التقارير

في ذكرى استشهاد راهب آل محمد عليه السلام

1219 2023-08-14

د.عطور الموسوي ||

 

لعل من اكثر شخصيات واقعة الطف التي تباينت فيها النصوص التاريخية هي شخصية مولانا الامام السجاد علي بن الحسين عليهما السلام، فبين من يصوره عليلا لايقوى على الوقوف الا متكئا على عمته او سيفه، وبين من يصوره مقاتلا في يوم الطف قبل علته، ولكن الاجماع على انه عليه السلام كان محور القضية الحسينية من لحظة استشهاد ابيه يوم العاشر من المحرم .. كيف لا وهي لحظة تسنمه مهام الامامة وقيادة امة كادت تلفظ انفاسها وقد انعشتها تلك المجزرة الرهيبة كصفعة في وجه كل من تنصل عن دينه لاهثا وراء دنيا بني أمية .

عليلا اراد الله به حفظ نسل النبوة من سيوف الطغاة ليدير دفة الركب الأبي مع عمته عقيلة الطالبيين .. تقطر رقبته واقدامه دما من جراء القيود وهو شامخ كأسد جسور يخشون النظر في عينيه،  فهو الحق قد تجسد في رجل نحيف يحمل شعاع النبوة والعصمة المتناقلة من الاصلاب الشامخة الى الارحام المطهرة نسلا بعد نسل من خليل الله ابراهيم عليه السلام، نعم انه من ذريته الذين نالوا العهد منذ يوم ذاك النداء الذي جُعل فيه اماما .

خطب عليه السلام خطبة في قصر يزيد الذي اجتهد ان يحيله الى كرلفان للاحتفال بالانتصار والبهجة والسرور واستضاف امراء وسلاطين لاعلانه القضاء على اصعب المناوئين له الرافضين بيعته .. خطب عليه السلام خطبة عصماء يطول التطرق لمقاطعها البليغة المتصلة ببلاغة جده وابيه .. الا ان عبارات استوقفتني فيها وهي : " أنا ابن عديمات العيوب انا ابن نقيات الجيوب ان ابن من كسا وجهها الحياء انا ابن فاطمة الزهراء ، وسيّدة النّساء ، وابن خديجةالكبرى ."

ولعمري كم كانت تلك الكلمات في الصميم وكأنه يذّكر الآخر بجداته وامهاته من ذوات الرايات الحمر، ويعلن للملأ حقيقة ثابتة وهي صراع الأكف السوداء ضد الأكف البيضاء منذ صراع ابني آدم .. انه دم هابيل مازال نازفا في كل لحظة تتجسد فيها هذه المعادلة .

انا بن من كسا وجهها الحياء وما احوج نساءنا لهذه الصفة في زمن تكالب علينا الاعداء يدوفون السم الزعاف بحرب ناعمة تستهدف المرأة والطفولة، انهم يكافؤون من تتنصل عن حيائها ويكرمونها ويقلدونها جوائز نوبل وامثالها، يجتهدون ان يجعلوا الحجاب اسم على غير مسمى بترويج أزياء (الكاسيات العاريات) ويشجعون على ان تتمرد المرأة على واقعها تحت مسمى حرية المرأة ..ونجحوا للاسف وصارت بعض بناتنا تتدعي انها زينبية وتضع صورتها متبرجة في ملفها الشخصي بمواقع التواصل ! ولا تبالي لحدود الله وهي تقضي ساعات تتحدث مع احدهم بعنوان صداقة اخوية!!

بل وتدعم برامج الاستكبار دون وعي لمخططاتهم فقط لتدافع عن حقوق مزيفة للمرأة خدعو ا بها .. وغير ذلك كثير ..

كلنا مشخّصون لهذا ولكن اين عملنا نحن، اين همنا في ما وصل اليه مجتمعنا من تخلخل في بنيته الاجتماعية والقيّمية ! اين برامجنا التي تجذب الينا الطفولة والشباب فضلا عن النساء في كل مواطنهم !

لست الوحيدة من تسأل واكاد اجزم اننا نتلاوم ونتناقش لكن دون حلول ناجعة، ينجح الآخر رغم قلة عدده ولا ننجح رغم كثرتنا فما السبب؟!

اعتقد وبرايي القاصر اننا لم نتخذ رموزنا الشامخة قدوة الا بالاسم فقط، نردد اننا فاطميات او زينبيات ولكن مازالت برامجنا تحاكي من تجاوز عمرها خمسين عاما وتأبى ان تناغم اعمار الطفولة والشباب، عرفنا الاساليب التي جذبت الجيل الجديد الا اننا مازلنا نعمل بأساليب القرن العشرين ..

وفي النفق المظلم ثمة بارقة مضيئة وهي الحملة الكبيرة الرافضة لما سمي بالجندر وهي بعد ان وصلت النار الى اطراف ثيابنا كما يقولون ..

نهضة جيدة وتحتاج الى برنامج منظم لا يقتصر على تفنيد آراء الآخر فحسب وانما تهيئة تيار يوقف المد الهمجي ومن ثم يكتسحه لتعلو كلمة الله ونؤدي واجبنا كخلفاء لله على أرضه ..

وليذّكر بعضنا بعضا بقوله تعالى :

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ..

 

25 محرم 1445

13 أب 2023

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك