التقارير

الامبراطويات التي سقطت لايمكن أن تعود..!


 

نعيم الهاشمي الخفاجي ||

 

البشرية عبر تاريخها وإن كان مظلم، حيث قامت دول، وسقطت دول اخرى، وقتل مئات ملايين البشر، سجل لنا تاريخ البشرية عبر التاريخ، بروز قوى عظمى وسقوط قوى عظمى اخرى، دول عظمى ملكت بلدان كثيرة مترامية الأطراف.

دول عظمى العاصمة في روما وجيوشهم ونفوذهم في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وافريقيا، الامبراطوريات عندما تمتلك قوات  عسكرية هائلة، تكون  السبب الرئيسي  في توسع تلك الامبراطوريات  واحتلال اراضي دول اخرى بقوة السلاح، وفرض الهيمنة بالقوة، سقطت تلك الإمبراطوريات وبقيت آثار تلك الدول موجودة ليومنا هذا، وبقي الناس بين مؤيد لتلك الدول العظمى المنقرضة وبين ناقد غاضب على تلك الدول العظمى المنقرضة بسبب اجرامها بحق أبناء الشعوب الناقمة على إجرام تلك الدول العظمى المنقرضة.

لاتوجد امبراطورية بقيت خالدة، نشوء الإمبراطوريات والدول تنشأ وتتهيأ لها أسباب القوة وبعد القوة ضعف وبعد الضعف سقوط حتمي. 

ذكر مؤسس علم الاجتماع عبدالرحمن بن خلدون  عدة أسباب لسقوط الدول ومن الأهمية بمكان  التذكير بها للاعتبار والاستفادة و نوجز بعضها  في هذا المقال للتذكير لزيادة المعرفة، عامل الظلم يؤكد ابن خلدون أن الظلم مؤذن بخراب العمران ويستعرض بعض صوره ومنها  فرض الضرائب المرتفعة، وإنفاق المال العام على الكماليات والترقيات وسلب حقوق الأخرين، انهيار المسؤولية الفردية  ويؤكد إدوارد جيبون مؤرخ ومؤلف لكتاب (انهيار وسقوط الامبراطورية الرومانية) أن انهيار انهيار المسئولية الفردية، أي إحساس الفرد بمسؤوليته تجاه المجتمع من أهم أسباب انهيار الإمبراطوريات،  سوء اختيار الأعوان،  يؤكد ابن خلدون أن سوء اختيار الأعوان من قبل الحاكم ، تعد محاولة انتحار صريحه للدولة فهؤلاء يضعون الغشاوة على أعين الحاكم ، وبالتالي لا يعرف للعدل طريقا، وللأسف هذا الأمر موجود بكثرة بجميع الدول العربية، دائما بطانة الحكام والقادة وساسة الأحزاب يقربون أشخاص منفرين للناس، تغلب عليهم الأنانية، يتقصدون بعدم إيصال مظلوميات الناس إلى الساسة وأصحاب القرار.

الرجال الاشداء في الكفاح المسلح ينتجون قيادات قوية، وعندما يصل القادة الأقوياء للسلطة يكون همهم توفير الرفاهية، بعصر الرفاهية يكون النتاج قادة ضعفاء تحدث بينهم مشاكل شخصية أو خلافات مابين ابناء الملوك والخلفاء تنتهي إلى سقوط نظام الحكم، ونشوء دولة جديدة اخرى.

عند سقوط الامبراطوريات يبقى إرث سواء كان إرث لغوي أو مهنة صناعية أو أمثال أو حكم أو اقوال يتوارثها الناس، لدينا في جنوب العراق إرث ثقافي من  السومريين ومن أديان الصابئة التي تعود إلى نبي الله يحيى بن زكريا ع ولازال لدينا أتباع الديانة الصابئية احد مكونات الشعب العراقي الاصلاء موجودون ليومنا هذا.

 لازالت أثار الغساسانيون والمناذريون الذين كانوا يشكلون دولتين للعرب بعهد الإمبراطوريتين الرومانية والفارسية  موجودة بقضاء الحيرة في محافظة النجف وفي درعا السورية، ولازال هناك من وثق خيانة قادة الدولتين الغساسنة للرومان والمناذرة للفرس ليومنا هذا، ولا زالت كتب التاريخ تتحدث عن اذا ساءت العلاقة ما بين الروم والفرس يتقاتل عبيدهم من قادة العرب الغساسانيون والمناذريون، وإذا صلحت العلاقات ما بين الرومان والفرس أيضا يتصالح عبيدهم من قادة الغساسانيون والمناذريون، لازالت الناس تتذكر مواقف كرم وشجاعة  كريم العرب حاتم الطائي.

بروز امبراطوريات إسلامية حدثت بالعصور الوسطى، والتاريخ لم ينشر حقيقة كيفية مجيء تلك الامبراطوريات الإسلامية، بعضهم دعمتهم الإمبراطورية الرومانية مثل نشوء الدولة الأموية تمت بمباركة رومانية، بحيث أصبح مستشاري البلاط الأموي مستشارين رومان مسيحيين، وتم تحويل الخلافة المزعومة من  نظرية الشورى التي لم تطبق ابدا،  إلى نظام ولاية العهد على غرار ملك روما.

وفي القرون الخمسة  الأخيرة نشأة الإمبراطورية العثمانية وبعدها نشأت روسيا القيصرية، وبريطانيا التي لاتغيب عن مستعمراتها الشمس، ونشات فرنسا كقوة استعمارية رغم تبنيها نظام ديمقراطي، وأخيرا نشوء الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى.

الامبراطورية العثمانية سقطت إلى الأبد وتم تقسيم تركتها بسبب خيانة مفتي مكة وغالبية اتباعه من العرب السنة في دول المشرق العربي بشكل خاص، أما الإمبراطورية الروسية القيصرية سقطت ونشأ مكانها الاتحاد السوفياتي وتهيكل  السوفيت وبرزت روسيا الاتحادية الحالية والصين الشعبية النووية.

الإمبراطورية الفارسية دخل ابناءها الإسلام وكان لهم دور كبير في كتابة كتب الحديث وكل كتب الصحاح السنية الستة هم من الفرس، وكذلك أئمة المذاهب السنية الأربعة هم من الأمة الفارسية العظيمة، وعندما تشيع الفرس أيضا رفدوا الشيعة في العلماء والمراجع والفلاسفة، أقيمت دولة الصفويين والقاجاريين والدولة البهلوية والجمهورية الإسلامية الحالية، والتي أصبحت  أيضا قوة مؤثرة بالشرق الأوسط والعالم.

الامبراطورية العثمانية سقطت وإن عادت الآن فهي ضمن حدود الجمهورية التركية الحالية ولا يمكن لها أن تتمدد، انتهى وقت احتلال بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرق آسيا وإقامة امبراطوريات، وانتهى وقت سقوط دول ما عدا دول الشرق الأوسط لازالت لاتحكمها دساتير ومؤسسات دستورية لذلك يمكن للقوى العظمى  استبدال الانظمة العربية الحالية، لكن بمرور الزمن سوف تشرع الأنظمة العربية الحالية  دساتير حاكمة أسوة في دساتير الأمم الاخرى بل حتى أنظمة الخليج البدوية الوهابية لابد ان ترضخ للأمر الواقع وتعمل دساتير يكون الدستور هو الحاكم وحتى لو سقط الحاكم يسقط كفرد لكن تبقى الدول قائمة نفسها.

واذا كان لدى المسلمين امل في إقامة إمبراطورية فهي تتم بدولة الإمام المهدي لكن دولة الإمام المهدي تبقى كل دولة بحكومات محلية يسيرون وفق نظام أخلاقي وقيمي إلهي يضمن العدالة والمساواة، أشبه في دول الاتحادات، لكن تحت ظل حاكم عادل جميع الأنبياء والمرسلين بشروا في دولته ودولة الإمام المهدي عجل الله قدوم دولته دولة العدل والمساواة، وهي حلم الأنبياء والمرسلين تقوم وفق العدالة والمساواة وتبقى الدول تحكم نفسها ضمن دولة فدرالية تحت ظل قائد عادل واحد يعلمهم القيم والعدالة والمساواة، واهم من يعتقد أن المهدي يولد، لأن الأمة العربية والإسلامية ومنذ ان اقصت الخلفاء الحقيقين الذين نصبهم رسول الله ص بأمر من الله عز وجل انتجوا عتاة القتلة والمجرمين، تخيلوا ابو بقر البغدادي يكون هو الخليفة ويرسل جربان من نجد ليصبحوا ولاة ابو بقر البغدادي على شعوب أوروبا والعالم، فكيف تعم ثقافة قطع الرقاب والذبح والسبي، في دولة الإمام المهدي شعوب العالم يسلمون ويصبحون أخوة متساوون، وينزل عيسى المسيح عليه السلام يتبعه العالم المسيحي، لذلك الله عندما رفع عيسى المسيح ع للسماء فهو اكيد احتفظ به لشيء مهم وليس الأمر عبثي.

تحدث تفاهمات واتفاقات بين زعماء كل دول العالم  في أتباع سياسة عادلة، نعم  بدولة الإمام المهدي نحكم دول العالم بالعدل وليس بالسيف والقتل والسبي.

 

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي 

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

24/8/2023

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك