التقارير

أموال العرب ليست ملكهم..!


 نعيم الهاشمي الخفاجي ||

 

لايمكن ترك الأموال التابعة للدولة بشكل سائب بدون رقيب، وخاصة إذا كانت الأموال في دول عربية واسلامية تعاني من سيطرة أنظمة قمعية فاشستية، تحكم بعقلية الحاكم الظالم الذي ينظر إلى شعبه مجرد عبيد او مثل أدوات وأواني المطبخ، انا عشت تجارب عملية في ثلاثة أنظمة يختلف بعضها مع البعض الآخر في تعامل الحاكم مع الشعب.

التجربة الاولى عشت ٢٦ سنة من حياتي تحت سلطة نظام البعث الفاشستي الطائفي الشوفيني، عمد نظام البعث على جعل موارد الدولة من عائدات البترول في خدمة صدام الجرذ وأجهزته القمعية، تعامل صدام الجرذ مع المواطنين على أسس قومية ومذهبية، تقصد في ضرب قطاع الزراعة والصناعات المدنية، وتعمد على ضرب القطاع الخاص، كانت بالعراق شركة الناصر العائدة إلى الحاج عبدالعزيز الناصر الغيريباوي متخصصة في الاستيراد، حاول وصول البعثيين تم مصادرة الشركة، لذلك بحقبة نظام البعث يشعر غالبية  المواطنين العراقيين،  أن الدولة العراقية لاتمثلهم، أتذكر في السبعينيات من القرن الماضي، أراد البعثيين تطبيق نموذج التعاونيات الزراعية المطبقة في المعسكر الشرقي، تم تخصيص ثلاثين جرار و ساحبة زراعية لكل تعاونية، وتم توظيف سائقين للجرارات الزراعية ليقوموا في عمليات الحراثة للأراضي الزراعية مقابل أجور رخيصة، خلال موسم زراعي واحد، محركات الجرارات الزراعية تعطلت بسبب السائقين، بحيث تم ترك المحركات بدون زيوت انتهت في تعطيل المحركات، وتم بيع جرارات التعاونيات الزراعية بكل العراق بطريقة التفصيخ، وبل تم سرقة محتويات الجرارات من قبل الرفاق البعثيين، بحقبة حكم صدام الجرذ تم الاعتماد على عائدات البترول لتمويل الحروب ودفع مرتبات الموظفين والعسكر والأجهزة الأمنية والقمعية وكاتبي التقارير، انتشرت الرشاوي بصفوف الجيش العراقي، وأصبح الجندي يدفع الأموال مقابل الحصول على إجازة لمدة أسبوع واحد.

التجربة الثانية بالسعودية، رأيت أموال البترول تذهب إلى الملك وحاشيته، يتم تخصيص أموال إلى الملك وولي العهد والوزراء والأمراء من آل سعود، الشخص السعودي  الذي يقابل الملك يعطيه مائة ألف ريال، والشخص الذي يقابل ولي العهد يحصل على خمسين ألف ريال، والذي يقابل وزير الدفاع يحصل على ثلاثين ألف ريال، والذي يقابل الوزراء والأمراء من ال سعود يحصل على خمسة آلاف ريال سعودي، اما الزائر الرئيس الغربي بشكل خاص يعطوه هدايا بعشرات ملايين الدولارات، بحرب تحرير الكويت، الملك السعودي فهد، اهدى مليار دولار إلى الرئيس جورج بوش، ومحطة التلفزيون السعودية الرسمية هي التي ذاعت الخبر، بيومها كنت سجين في احد السجون السعودية، هناك حقيقة عائدات البترول السعودي تذهب إلى ال سعود فقط.

لم نشاهد بالعراق والسعودية أي نشاط في دعم الصناعات المحلية سواء كانت للحكومة أو للقطاع الخاص، نظرة المواطن للدولة بالعراق والسعودية بأن الحاكم ظالم جائر، أموال البترول العراقية والسعودية وبقية أموال البترول العربي والخليج والشرق أوسطي توضع في البنوك الأمريكية والغربية، وهذه الأموال ليس بمقدور أي دولة التصرف في الأموال، بل يتم إعطاء الدول العربية جزء من أموالهم لدفع مرتبات واحتياجات دولهم، ودفع أموال استيراد البضائع الغربية،  وممنوع على الدول العربية دعم قطاع الزراعة والصناعة ليبقوا دول فاشلة وسوق لتصريف منتجات مصانع دول الرأسمالية الاستعمارية.

التجربة العملية الثالثة التي عشتها في الدنمارك، بعد  وصولي إلى مملكة الدنمارك لاجئا سياسيا قبل ثلاثين سنة، وجدت من يملك سوق العمل القطاع الخاص ولا وجود لصناعات للدولة على الاطلاق، وجدت الدولة لا تملك سوى قوات عسكرية وشرطة في إعداد  قليلة تتناسب مع نسبة السكان، نعم الشرطي هو شرطي مرور وشرطي محلية وشرطي مباحث ومحاربة المخدرات والجريمة، وضابط جوازات، ليس مثل حال الشرطة بالعراق، التي تضم أصناف عديدة بل يوجد شرطة عراقية للسياحة النهرية،  الدولة الدنماركية تملك المستشفيات الحكومية والمدارس والجامعات، ودائرة الضرائب.

دائرة الضرائب بالدنمارك تفرض على كل مواطن يعمل ضرائب يدفعها للدولة تصل إلى أربعين بالمائة من الراتب او الأرباح التي يحصل عليها، لذلك الدول الغربية تعتمد على الضرائب ، وهذا هو سر نجاح الدول الغربية الرأسمالية، لذلك لو كان موجود بالعراق وجود فعلي للقطاع الخاص لما بقي مواطن عادي بدون وظيفة ولما أصبح حصول المواطن العراقي على وظيفة حتى لو كان منظف حلم.

بريطانيا وفرنسا عندما رسموا حدود الدول العربية ومنها العراق، رسموها بطريقة ذكية، دمجوا مكونات غير متجانسة مع بعض، وتم تنصيب العميل الخائن فيصل الأول ملك على العراق، لم يشرعوا للشعب العراقي دستور حاكم، اختار الانكليز وزير للمالية من الطائفة اليهودية العراقية، اسمه  ساسون حزقيل، هذا الوزير من عائلة يهودية تعمل بالتجارة ويعرف أهمية المال، لذلك كان يرفض صرف الأموال للملك وحاشيته، ويقول لهم هذه اموال الشعب، من المؤسف شعوبنا يغلب عليها الجهل والتفاهة، بحيث أشاع الملك وحاشيته في بث نكت تسيء إلى الوزير حزقيل في أمور البخل في إيجاد مصطلح  (حزقلها).

الوزير لم يكن بخيل ولكنه حريص على أموال الشعب العراقي، الوزير حزقيل هو من اقترح تأسيس قوانين حول الضرائب وعمل نظام مالي بالعراق، حتى بقضية اكتشاف البترول بالعراق، الملك كان يقبل في بيع بترول العراق مقابل مليون دولار فقط،  لكن عبدالله المؤمن حزقيل رفض ذلك، العرب ليسوا رجال تجارة وصناعة وإنما رجال للنهب والسلب والاحتيال  والغزوات والاغتصاب والسبي والنكاح للغلمان، لذلك  عقلية حزقيل مرفوضة من قبل الحاكم العربي البدوي المتخلف العميل الخائن فيصل الاول.

 أموال البترول بالدول العربية الفاشلة،  بيد الحكام والأنظمة لتبديد الثروات وإيداع الأموال بالبنوك الغربية والعمل على ضرب الزراعة والصناعة، تألق البعثيين الاراذل في  ضرب قطاع الزراعة والصناعة، البصرة كان بها أكثر من عشرين مليون نخلة، عمد صدام الجرذ على الانتقام من أهالي البصرة وقام في تجريف النخيل في حقوله الرئيسية حول ضفاف شط العرب من الهارثة والتنومة إلى الشلامجة، ومن جنوب العشار مرورا على قضاء ابو الخصيب إلى السيبة وناحية البحار إلى الفاو في اقصى الجنوب، رأيت في ام عيوني كيف تم تجريف نخيل السيبة إلى الفاو، ذات يوم سمعت ضابطين الاول من الضلوعية جبوري والثاني من ديالى أيضا سني واقفين في بساتين نخيل بالقرب من جامعة البصرة القديمة، وقال الضابط الجبوري إلى زميله من ديالى واسمه جوامير، هؤلاء الكلاب، يعني أهل البصرة لايستاهلون حتى النخيل، سمعتهم ورديت عليهم رد قوي بتلك الفترة كان خيرنا من ابناء الشيعة لايستطيع  ان يرد بحرف واحد، رأيت قادة الجيش من أهالي تكريت والعوجة والانبار يقومون بقلع فسائل النخيل من أبي الخصيب والفاو  وإرسالها إلى تكريت، وتحولت تكريت والضلوعية إلى أكبر مناطق يزرع بها النخيل، أتذكر آمر الوحدة قال لي اشلع لي فسائل نخل برحي وانت من قضاء الحي عندك خبرة بمعرفة نوعية الفسائل، قلت له صار، ذهب معي الجنود كان معي جندي قريب نسبا لي من بيت حمدان البصرة، قلت له ابن عمي نختار اردء فسيلة نخل لهذا الكلب، وفعلا اخترنا فسيلة لنوع متهالك.

عندما سقط نظام البعث، بقي العراق ساحة للصراعات الدولية، وفلول البعث أدوات مهمة لتدمير العراق، لولا ارهابهم لتم صرف الأموال على الزراعة والصناعة والعمل على رفاهية الشعب، نقرأ مقالات إلى المهتوكين من شراذم فلول البعث بالقول إن ميزانية عام ٢٠١٤ كانت انفجاربة لكنها حسب زعمهم سرقت، أقول لهؤلاء المهتوكين، هذه الميزانية لولاها لما تم شراء الاسلحة وصد مؤامرة انقلاب داعش البعثي الوهابي التكفيري، اموال الدول العربية وخاصة دول الخليج تصرف بدون أي رقيب، بيد الحاكم، وكذلك الحال بحقبة نظام صدام الجرذ كانت أموال البترول وأفراد الشعب بيد صدام الجرذ، فرض على كل عراقي التبرع بالقوة ذهب بحقبة الحصار، تصوروا يفرض على عوائل الفقراء التبرع بذهب في مقر الشعبة الحزبية.

أموال العهد الحديث الذي اعقب سقوط نظام البعث وإن كان المشرع العراقي بالبرلمان العراقي غبي وجاهل شرع قوانين تخدم الطبقية بالمجتمع العراقي من خلال تقسيم الشعب إلى طبقات مستفيدة ضمن قوانين تسمح إلى المزور والكذاب والحرامي الاستفادة منها ويتم حرمان أصحاب الشأن الحقيقيين، لكن رغم ذلك ٧٠% من ميزانية الدولة تذهب رواتب وهذا يعني أن غالبية الأموال تذهب للمواطنين لذلك نرى بالعراق وجود عمليات شراء قوي في المولات والاسواق، انا حاليا بالعراق رأيت تحسن واضح في أمور كثيرة، وهذه الزيارة ربما تكون الاخيرة إلى عراق الرافدين والمقدسات بفضل الأخ رئيس لجنة المفصولين السياسيين في الأمانة العامة لرئاسة الوزراء والذي أصرت لجنة التحقق على اعطائي رفض بحرماني للعودة للجيش او الحصول على راتب تقاعدي بسبب أنهم طلبوا مني ورقة هجرة ومهجرين ولم يبلغني احد الشهود، لايوجد اي قانون يمنع حق المواطن بحجة عدم إحضار ورقة، ورغم ذلك أحضرت لهم مايريدونه من اوراق، لكن مسؤلنا العراقي الجديد لايعرف كيف يرفع الظلم عن المواطن العراقي المضحي اذا وقع عليه ظلم وحيف، وكأن المسؤول العراقي لايملك سلطة، بل ذهبت إلى السلطة القضائية رئيس السلطة يقول هذا ليس شغلي، بكل الاحوال نحمد الله ونشكره على كل حال، سعادتي اني رأيت تغير واضح بالعراق، مشكلة الكهرباء وأن كانت لازالت لكن بوضع افضل من السابق، تحتاج جعل الكهرباء كل محافظة تنصب بها محطة توليد خاصة بها، وخلاف ذلك يبقى وضع الكهرباء سيء، بكل الاحوال كتبت علينا نكمل حياتنا في المنافي، لا اعتراض على قدرنا البائس، ونسأل الله أن يلهمنا الصبر والايمان بظل مجتمع للأسف تكرر به وضع ابو سفيان المستفيد من الإسلام وبين علي بن ابي طالب ع المضحي والمجاهد المهمش  ومسلوب الحق، نعم نكمل ماتبقى من حياتنا في الغرب،  الشكر الجزيل لشعب  مملكة الدنمارك الذين  احتضنوننا  وقدموا لي الخدمات افضل مليون مرة من حكومات العراق ومسؤليه السابقين والحاليين من رفاق الدرب والجهاد والنضال.

في الختام الأنظمة العربية لاتحكمها دساتير وإنما يحكمها اشخاص وفئات واحزاب، والمواطن الذي لم يكن ضمن النظام والأحزاب لامكان له، إن شاء الله نبقى مدافعين عن ابناء الشعب العراقي الى ان نلتقي عند الله عز وجل، سبب التردي الاقتصادي بدول الشرق الأوسط بسبب الأنظمة ولو سلم القطاع الصناعي والزراعي للقطاع الخاص لما بقي عاطل واحد عن العمل ولما بقي فقير واحد، املي من الاخوة العراقيين دعم القطاع الزراعي الخاص وعلى الحكومة شراء مختبرات نسيجية لتوزيع فسائل النخيل وشتلات الفاكهة بشكل مجاني للمواطنين والمزارعين لأن زراعة اي مواطن إلى شتلة أو فسيلة نخل يعني وجود نخلة وشجرة مثمرة خلال أربع سنوات فقط.

 

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

10/7/2023

 

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك