمنٍ، وحسب زعم السلطات السعودية أنه تم حرق جثمان رجل الأمن بالديزل، وتسجيلهم جريمتهم هذه لتصيرَ ضمن دعايات داعش، والأقبح من ذلك حضورهم لحفلة عرس بُعيد كل هذا.
هذا حسب قول الإعلام الرسمي السعودي، طبيعة الأنظمة الديكتاتورية المستبدة وخاصة مثل النظام البدوي في المملكة العربية السعودية ينسب للمعارضين أقذر التهم وفي الواقع أن الضحايا هم ضحايا للإرهاب الوهابي، قبل عدة سنوات السلطات السعودية نفذت حكم الإعدام بشخص اتهمته انه ارهابي، وتبين أن الضحية شيخ شيعي من الاحساء كان في سوريا مسكين ومسالم يعرفه الكثير من الناس، طيب بتعامله مع الآخرين، لكن ذنبه الوحيد أن مذهبه شيعي تكفره المؤسسة الدينية الوهابية، ليس بالضرورة يحظر الملك السعودي أو ولي العهد للتحقيق مع الضحايا، وإنما من يقوم في التحقيق وتعذيب الضحايا رجال مباحث وأمن أشرار ومن يصدر عليهم حكم الإعدام قضاة وهابية متطرفين ينظرون إلى الضحايا أنهم كفرة وأن إصدار حكم الإعدام بحق الضحايا الأبرياء عمل مستحب يقرب القاضي إلى الله عز وجل.
قبل ذلك أيضا تم إعدام شابين شيعة من البحرين بالسعودية بكذبة تزعمهم إلى خلية مرتبطة في ايران، والواقع أن الضحيتين كانوا بزيارة إلى ضريح الإمام علي بن موسى الرضا ع في مدينة مشهد الايرانية، ولم يكونا ارهابيين، بل هؤلاء هم ضحايا للإرهاب الوهابي الداعشي الظلامي.
في العام الماضي وفي هذا الشهر حزيران أعلنت أمريكا قتلَ زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري، بضربة جوية في العاصمة الأفغانية كابل في نهاية يوليو (تموز) 2022.
الفكر الوهابي مبني على عقيدة تكفير المسلم والمسيحي واليهودي، بعد نشر الوهابية بالعالم، وبعد هزيمة السوفيت في افغانستان، ظهر للعيان وصول الحركات الاخوانية المتوهبة للحكم، كان الوصول الأول للحكم في الجزائر، وتدخل العسكر لقمع القوى الإخوانية الوهابية وعم القتل والذبح حيث تم قتل أكثر من ربع مليون مواطن جزائري بمجازر رهيبة تم ذبح الأطفال والنساء بالسكاكين، بدأت القوى الوهابية التكفيرية بإنتهاج سياسة تفجير المفخخات ضد السفارات الغربية، بعد غزو صدام الجرذ للكويت وقدوم القوات الاطلسية للخليج، عندما أصدر مفتي السعودية فتوى بجواز مجيء قوات من غير المسلمين لتحرير الكويت، رفض رؤوس التيارات الاخوانية الوهابية مجيء القوات الاطلسية للجزيرة العربية، المواطن السعودي الشيخ أسامة بن لادن انتقل الى السودان وحل ضيف لدى البشير وحسن الترابي، بدأ مشروع تنظيم القاعدة العالمي بالظهور للعلن بشكل مباشر وواضح في شباط 1998 بتأسيس «الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين»، وضمّ، إضافة إلى «القاعدة»، «جماعة الجهاد» المصرية، وجماعات أخرى. لم تمر سوى شهور، حتى باشر هذا التحالف ترجمة خطته لاستهداف الأميركيين، بدءاً بتفجير سفارتي أميركا في نيروبي ودار السلام في أغسطس (آب) 1998، وبعدها قام بتفجير المدمّرة «يو إس إس كول» أمام سواحل اليمن عام 2000، وصولاً إلى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك وواشنطن.
لايمكن للوهابية أن تنتشر بالعالم بدون دعم دول عظمى ومنظمات وأحزاب وتيارات تستثمر في هذه الجماعات، وما زال ليومنا هذا، هناك من يستخدمهم ليومنا هذا ويوفر لهم الحماية من خلال منع الدولة السورية تطهير الشرق والشمال السوري من العصابات التكفيرية الوهابية.
لايمكن محاربة القاعدة وداعش وبوكو حرام والسرورية والحركات الاخوانية المتوهبة بدون اصلاح الفكر الديني الوهابي من خلال حذف فتاوى التكفير والقتل والكراهية، للاسف الإصلاح بالسعودية، والذي تقوم به السلطات السعودية، محصورة بنشر ثقافة التحلل والسقوط الأخلاقي وشرب الخمور وتشجيع عمليات الزنى والدعارة، وهذه الأمور بعيدة كل البعد عن الإصلاح الحقيقي الذي ينهي عمليات القتل والذبح والتفخيخ.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
20/6/2023
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha