في الاول من ايلول من عام 2019، اعتمد تأريخ استقلال العراق والخلاص من الانتداب البريطاني في الثالث من تشرين الأول عام 1932 تأريخا يحتفى به سنويا، كيوم وطني للعراق.
نبذة تاريخية
بعد عام 2003، ولغاية الان والعراق لا يحتفل بيومه الوطني، ولم يتفق الفرقاء السياسيين على تحديد يوما لذلك.
فقد طرح مجلس الحكم، يوم 9 نيسان 2003 يوما وطنيا للعراق، وهو تاريخ سقوط نظام المقبور صدام حسين على يد القوات الامريكية، لكن هذا التاريخ واجه انتقادات كبيرة ولم يحتفل به.
وعلى مدار 17 عاماً استمر الخلاف على تحديد نشيد وطني للعراق، في حين الوضع القانوني لعلم البلاد هو "علم مؤقت" لغاية الان ولم يشرع بقانون دائمي.
وخضع كل من العراق والاردن وفلسطين ومصر، في عام 1920، للأنتداب البريطاني، اما سوريا ولبنان وتونس والجزائر والمغرب، فقد خضعت للأنتداب الفرنسي.
وهذا الانتداب يكسب الصفة القانونية من عصبة الامم التي شكلت بعد ذلك (مماثله للأمم المتحدة الحالية) بحيث تكون الدولة التي تتولى الانتداب (بريطانيا) هي المسؤولة عن الدولة الخاضعة للانتداب (العراق).
وكان العراق اول الدول الخاضعة للانتداب، والتي تحركت وتمكنت من التخلص منه والحصول على الاستقلال التام والتحول من اقليم الى دولة.
وأصبح العراق الدولة رقم 57 في تسلسل دول العالم والعضو الجديد في هيئة عصبة الامم (المنظمة الدولية وقتها).
وأصدر قرار مجلس العصبة الذي يماثل مجلس الامن الدولي الحالي والذي كان يمثل السلطة التشريعية الدولية آنذاك بالاعتراف بالعراق الدولة 57 وانهاء الانتداب البريطاني الذي كان مفروضاً عليه بموجب ميثاق عصبة الامم.
وقد تمكنت بغداد من الحصول على صفة دولة طبقاً للقانون الدولي في الثالث من الشهر العاشر سنة 1932م وانهاء الانتداب قبل اية دولة عربية اخرى حتى مصر تأخرت في انهاء الانتداب البريطاني الى سنة 1937.
وكان ذلك الانجاز حققته الوزارة التي يرأسها نوري باشا السعيد.
تفاصيل معاهدة لوزان
بعد ان تم عقد معاهدة (لوزان) في 24 تموز 1923 بين تركيا والحلفاء، ظلت قضية الحدود العراقية – التركية معلقة، وغدت هذه القضية ورقة ضاغطة بيد بريطانيا على العراق، وقد اقحمت بريطانيا (عصبة الامم) في تلك القضية وعدت ان تحديد مدة المعاهدة البريطانية لعام 1922 الى 25 سنة تبدأ من 13 كانون الثاني 1926 مرتبط بالاعتراف بولاية الموصل كجزء من العراق.
وخيرت عصبة الامم، الحكومة العراقية بين الموافقة على تحديد المعاهدة والتنازل عن ولاية الموصل لتركيا، فلم يكن امام العراق اي خيار سوى الموافقة على تحديد المعاهدة العراقية لعام 1922 للمدة المقترحة حفاظا على وحدة تراب العراق.
ولم يكن امام مجلس الامة الا ان يقبل هذا التمديد في جلسته المنعقدة 21 كانون الثاني 1926 بأكثرية 58 صوتا ضد 18 صوتا للمعارضة وتغيب عن الجلسة عشرة نواب، حيث كان عدد اعضاء مجلس النواب آنذاك 88 عضوا مفضلا بذلك اهون الشرين! من جانبه، فان ابواب الامل لم تغلق بوجه الملك فيصل الاول لتقصير أمد المعاهدة او تخفيف بنودها ذلك ان مدة 25 سنة كانت مقرونة بعبارة (ما لم يقبل العراق عضوا في عصبة الامم قبل ذلك).
فبرز هدف جديد لسياسة الملك فيصل يقوم على ضرورة الاسراع في الدخول الى عصبة الأمم؛ لان ذلك الدخول سيؤدي الى الغاء العلاقات الانتدابية بين بريطانيا والعراق بصورة رسمية، ولاسيما ان قضية ولاية الموصل قد انتهت وان مجلس عصبة الامم اعترف بكونها جزءا من العراق، اي ان المعاهدة الاولى قد تحولت في الجولة الثانية الى ورقة رابحة بيد الملك فيصل، حيث ان مادتها السادسة نصت على: ـ
(جلالة ملك بريطانيا يتعهد بانه يسعى لإدخال العراق في عضوية عصبة الامم في أقرب وقت ممكن).
ضجة كبيرة
وبعد مباحثات طويلة، رافقتها ضجة كبيرة، تم وضع معاهدة عراقية – بريطانية جديدة في 14 كانون الاول 1927، والذي جاء في مادتها الاولى (بان العراق دولة مستقلة وذات سيادة) وحددت المادة الثانية منها تاريخ ترشيح العراق لعضوية عصبة الامم بعام 1932 (على شرط ان يحتفظ بمستوى التقدم الحاضر وان تسير الاوضاع سيرا جيدا في نفس الفترة) وان تتحسن العلاقات بين الحكومتين البريطانية والعراقية.
وكان الشعب العراقي غير راض عن تلك المعاهدة، وظلت الوزارات العراقية تجادل الجانب البريطاني بوجوب تحقيق دخول العراق في عضوية عصبة الامم من دون قيد او شرط مما اضطر بريطانيا الى اصدار بيان 14 ايلول 1929 الذي رشحت بموجبه العراق لعضوية عصبة الامم في عام 1932 من دون قيد او شرط.
ونتيجة للنقمة على سياسة المعاهدات التي كانت تستبطن روح الانتداب ونصوصه المقيتة عقدت بريطانيا هذه (رابطة) مع العراق في 30 حزيران 1930 جعلتها اساسا للتحالف العراقي – البريطاني وامدها 25 عاما، والذي كان من المفروض تنفيذها بعد دخول العراق عصبة الامم وفي الثالث من تشرين الاول 1932 تم الغاء الانتداب البريطاني على العراق بدخوله عضوا في عصبة الامم وأصبح العراق دولة مستقلة (لذا عد هذا اليوم عيدا وطنيا للعراق).
كيف تم اختياره ليكون عيدا وطنيا
بعد حوارات مكثفة مع زعماء سياسيين وأعضاء في البرلمان العراقي ولجان من مجلس الوزراء ولقاءات مطولة مع باحثين ومؤرخين ومفكرين عبر مؤتمرات إلكترونية متعددة دعا إلیھا وزیر الثقافة السابق، حسن ناظم لاعتماد يوم وطني لجمهورية العراق.
وجرت عملية التصويت في جلسة مجلس الوزراء في الاول من ايلول من عام 2019 على اختيار الثالث من تشرین الأول یوما وطنیا.
وخلال جلسة اعتیادیة لمجلس الوزراء برئاسة مصطفى الكاظمي، صوت المجلس على اعتماد يوم الثالث من تشرین الأول وأحال المشروع إلى مجلس النواب للتصويت عليه واعتماده، والیوم الذي انضم العراق فیه إلى عصبة الأمم أصبح یوماً وطنیا، وعطلة رسمیة یحتفل بھا العراقیون من مختلف الأدیان والطوائف والقومیات بھویتھم العراقیة.
وأھمیة ھذا الیوم، ترجع إلى كونه إعترافا رسمیاً ودولیاً بقیام الدولة العراقیة؛ لیكون من أوائل العرب استقلالا، وتبدأ بعدھا مسیرة العراق المستقل الذي كان وسیبقى قوة مركزیة فاعلة إقلیمیاً وعربیا.
https://telegram.me/buratha